إدمان العمل وتأثيره على الصحة النفسية

اقرأ في هذا المقال


العمل المأجور في بعض الأحيان هو مصدر قلق مركزي في حياة الناس، ومع هذا فإن هذا الموقف من العمل يضرّ بهم أكثر مما يساعد، إذ تُظهِر الأبحاث أن إدمان العمل يمثل مشكلة متنامية ووفقًا لنتائج دراسة حديثة، فإن إدمان العمل مرتبط بصحة نفسية سيئة.

إدمان العمل وتأثيره على الصحة النفسية

الإدمان على العمل هو حالة سريريه تتميز باهتمام وسواس قهري بالعمل، وعادة ما يعمل الناس أكثر مما هو مطلوب منهم إما بسبب مكان العمل أو بسبب الحاجة المالية، وتشمل الخصائص الأخرى القلق بشأن أدائهم في العمل والتفكير الصارم والكمال، والذي غالبًا ما يسقط على الآخرين.

يدفع الأشخاص الذين يعانون من إدمان العمل إلى العمل بشكل مفرط، على الرغم من الآثار الضارة لذلك على صحتهم النفسية والشخصية ورفاهيتهم وعلاقاتهم، غالبًا ما يعاني الأشخاص المعرضون لخطر الإصابة بإدمان العمل من تدني احترام الذات، أو لديهم شك بشأن أدائهم في العمل، أو لديهم سمات شخصية وسواسيه قهرية.

الأثر السلبي لإدمان العمل على الصحة النفسية

أظهرت العديد من الدراسات الأثر السلبي لإدمان العمل على الصحة النفسية، حيث درس الباحثون ما مجموعة 187 عاملاً من مجموعة من المهن والتركيبة السكانية المختلفة، طُلب منهم الإجابة على أربعة استبيانات مختلفة، ووجدوا أن متطلبات العمل المرتفعة والأشخاص الذين عملوا في أدوار عالية الضغط، على سبيل المثال المديرين ذوي المسؤوليات الأكبر، كانت أهم العوامل التي تسهم في خطر إدمان العمل.

إذ كان هذا مصحوبًا بالعمل لساعات أطول من المطلوب مع اتباع نهج مهووس في العمل، وكان هناك خطر أكبر لتطوير إدمان العمل، كما تبين أن النساء أكثر استعدادًا لتطوير إدمان العمل من الرجال، على الرغم من أنه ليس من الواضح تمامًا سبب زيادة احتمالية إصابة النساء بإدمان العمل، إلا أن أبحاثًا أخرى توصلت إلى نتائج مماثلة.

كان العاملون المصابون بالاكتئاب أكثر عرضة للإصابة بإدمان العمل مقارنة بمن لا يعانون من مشاكل نفسية، كما تم تحديد نوعية النوم السيئة ومستويات عالية من التوتر وانخفاض مستويات الرفاهية العامة كعوامل خطر عالية.

وكان الأشخاص في أدوار الضغط العالي أكثر عرضة للإصابة بإدمان العمل، على الرغم من أن حجم عينة هذه الدراسة كان صغيرًا، إلا أن الأبحاث السابقة أظهرت أيضًا أن إدمان العمل مرتبط بالاكتئاب والتوتر واضطرابات النوم وانخفاض الصحة العقلية، كما تم الإبلاغ عن الإرهاق.

استراتيجيات الحد من تأثير إدمان العمل على الصحة النفسية

1- يعتبر إدمان العمل أكثر شيوعًا في البلدان الصناعية حيث يعد أداء العمل مقياسًا للنجاح، ويشير هذا إلى أن الأفكار النيوليبرالية حول العمل لها تأثير في زيادة خطر إدمان العمل، هذه الأفكار تضع ضغوطاً على أعباء العمل والأداء في العمل من أجل تعزيز النمو الاقتصادي، كما أنها تركز على زيادة مسؤوليات الشخص في العمل.

2- بالنظر إلى أضرار إدمان العمل، سوف يكون من الضروري إجراء تغييرات جذرية في كل من أماكن العمل والمجتمع. وسوف يتطلب هذا من المجتمع التوقف عن النظر إلى العمل كأداة محورية للأداء والنمو، وبدلاً من ذلك إعطاء قيمة وأهمية أكبر لصحة ورفاهية العامل، على المستوى الفردي والجماعي.

3- يمكن أن يحدث الدعم والتغيير بالفعل في مكان العمل نفسه، ولهذا السبب من المهم لأصحاب العمل التعرف على متطلبات العمل والتعامل معها بطريقة إيجابية، وإن ارتفاع مستوى الأمن الوظيفي وفرص التنمية قد خفّض من مشكلة إدمان العمل.

4- اقترحت دراسات أخرى أن تدخلات التوازن بين العمل والحياة يمكن أن تقلل من المخاطر أو إدمان العمل، على سبيل المثال، إذا قللت أماكن العمل من ساعات العمل بشكل فعال لمنح الموظفين فرصة لقضاء المزيد من الوقت مع أسرهم، فقد يتسبب ذلك في الواقع إلى أداء عمل أفضل، كما أن ساعات العمل الأقل قد تقلل الصراع الأسري للعمال، إذ يستطيع الموظفون الانخراط  في وقت الأسرة بشكل أكثر جدوى.

5- كما أثبت أن تعزيز التوازن بين العمل والحياة يزيد من الصحة الجسدية والنفسية، والمرونة الشخصية للعمال، وتساعد الموازنة بين الوقت والطاقة المستخدمة في العمل والحياة الشخصية على الشعور بالتحسن، وبالتالي تحسين الصحة العقلية والبدنية.

6- كل هذا يشير إلى أن أماكن العمل يجب أن تطور مبادرات التوازن بين العمل والحياة، وتوفر فرصًا للتطوير الوظيفي وزيادة الأمن الوظيفي لمنع حدوث إدمان العمل، قد تؤدي هذه التغييرات أيضًا إلى تقليل التوتر والتغيب مع تحسين الأداء، لكن ليس كل أماكن العمل بها هذا النوع.

في النهاية يمكن القول بأن التوازن الأفضل بين العمل والحياة سوف يساعد، ولكن قد يكون هذا أمرًا صعبًا للغاية؛ لأنه يتطلب تعديل الأنماط اليومية وتغيير طريقة تفكير الشخص وشعوره، ولكن إذا كان الشخص قادر على تحقيق التوازن بين العمل والأنشطة الأخرى، مثل رؤية العائلة والأصدقاء أو ممارسة الرياضة أو الاستمتاع بالهوايات، فسوف تتحسن الصحة النفسية والجسدية.


شارك المقالة: