إنّ الأسباب وراء الاكتئاب المبتسم هي نفس أسباب الاكتئاب بشكل عام، إلّا أنّنا نسأل عن السبب وراء إخفاء الفرد اكتئابه عن الآخرين، الذي يتضمن الخوف أو الخجل من أن يراه الآخرين ضعيفاً، الذين يعتبرهم مصدر قوة وإلهام ويستند عليه، كذلك الخوف من سؤال الآخرين عن سبب معاناته، خاصة إذا كان السبب سر يحتفظ به لنفسه، فهو غالباً يعتبر الآخر غير قادر على فهمه وإيجاد حلّ له، فالتعبير عن معاناته لشخص كهذا يشكل تهديدا مضاعف لراحته النفسية، لهذا يفضّل أن يحتفظ بأحزانه لنفسه وقد لا يفهم أنّ حالته هي اكتئاب.
أسباب الاكتئاب المبتسم
- الأزمات العاطفية التي تنتج بسبب الفقد والفشل في العلاقات الشخصية، كذلك الجانب الدراسي والمهني.
- خسارة السند الاجتماعي والثقة في الغير.
- الأزمة المالية التي تؤدي إلى الإحساس بالخوف وعدم وجود الأمن النفسي.
- تحمّل المسؤوليات بشكل مفرط.
- رفع مستوى التوقعات التي تقابلها الخيبة.
- الإحساس بالفراغ والنفص.
- التركيز بمشاكل الآخرين وأزماتهم، كذلك كبت الانفعالات السلبية دون محاولة التنفيس عنها، فتتشكل في ضغط مزمن.
- الخجل من الكلام مع الآخرين؛ خوفاً من الإثقال عليهم.
- الإصابات بأمراض خطير أو مزمنة.
- الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي، ممّا يؤدي إلى مقارنة النفس بالآخرين ومراقبتهم.
لماذا يخفي البعض معاناتهم خلف ابتسامة
يعد الاكتئاب المبتسم واحدًا من أكثر أشكال الاكتئاب تعقيدًا، حيث يبدو الأشخاص الذين يعانون منه ظاهريًا سعداء ومتفاعلين اجتماعيًا، لكنهم في الواقع يكافحون مشاعر الحزن والقلق داخليًا. هؤلاء الأشخاص قد يبتسمون ويبدو أنهم يستمتعون بالحياة، ولكن خلف هذه الواجهة يختبئ اكتئاب عميق، السؤال المهم هو: ما الذي يدفع هؤلاء الأفراد إلى إخفاء اكتئابهم وراء ابتسامة؟ فيما يلي سنستعرض أسباب الاكتئاب المبتسم والعوامل التي تساهم في ظهوره.
1. الخوف من الوصمة الاجتماعية
يعتبر الخوف من الوصمة أحد أبرز الأسباب التي تجعل الأفراد يخفون اكتئابهم. المجتمع غالبًا ما يحمل أفكارًا خاطئة حول الاكتئاب والأمراض النفسية، مما يجعل الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالات يخشون أن يُنظر إليهم على أنهم ضعفاء أو غير قادرين على التحكم في حياتهم. نتيجة لذلك، يحاولون إخفاء مشاعرهم الحقيقية والظهور بمظهر الشخص السعيد لتجنب الحكم السلبي من الآخرين.
2. الضغط الاجتماعي والمجتمعي
تلعب التوقعات المجتمعية دورًا كبيرًا في دفع بعض الأفراد إلى إخفاء اكتئابهم. في العديد من الثقافات، يُتوقع من الأشخاص أن يكونوا أقوياء ومستقلين، ويُنظر إلى إظهار مشاعر الحزن أو الضعف كعلامة على الفشل. هذه الضغوط تجعل الأشخاص يحاولون التأقلم من خلال إخفاء مشاعرهم الحقيقية وارتداء قناع من السعادة لتلبية توقعات المجتمع.
3. الاعتقاد بالقدرة على التغلب الذاتي
بعض الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب المبتسم قد يكون لديهم قناعة بأن بإمكانهم التغلب على مشاعرهم السلبية بأنفسهم، بدون الحاجة إلى المساعدة الخارجية. قد يرون أن طلب المساعدة هو إشارة إلى ضعفهم أو أنهم لا يريدون أن يثقلوا كاهل أحبائهم بمشاكلهم. هذه العقلية تدفعهم إلى إخفاء مشاعرهم والاستمرار في الظهور كأشخاص أقوياء ومستقرين، حتى عندما يعانون داخليًا.
4. القلق بشأن التأثير على الآخرين
الرغبة في حماية الآخرين من الشعور بالقلق أو الضغط قد تدفع بعض الأفراد إلى إخفاء اكتئابهم. الأشخاص الذين يشعرون بالمسؤولية عن رفاهية عائلاتهم أو أصدقائهم قد يحاولون إخفاء مشاعرهم السلبية كي لا يقلقوا أو يؤذوا من يحبونهم. قد يخشون أن يؤثر اكتئابهم على تماسك الأسرة أو أن يصبحوا عبئًا على الآخرين، فيختارون الظهور بمظهر السعادة كوسيلة لحماية أحبائهم.
5. العوامل المهنية
في بعض البيئات المهنية، يمكن أن تؤدي الضغوط المتزايدة إلى إخفاء الاكتئاب، خصوصًا في الأماكن التي تتطلب من الموظفين أن يكونوا دائمًا منتجين ومرنين. الأشخاص الذين يعملون في وظائف عالية الضغط قد يشعرون بأنهم لا يستطيعون إظهار أي ضعف نفسي خوفًا من أن يفقدوا وظائفهم أو يُعتبروا غير مؤهلين للمهام الموكلة إليهم. هذا الخوف المهني يمكن أن يدفع الأفراد إلى تقديم واجهة من السعادة بينما يكافحون داخليًا مع الاكتئاب.
6. المقارنات الاجتماعية
تُعد المقارنات الاجتماعية سببًا آخر للاكتئاب المبتسم. مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل على الأفراد مقارنة حياتهم بحياة الآخرين التي تبدو مثالية. إذا شعر الشخص بأنه أقل سعادة أو نجاحًا مما يظهره الآخرون على الإنترنت، فقد يحاول إخفاء مشاعره الحقيقية واتباع “نمط حياة مثالي” مزيف يتماشى مع ما يراه من حوله. هذا الضغط الاجتماعي قد يؤدي إلى تفاقم مشاعر الاكتئاب وجعل الأفراد يختبئون وراء ابتسامة.
7. الرغبة في الحفاظ على الهوية الاجتماعية
يرغب بعض الأفراد في الحفاظ على صورتهم الاجتماعية باعتبارهم أشخاصًا إيجابيين ومتفائلين، خصوصًا إذا كانوا يعرفون بذلك بين أصدقائهم وزملائهم. قد يشعرون بأن إظهار أي شكل من أشكال الاكتئاب يتعارض مع هويتهم الاجتماعية، فيختارون الحفاظ على تلك الهوية من خلال إخفاء معاناتهم الداخلية وارتداء قناع السعادة.
8. الاكتئاب الوظيفي أو المرحلي
قد يشعر بعض الأفراد أن اكتئابهم هو حالة مؤقتة ناجمة عن ظروف معينة، مثل مشاكل في العمل أو العلاقات، ويعتقدون أن هذه الحالة ستزول مع مرور الوقت. لذا، قد يختارون عدم التحدث عنها أو طلب المساعدة على أمل أن تتحسن الأمور تدريجيًا. في هذه الحالة، يعتمد الشخص على الظهور بمظهر السعادة كوسيلة للتغلب على ما يعتقد أنه حالة مؤقتة.
الاكتئاب المبتسم هو ظاهرة معقدة تنبع من مجموعة متنوعة من الأسباب النفسية والاجتماعية والثقافية. على الرغم من أن الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الاكتئاب قد يبدون سعداء ومتفائلين ظاهريًا، إلا أن مشاعرهم الداخلية قد تكون مليئة بالحزن والقلق. فهم هذه الأسباب والتعرف على العلامات المرتبطة بالاكتئاب المبتسم يمكن أن يساعد في تقديم الدعم المناسب للأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الاكتئاب، ومساعدتهم على التخلص من قناع السعادة والوصول إلى العلاج الذي يحتاجونه.
