أسس الإرشاد النفسي للمراهقين

اقرأ في هذا المقال


إذا كانت الطفولة عنوان المعرفة والتعلّم من الغير، ففي مرحلة المراهقة يبدأ الفرد بتكوين أسس فكرية ويتبناها ويدافع عنها بناء على الثقافة التي نشأ عليها، وتعتبر مرحلة المراهقة مرحلة معرفة الحقيقة حيث تبدأ معالم الرجولة عند الذكور والأنوثة عند الإناث بالظهور بصورة طارئة لا يمكن توقّعها، وتبدأ مرحلة البحث عن الذات والتغيير ومحاولة الاعتماد على الذات بالظهور في مجمل تفاصيل الحياة، ولكن تعتبر هذه المرحلة ذات أهمية كبيرة نظراً لكثرة الأخطاء السلوكية والنفسية المرتكبة خلالها.

ما هي أبرز أسس الإرشاد النفسي في التعامل مع المراهقين

1. توفير نموذج سوي من خلال العملية الإرشادية للاقتداء بها

قد لا يكون المسترشد المراهق على قناعة تامة بالدور الذي تؤديه العملية الإرشادية من تغيير إيجابي في المسلكيات السلبية، حيث يقوم المرشد النفسي باستنساخ أفضل نماذج سوية يقوم من خلالها بالتعامل مع المسترشدين لإقناعهم بأهمية الإرشاد النفسي، وضرورة الخضوع للعملية الإرشادية من أجل التخلّص من الأخطاء الفردية والانتكاسات المتتالية التي أدّت إلى حدوث اضطرابات نفسية أثّرت في سير العملية الإنتاجية للمسترشد وجعلت منه شخص يعاني.

2. إتاحة الفرصة للمراهق لممارسة المسؤوليات الاجتماعية للاندماج في المجتمع

لا يملك جميع المراهقين القدرة واللباقة الكافية من أجل دمجه في المجتمع بصورة منطقية معتادة، فالبعض يصطنع الحواجز الفكرية والنفسية التي تجعل من المجتمع ندّاً له بصورة وهمية افتراضية، وبالتّالي يجد المسترشد المراهق نفسه غير قادر على التواصل الإيجابي السوي مع الآخرين، ليتكّون لديه بعض المفاهيم المعادية للمجتمع معتقداً أنهم أجمعوا بصورة فكرية واحدة على عزله وعدم احترامه، ولكن تقوم العملية الإرشادية على تعزيز مفهوم المسؤولية المجتمعية لدى الفرد وتعزيز قدرته على الاندماج مع المجتمع بصورة أكثر انسيابية.

3. الاهتمام بالتربية الاجتماعية وترسيخ القيم الروحية والخلقية والسلوكية

لا يمكن أن يتمّ تحقيق الانسجام والقبول مع المجتمع ما لم يتمّ تعزيز بعض المفاهيم المتعلّقة بالقيم الروحية والسلوكية والخلقية، وبالتالي يبدأ المسترشد بالنظر إلى المجتمع من زاوية مختلفة بحيث يستطيع أن يرى الحقيقة كما هي لا كما يريدها هو، وهنا تبدأ مرحلة الصراع مع الذات من أجل تعزيز المفاهيم الأكثر ثباتاً وأقرب إلى الحقيقة.

4. تعزيز قدرة المسترشد على الإسهام في حل مشكلاته بنفسه

تقوم العملية الإرشادية على تعزيز قدرات المسترشد في حلّ المشكلات التي يعاني منها بنفسه، وذلك من خلال إدراكه لمرحلة النضج الفكري الذي وصل إليه والذي يساعده على الوقوف والحديث والتعبير عن الرأي والقدرة على المواجهة وإثبات وجهات النظر، ويقوم المرشد النفسي بدور المعلم الذي يوضّح للمسترشد قيمته الحقيقية وقدرته على فهم ذاته، وكيف له أن يعرف الاتجاه الفكري والنفسي الذي يدافع عنه.

5. مساعدة المسترشد المراهق على حسن الاختيار

لعلّ مشكلات سوء الاختيار من أبرز المشاكل التي تؤدي إلى تبعيات نفسية لدى المراهقين، فهم لا يعرفون حقيقة الأشياء كمحترفين في مناحي الحياة العامة والخاصة، ولا يستطيعون أن يكونوا حاسمين في ضبط خياراتهم التي يقومون بها وبالتالي فإنّ الأخطاء التي يقعون فيها تضعف من ثقتهم بأنفسهم وتجعلهم في خوف دائم من صعوبة الاختيار، لذا فالعملية الإرشادية التي تقوم على أسس من الإرشاد النفسي تساعد المسترشد على حسن الاختيار، وكذلك تقوّم من شخصيته وتقوم على صقلها بطرق تثبت من خلالها القدرات العقلية الكامنة لدى المسترشد، وفي هذا الصدد يمكن أن يبدأ المسترشد بالاستقلال الفكري والاعتماد على الذات من خلال الاختيار بالقبول والرفض، ولا يستطيع أن يؤنّب ذاته ويعاقبها إن أخطأ كما كان الأمر في السابق.

6. معالجة مشكلة الصبر والصراعات الداخلية

عادة ما يكون صغار العمر أو المراهقين في عجلة من أمرهم فيقومون بطرح خياراتهم وقراراتهم الصعبة في لحظات دون أدنى تفكير واعي، وهذا الأمر يسبّب لهم الكثير من الحرج والفشل وعدم القدرة في السيطرة على الذات، حيث يقوم المرشد النفسي من خلال العملية الإرشادية بمعالجة مشكلة الصبر والتأني في اتخاذ القرارات وخاصة الحاسمة منها.

كما ويقوم المرشد النفسي بعلاج الصراع الداخلي الذي يدور في نفس كلّ مراهق وعدم قدرته على معرفة الحقيقة، وإدراكه أنّ مرحلة الطفولة التي كان يعيشها وكان من خلالها يعتمد على الآخرين قد ولّت، وأنّ المرحلة الحالية هي مرحلة الاعتماد على الذات ومرحلة القرارات الصعبة، ولا يمكن أن يتم تحقيق هذا الأمر إلّا من خلال الإيمان المطلق بالعملية الإرشادية وقدرتها على العلاج الإرشادي.


شارك المقالة: