اقرأ في هذا المقال
إن اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة وراثياً إلى حد كبير يدل على أنهم في الواقع معنيون برعاية عائلات تواجه اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، إذ غالباً ما يتساءل الأهل المصابون باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة في البداية عن إمكانية إجراء تشخيص لأنفسهم في حالة تشخيص الحالة لدى أطفالهم، وقد ينشدون المعلومات من العيادي أو الاختصاصي الذي يتابع أطفالهم فيما يتصل بالتقييمات والعلاج الذي يخصهم.
اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة لدى الراشدين
ينبغي الكشف عن التأثيرات العكسية الكامنة لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة المتعلق بالوالدين على الرعاية الأبوية والوفاق الزوجي ومعالجتها، حيث يحتمل أن يكون لهذه العوامل تأثير كبير على أعراض الطفل وعلى مدى نجاح علاجه، ويعني حوالي (60%) من الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة من أعراض تستمر حتى مرحلة الرشد.
وعلى الرغم من الافتقار إلى دراسات متعمقة تتعلق بالعوامل المسببة للاضطراب والمؤثرة في علاجه لدى الراشدين، فيمكننا التقدير استناداً إلى مدى انتشاره لدى الأطفال باحتمال إصابة (1% إلى 3%) من الراشدين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة.
وتشير الدراسات التي أجريت على مستوى الأسرة الواحدة إلى تزايد كبير في خطر الإصابة باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة من قبل والدي وإخوان الأطفال المصابين بالاضطراب، وأيضاً من قبل الإخوان وأطفال الراشدين المصابين بالاضطراب ذاته.
ويبدو أيضاً أن هناك خطورة متزايدة للإصابة باضطرابات أخرى من قبل والدي الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، بما فيها الاضطرابات المعادية للمجتمع واضطرابات إساءة استعمال العقاقير، وطبيعة اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة وسماته العيادية لدى الراشدين لقد ساهم العرض المتنامي لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة لدى الراشدين في الأدبيات غير المتخصصة إلى تزايد أعداد الراشدين الراغبين في إجراء تقييم لهذا الاضطراب لديهم.
وبالمقارنة مع وضع الأطفال فإن نسبة أعلى من الأفراد الراشدين الذين يرغبون بإجراء تقييم أولي هم من الإناث، وتشمل المشكلات الرئيسة المحددة لهؤلاء الراشدين في وجود صعوبات حادة في العمل أو في إقامة العلاقات وضعف التنظيم أو الذاكرة وصعوبات في التفكير الواضح وتشويش في التفكير، وبالإضافة إلى مشكلات في الأوضاع النفسية، ولا تختلف الصفات الرئيسية لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة لدى الراشدين عن تلك المتعلقة بالأطفال، ومن جانب آخر قد يتم التعبير عن هذه الأعراض بطريقة مختلفة بالنسبة للراشدين والأطفال.
ويذكر بأنه يحتمل أن تكون هذه الأعراض أيضاً أقل عدداً من تلك التي تظهر لدى الأطفال، وعلى الرغم من ذلك يعاني الراشدون من قصور وظيفي كبير بسببها، وتمثل هذه الصفات المتعلقة باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة لدى الراشدين عدد من المخرجات أو النتائج التأثيرية، مثل النزاعات المزمنة مع الأقران والأزواج وضعف التحصيل الدراسي وتزايد السلوكيات المعادية للمجتمع وتزايد اضطرابات الحصر النفسي.
7- أن معظم الدراسات، قد قارنت الأفراد المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة مع مجموعات ضابطة غير مصابة وليس مع مجموعات ضابطة لديها اضطرابات طبية عقلية، بالتالي لم يمكننا الافتراض بأن هذه النتائج خاصة باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، وإضافة إلى ذلك لا يعتبر مدى الانتشار المتزايد للسلوك المعادي للمجتمع في مرحلة الرشد منتظماً بل إنه يشبه مرحلة المراهقة، حيث يعتبر ذا ارتباط كبير مع التشخيص المسبق لاضطراب السلوك.
تشخيص اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة لدى الراشدين
يظل الباحثون والعياديون على السواء يفكرون في أفضل وسيلة لتقييم الراشدين المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة واضطراباته المصاحبة الشائعة، وحيث إنه من المتفق عليه على نطاق واسع أن تشخيص اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة لدى شخص راشد، يشير إلى ضرورة معاناته خلال مرحلة الطفولة من أعراض حققت المعايير التشخيصية لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، فلابد أن هذه الأعراض استمرت بطريقة ما حتى الوقت الحاضر أي لابد من حصول استمرارية أو استقرار للأعراض.
وأما بالنسبة للأعراض الحالية فينبغي توافرها إلى حد، يسبب إعاقة وظيفية حتى يتم تأكيد تشخيص الاضطراب، وليس من الواضح فيما إذا كان إجراء مقابلة مع الراشد بمفرده سيفضي إلى تحقيق ثبات كاف في عملية التشخيص، بالتالي يجدر التأكد من الأعراض الظاهرة وتحليلها حيثما كان ذلك ممكنا، وذلك عن طريق إجراء مقابلة مع مقدمي معلومات وآخرين من مثل زوج المريض أو شريكه أو والديه أو إخوانه أو أصدقائه المقربين، وبمقدور الوالدين والإخوان على وجه الخصوص تقديم معلومات مهمة متعلقة بظهور الأعراض خلال مرحلة الطفولة.
غير أن بعض المرضى قد يفضلون عدم الكشف عن هذه الأعراض للأسرة أو الأصدقاء أو الزملاء في العمل، وقد لا يكون الآخرون على علاقة طيبة مع أعضاء الأسرة، وقد يعود سبب ذلك إلى معاناتهم من أعراض اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، ومن ناحية أخرى فإنه يوصي أيضاً باستعراض سجلات المدرسة السابقة، بما فيها بطاقات الإشعار ونتائج الاختبارات المقننة، إذ يكون الاطلاع على السجلات الأكاديمية مفيداً على وجه الخصوص وذلك للكشف عن وجود صعوبات تعليمية مؤثرة مصاحبة.
فقد تكون المراجعة الدقيقة للسجلات المدرسية ضرورية للتمييز بين الأداء الأكاديمي غير الطبيعي، والذي قد يكون مؤشراً قوياً على وجود أعراض اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة ووجود صعوبة تعلمية محددة، من مثل صعوبة متواصلة في القراءة، وغالباً ما تكون تعقيبات المدرسين ذات الصلة ثاقبة وكاشفة، كما أنها تنطوي بوضوح على فائدة كامنة لتمييز أعراض فرط الحركة والاندفاعية المتعلقة بالطفولة، والتي عادة ما تختفي مع مرور الوقت.
وقد تدعو الحاجة أحياناً للحصول على معلومات من التقييمات التربوية أو النفسية أو العصبية أو الطبية العقلية السابقة، مما يساعد أيضاً في تحديد حدة الأعراض الظاهرة، وقد لا يكون الوصول إلى السجلات السابقة في بعض الأحيان ممكناً؛ بسبب سن الراشد أو موقع السكن، ولا ينطوي الدليل التشخيصي والإحصائي على مناقشة مخصوصة بتشخيص اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة لدى الراشدين في الوقت ذاته، وهناك اهتمام بتقرير فيما إذا كانت المعايير المطبقة على الأطفال تنطبق هي ذاتها على الراشدين أيضاً.
وفي الختام جاءت مساهمات العديد من العلماء والتي كان لها أهمية كبيرة في تقييم اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة لدى الراشدين، إذ قاموا بتطوير معايير ومقاييس تقدير خاصة لهذا الغرض، ويشير تحليل العوامل وفقاً لمقاييس تقدير المحددة إلى وجود خمسة عوامل بالنسبة للذكور والإناث ذوي اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، وذلك على الرغم من تباينها إلى حد ما تبعاً للجنس، وتتضمن هذه العوامل بالنسبة للذكور مشكلات السلوك ومشكلات التعلم وقصور تحمل الضغط ومشكلات الانتباه، وضعف المهارات الاجتماعية.