أهداف الإرشاد الجشطلتي

اقرأ في هذا المقال


ترى مدرسة الجشطلت أنّ التعليم يقوم على الفهم الكلي للموقف برمّته، هكذا يكون التعلُّم ضرباً من التفكير والتأليف والابتكار أو على حد قولهم ضرب من الاستبصار أي الإدراك الفُجائي لما بين أجزاء الموقف الكلي من علاقات أساسية. لا تؤمن مدرسة الجشطلت بأثر المحاولات والأخطاء في عملية التعلم، لكنّها تذكِّر أنّه تخبُّط أعمى لا صلة له بالمشكلة، الصحيح هو أنّ الإنسان حتى في مُحاولاته يحاول أن يُجرِّب بصورة كُليَّة الموقف الذي يتعامل معه.

نظرية الجشطالت

الجشطلت كلمة ألمانية لم يستطيع أحد ترجمتها إلى الإنجليزية أو العربية، فهي ترجمة دقيقة، لذا ظلّت هذه الكلمة جزء من مصطلحات علم النفس المُستخدمة عالمياً.

الجشطالت تعني الصيغة، الشَّكل، النموذج، الهيئة، النمط، البنية، الكل المنظم، نظام تكون فيه الأجزاء المكونة له مترابطة ترابط ديناميكي فيما بينها وفي ما بين الكل ذاته، هي كل متكامل، كل جزء فيه له مكانه ودوره ووظيفته التي تتطلبّها طبيعة الكُل.

النظرة للإنسان في مدرسة التحليل النفسي

رغم أنّ بيرلز قد تدرَّب في الأساس في مدرسة التحليل النفسي، فقد تأثَّر في جانب من تطويره للعلاج الجشطالتي بالتحليل النفسي، إلَّا أنّ نظرة العلاج الجشطالتي للناس قريبة من وجهة نظر المدرسة الإنسانية، فهو يرى الطبيعة الإنسانية ككل تشتمل على أجزاء مختلفة تصنع بمجموعها إنسان متفرد، يرى أنّ الأفراد يبدأون الحياة معاً، لكنَّهم حينما ينمون ويكبرون ويواجهون الخبرات والمشاعر والمخاوف في الحياة، فإنّ ذلك يتسبّب في فقدان أجزاء من أنفسهم تقتطع من الكل أو ما يسمَّى بالجشتالت، فإذا أرادوا حياة فيها تحقيق للذات وللأهداف، فعليهم أن يعيدوا تلك الأجزاء إلى الكل. إنّ الإرشاد الجشطالتي يعمل على إعادة توحيد الأجزاء مع الشخص ككل.

الإنسان كل لا يتجزأ، فهو ليست مجموعة أجهزة بل كل متكامل، لا يمكن فهم الأجزاء من انفعالات وأفكار وأحاسيس وإدارك خارج إطار الشّخص كلِّه، إنّ الإنسان هو أيضاً جزء من بيئته الخاصَّة لا يمكن فهمه خارج إطار هذه البيئة أو بمعزل عنها، إنّ الإنسان بجميع أجزائه هو الذي يختار كيف يستجيب للمثيرات الخارجية والداخلية، إنّه فاعل في العالم الذي يعيش فيه وليس مجرَّد مستجيب.

أهداف الإرشاد الجشطلتي

المسترشد يستطيع أن يعمل أشياء كثيرة إيجابية

بذلك تتم مساعدة المسترشدين على تحقيق قوتهم الذاتية وإمكانياتهم الخاصَّة، تسهيل تحرُّك المسترشد من الاعتماد على البيئة وتلقِّي المساندة منها إلى الاعتماد على الذَّات، أيضاً مُساعدته على النُّمو والنُّضج وأن يتحرَّك نحو تحقيق الذَّات.

لاحظ بيرلز أنّ هذا الهدف لا يتحقَّق بسهولة، حيث يقول أنّ القليل من الناس هم الذين يذهبون للعلاج طلباً للشفاء، إنّما هم يأتون ليحسنوا حالة الأعصاب لديهم، عادةً فإِنّ المسترشدين يُحاولون دفع المعالج إلى مُساندتهم بنفس الطريقة التي تعلّموا بها أن يدفعوا الآخرين، بالتالي يجب أن يكون هدف العلاج هو أن تجعل المريض لا يعتمد على الآخرين.

المساعدة على النضج وتكامل الشخصية

تكامل الشخصية والمساعدة على النُضح، حيث أنّ بعض الأفراد يأتون إلى العلاج في صورة غير مُكتملة، لأنّه يكون عليهم أن يبقوا على صورة الذّات المفروضة عليهم من خارِجهم، فإنّهم يقسمون أنفسهم إلى أجزاء عن طريق الإسقاطات والانثناءات، فيكُون هدف الإرشاد هنا هو إعادة توحيد وإدماج الأجزاء المُنفصلة.

مساعدة المسترشدين على تحمل المسؤولية

مساعدة المسترشدين على تحمُّل المسؤولية عن تصرفاتهم وقراراتهم واستجاباتهم وعن الأجزاء والجوانب المبعدة من الذات، حين نجد أنّ هؤلاء الأفراد صاروا يتقبلون المسؤولية مع الجوانب المبعدة والمتجزئة من ذواتهم، فإنّهم يكونون متجهين نحو تحقيق التكامل في شخصياتهم.

الوعي بالحاجات

يتمثل بحيث يحتاج التحرُّك من مساندة البيئة إلى المساندة الذاتية من داخل الفرد نفسه إلى تحقيق الوعي بالحاجات والوعي بالأجزاء المنفصلة عن الذات. يعتبِر بيرلزان الوعي بحد ذاته شافياً، فعندما يكون الأفراد واعين فأنّهم يقومون بالأداء تبعاً للقاعدة الصحيحة للجشطالت.

استعادة الوعي يعتبر هدف هام للمرشد، هذه الأهداف تتشابك وتتداخل مع بعضها، وإحراز التقدُّم في أيِّ هدف منها يؤثر إيجابياً في تحقيق باقي الأهداف، فعندما يبدأ الفرد في تحمُّل المسؤولية يصبح واعي بالسلوكيات التي يسأل عنها، في أثناء تقبُّله للمسؤولية فإنّ الأجزاء المُنقسمة من ذاته تبدأ في التكامل والاندماج مع بعضها، تعود إلى الشخص وتنقل الجشطالتات المفتوحة أو غير المكتملة، بالتالي تتوفَّر كميَّة أكبر من طاقة التدخُّل في تنظيم الذَّات، لا يقتصر الأمر على تشابك وتداخل هذه الأهداف، إنّما أيضاً نلمس اتساع مداها وعموميتها.


شارك المقالة: