أهم قضايا السببية العامة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يخاطر بعض علماء النفس والمدافعين بإرساء السببية العامة في علم النفس في نموذج أو ادعاء أخلاقي متنازع عليه بشكل معقول حول الحقيقة النفسية، على الرغم من أن البعض يجادل بأن هذه هي الطريقة الوحيدة المناسبة للدفاع عن الفكرة من حيث طرح النموذج المثالي المزعوم على مستوى من التجريد يضمن بقاءه علنيًا بشكل مناسب يستلزم بعض القضايا المهمة.

أهم قضايا السببية العامة في علم النفس

يسرد بعض علماء النفس بإيجاز بعض الموضوعات الإضافية التي أصبحت من أهم قضايا السببية العامة في علم النفس، والتي يمكن توضيحها من خلال ما يلي:

1- الظروف غير المثالية

غالبًا ما يتم تقديم فكرة السببية العامة في علم النفس على أنها نموذج معياري، مثل الطريقة التي يجب أن يتم بها تبرير قواعدنا الأخلاقية أو السياسية من الناحية المثالية، وكذلك الطريقة التي يجب على الأفراد بشكل مثالي الانخراط في المداولات والمناقشة من خلالها، حيث ينص علماء النفس على سبيل المثال على أن وصفهم للسببية العامة ينتمي إلى مفهوم مجتمع ديمقراطي منظم جيدًا.

والذي يقصد به المجتمع حيث أن الجميع يقبل ويعرف ذلك يقبل البعض الآخر نفس مفهوم العدالة أو على الأقل يقبل الجميع بعضو من عائلة المفاهيم العقلانية، ومن المعروف للجمهور أن الهيكل الأساسي للمجتمع يحقق هذا المفهوم ويتمتع الأفراد عادة بحس فعال للعدالة.

ولكن ما الذي يستلزمه وجود السببية العامة في علم النفس في الظروف غير المثالية؟ يشجعنا بعض أنصار السببية العامة في علم النفس على مراعاة الواجب الأخلاقي للسلوكيات والمواقف الاجتماعية في حياتنا ولكن إذا كان واجب هذه السلوكيات والمواقف مصممًا لظروف مثالية، فمن غير الواضح ما إذا كان يمكن تطبيقه أو كيف يمكن تطبيقه في ظل ظروف أقل من مثالية.

على سبيل المثال تتضمن العديد من حسابات السببية العامة في علم النفس مبدأ الإخلاص الذي يوجه الأفراد لدعم تلك المبادئ أو القواعد التي يعتقدون بصدق أنها تلبي اختبار السببية العامة في علم النفس، لكن هل ما زال هذا المطلب مطبقًا في ظروف لا يتبنى فيها كثير ممن نجادل معهم فكرة السبب العام، وقد يتصرفون بشكل استراتيجي أو ساخر فقط؟

بالمثل إذا كنا نعتقد أن مؤسساتنا الاجتماعية الحالية لا يمكن تبريرها علنًا أو لا تلبي الحد الأدنى من متطلبات العدالة، فهل تنطبق متطلبات السببية العامة في علم النفس مع ذلك على مداولاتنا وخطابنا الخاص بها، أو هل تنطبق هذه المتطلبات بمجرد أن تكون المؤسسات عادلة بشكل معقول مؤمنة؟ للإجابة يتوجب وجود المثالية.

2- مشاكل التمديد

هناك اعتراض مهم على فكرة السببية العامة في علم النفس يتمثل في قضية مشاكل التمديد وهو أنه سيثبت أنه غير مكتمل؛ أنه يفتقر إلى الموارد النظرية اللازمة لتقديم إجابات للعديد من الأسئلة الأخلاقية أو السياسية المهمة التي نواجهها، على الرغم من أن هذا الاعتراض غالبًا ما يتم التعبير عنه من قبل منتقدي السببية العامة، إلا أن الأدبيات الحالية تقدم القليل نسبيًا في طريقة التحليل المفصل لكل حالة على حدة لمعقولية هذه القضية.

على وجه الخصوص تبدو قضية عدم الاكتمال أكثر منطقية عندما نفكر في بعض مشاكل التمديد، أي الموضوعات التي يكون من غير الواضح ما إذا كان يمكن توسيع السببية العامة في علم النفس لتقديم إجابات معقولة، تتضمن بعض الأمثلة على هذه المشكلات في ماهية المبادئ التي يجب أن تنظم معاملتنا للأجيال القادمة.

وماهية المبادئ التي يجب أن تنظم معاملتنا للطبيعة، وماهية المبادئ التي يجب أن تنطبق على القرارات المتعلقة بتوفير الرعاية الصحية، حيث أن لكل من هذه القضايا هناك أمر معقول فالقضية الواضحة أن مداولاتنا يجب أن تكون مستنيرة من خلال اعتبارات تتجاوز حدود السببية العامة في علم النفس وتستأنف الادعاءات المثيرة للجدل حول الوضع الأخلاقي للأشخاص المستقبليين، أو ادعاءات معينة حول ما يشكل ازدهار الإنسان.

3- قضية السبب العام العالمي

قضية أخرى ذكرها بعض علماء النفس كمشكلة امتداد هي موضوع العلاقات الاجتماعية العالمية، لكن موضوع هذه العلاقات قد لا يكون مجرد مشكلة امتداد، أي أنه قد لا يكون مجرد مسألة ما إذا كان من الممكن توسيع بعض التفسيرات الحالية للسبب العام لتقديم الإجابات اللازمة على الأسئلة المتعلقة بالعلاقات الاجتماعية أو العدالة العالمية.

هناك أيضًا سؤال آخر حول ما إذا كانت المبادئ التي تنظم العدالة الاجتماعية أو العالمية تتطلب مفهومًا مستقلًا أو منفصلًا للسببية العامة العالمية، قد تستأنف القضية لصالح تفسير منفصل للسبب العام العالمي ثلاث حقائق على الأقل.

أولاً، إذا كانت الأفكار الأساسية التي تشكل أساس السببية العامة في علم النفس محلية وتعتمد على الثقافة العامة أو السياسية المشتركة، يبدو أن السببية العامة العالمية تتطلب أساسًا مختلفًا؛ لأنه إما لا توجد ثقافة سياسية مشتركة تغطي جميع الأفراد ككل، أو أن الثقافة المشتركة تبدو مختلفة تمامًا عن ثقافة الجميع.

ثانيًا، إذا لم يكن الفاعلين المعنيين في الساحة المشتركة أو الجماعية أشخاصًا فرديين في المقام الأول، ولكنهم بالأحرى دول أو كيانات جماعية أخرى، فقد تتطلب السببية العامة مفهومًا مختلفًا تمامًا لمكونات العقل العام.

ثالثًا، وعلى نحو متصل إذا افترضنا أن المجتمع العالمي الذي ينظمه مفهوم السببية العامة يتكون من دول مختلفة، يتم تنظيم كل منها داخليًا من خلال أشكالها المحلية الخاصة بالسببية العامة، فإننا نواجه العديد من الأسئلة المتعلقة بالعلاقة بين هذه الدول المحلية والمبادئ العالمية، على سبيل المثال إمكانية أن تتعارض هذه المبادئ وإذا كان الأمر كذلك كيفية الحكم في مثل هذه النزاعات.

4- قضايا الضمان والاستقرار والدعاية والثقة

على الرغم من أن فكرة السببية العامة هي في الأساس وجهة نظر حول تبرير القواعد الأخلاقية أو السياسية، فقد يكون لها وظائف اجتماعية مهمة أخرى، حيث يقترح بعض علماء النفس أن السببية العامة تلعب أيضًا دورًا أساسيًا على الأقل  في إرساء ضمان متبادل فيما يتعلق بالالتزام بمفهوم عام للعدالة بين الأفراد بشدة حول الأمور الأخلاقية والفلسفي.

وفقًا لوجهة النظر هذه يحتاج الأفراد إلى التأكد من أن الآخرين ملتزمين بالعدالة لكي يعرفوا أن التصرف من منطلق إحساسهم الخاص بالعدالة ليس شيئًا يندم عليه، بدون هذا التأكيد قد يشعر الأفراد بالقلق بشكل معقول من أن التصرف العادل يتعارض بشكل كبير مع مفهومهم الضيق للخير، وفي هذه الحالة لن يكون المجتمع مستقرًا ومنظمًا جيدًا في قواعد عاطفية مشتركة.

يعتمد مدى قيام فكرة السببية العامة أو يمكن أن تؤدي هذه الوظيفة الاجتماعية على الإجابات على العديد من الأسئلة الإضافي، على سبيل المثال تعتمد إمكانية عمل السببية العامة كآلية للضمان المتبادل على كيفية تفسيرنا للواجبات التي يفرضها السبب العام على الأفراد العاديين في كيفية تمكن الأفراد العاديين أن يقدموا تأكيدات مرضية لبعضهم البعض بأنهم في الواقع ملتزمين بإخلاص بمفهوم السببية العامة.

في النهاية نجد أن:

1- أهم قضايا السببية العامة في علم النفس تعبر عن نموذج أو ادعاء أخلاقي متنازع عليه بشكل معقول حول الحقيقة النفسية، وهو الطريقة الوحيدة المناسبة للدفاع عن الفكرة من حيث طرح النموذج المثالي.

2- تتمثل أهم قضايا السببية العامة في علم النفس من حيث وجود الظروف المثالية، ووجود قضية مشاكل التمديد، وقضية السبب العام المشترك والعالمي، وقضايا الضمان والاستقرار والدعاية والثقة.


شارك المقالة: