التفكير والاتجاهات الساذجة عند الإنسان

اقرأ في هذا المقال


لدى كلّ منّا اتجاه ونظرة من خلال التفكير بالأشياء، وتقييم الآخرين، ومن بين تلك الاتجاهات ما يمكن وصفه وتقييمه على أساس ملاحظتنا السطحية لسلوك الآخرين وتفسيره تفسيراً لا يقوم على استخدام المعايير.

ما هي الاتجاهات الساذجة

الاتجاهات الساذجة هي أنماط تفكير أو تفسيرات للأحداث تستند إلى رؤى سطحية وغير دقيقة. يعاني بعض الناس من ميل طبيعي إلى تبسيط الأمور المعقدة، والتعامل مع التحديات بعقلية مختصرة وسريعة دون التعمق في التفاصيل. هذا قد يؤدي إلى استنتاجات خاطئة، لأن العوامل المعقدة غالبًا ما تحتاج إلى تحليل دقيق وشامل.

تظهر السذاجة في التفكير عندما يتخذ الفرد موقفًا أو قرارًا بناءً على معلومة ناقصة أو على افتراضات غير مدروسة. ومن الأمثلة الشائعة على ذلك: الاعتقاد بأن الحلول البسيطة تنطبق على المشكلات المعقدة، أو الحكم على الآخرين بناءً على مظهرهم الخارجي فقط دون التعرف على شخصياتهم الحقيقية.

كيفية إطلاق الأحكام على الآخرين

ما نراه في الآخرين مبنيّ على استعداداتنا واتجاهاتنا ودوافعنا واهتماماتنا وتحيزاتنا، ومن خلال خبراتنا السابقة وتجاربنا العملية العميقة، حيث يمكننا أن نصدر أحكاماً على الطبيعة البشرية للآخرين بشكل موضوعي، يعتمد على الخبرات المتراكمة لا على المعرفة العلمية.

فالذي ندركه في الآخرين، ونطلق الأحكام بناء عليه، يعتمد بشكل كلّي على النوايا التي نضفيها على سلوكهم، أي أنّنا نُسقِط على الآخرين تفسيراتنا لسلوكهم ونواياهم، فلا يمكننا وصف سلوك طفولي طائش لدى صغير مثلاً بأنه سلبي، وبناء عليه نطلق أحكاماً.

أحكامنا تتأثر بالعديد من المؤشرات والدلائل السلوكية، أهمها الخصائص الجسمية والاستجابات الاجتماعية ،وتتضمن الخصائص الجسمية تعبيرات الوجه وحركة الجسم واليدين والملابس وخط اليد وطريقة التحدث، أمّا الاستجابات الاجتماعية فإنها تعكس دورنا الاجتماعي سواء كان واقعياً نتصوّره أو نمارسه.

ويمكن وصف المقابلة كأكثر وسيلة سطحية في الحكم على شخصية الآخرين، حيث تفتقر إلى الدقّة في إطلاق الأحكام على الآخرين، ولا تعتبر المقابلة أداة اختبار دقيقة، حيث أنه لا يمكننا اكتشاف الخصائص الأساسية للشخصية والأخلاق .

فالتفسيرات الساذجة للشخصية محكوم عليها بالفشل كونها سطحية وغير مبنيّة على أسس صحيحة، وبالتالي يكون وصف الآخرين وتقدير المواقف غير دقيق.

أسباب الاتجاهات الساذجة في التفكير

تنبع الاتجاهات الساذجة من عدة عوامل، بعضها يعود إلى بيولوجيا الدماغ، والبعض الآخر يتعلق بالتربية والبيئة الاجتماعية. إليك بعض الأسباب:

  • التفكير السطحي: قد يكون الإنسان ميالاً إلى القفز إلى استنتاجات سريعة دون التحقق من الأدلة أو الفهم الكامل للموضوع.

  • التحيز المعرفي: نحن مبرمجون لنعتمد على تجاربنا السابقة ومعتقداتنا الحالية لاتخاذ القرارات، مما قد يقودنا إلى تفسير الأمور بشكل مريح لنا حتى وإن كانت الحقائق غير متطابقة.

  • الخوف من المجهول: قد يفضل الإنسان تبني الأفكار السهلة والواضحة بدلاً من مواجهة التعقيدات التي قد تسبب له عدم اليقين أو القلق.

  • التنشئة الاجتماعية: بعض الأشخاص يكبرون في بيئات تشجع على التفكير المحدود أو تحصرهم في نماذج محددة من التفكير دون إعطائهم الفرصة لتوسيع آفاقهم أو التفكير النقدي.

أشكال التفكير الساذج

تتعدد أشكال التفكير الساذج عند الإنسان، وتتجلى في مواقف وسلوكيات عدة. فيما يلي بعض أبرز هذه الأشكال:

  • التعميم المفرط: يتجه بعض الأفراد إلى تعميم تجربة أو حادثة فردية على جميع الحالات المشابهة. على سبيل المثال، إذا تعامل شخص مع فرد غير لطيف من ثقافة معينة، فقد يعمم أن كل أفراد تلك الثقافة سيئون.

  • الاعتماد على الحظ أو الصدفة: كثير من الناس يؤمنون بأن الحظ هو العامل الرئيسي في تحقيق النجاح أو الفشل، بدلاً من الجهد المبذول أو التخطيط.

  • البحث عن الحلول السريعة: السعي إلى إيجاد حلول فورية وسريعة للمشكلات المعقدة قد يدفع الإنسان إلى تبني حلول غير فعالة أو قصيرة المدى.

  • تجنب التعقيدات: البعض يتجنب التفكير في قضايا معقدة أو مشكلات تستدعي التعمق، مفضلاً الحلول السطحية أو الهروب من مواجهة الحقيقة.

تأثير التفكير الساذج على حياة الإنسان

التفكير الساذج يمكن أن يضر بحياة الإنسان على عدة مستويات:

  • العلاقات الشخصية: الحكم على الآخرين بسرعة وبناءً على انطباعات سطحية يمكن أن يؤدي إلى سوء الفهم وتدهور العلاقات.

  • المسيرة المهنية: اتخاذ قرارات مهنية غير مدروسة بناءً على توقعات ساذجة قد يؤدي إلى الفشل في تحقيق الأهداف أو التفوق في العمل.

  • القرارات اليومية: الإنسان الذي يعتمد على التفكير الساذج قد يجد نفسه يتخذ قرارات مالية أو صحية أو حياتية غير صحيحة، مما يؤثر على جودة حياته على المدى الطويل.

كيف يمكن تجنب التفكير الساذج

يمكن للإنسان تجنب السذاجة في التفكير عن طريق تنمية مهارات التفكير النقدي وتوسيع آفاقه. من النصائح التي يمكن اتباعها:

  • التفكير النقدي: يجب على الإنسان أن يتعلم كيف يفكر بعمق ويتساءل عن كل المعلومات التي يتلقاها، ولا يكتفي بالسطحي منها.

  • التعلم المستمر: القراءة، البحث، والاطلاع على أفكار وآراء مختلفة يزيد من وعي الإنسان ويمنحه رؤية أوسع.

  • التشكيك الإيجابي: بدلاً من قبول كل شيء كما هو، يجب تعلم التشكيك الإيجابي والبحث عن الدلائل التي تدعم أو تدحض الفكرة المطروحة.

  • التفكير في العواقب: قبل اتخاذ أي قرار، من المهم التفكير في العواقب طويلة الأمد، وليس فقط النتائج السريعة.

السذاجة في التفكير ليست بالضرورة سمة سلبية دائمًا، فكلنا نقع في فخ التفكير البسيط أحيانًا، ولكن من المهم أن ندرك متى وكيف نمارس هذا النوع من التفكير، وأن نعمل على تحسين قدراتنا التحليلية والنقدية حتى نتمكن من اتخاذ قرارات مدروسة ومستنيرة تساعدنا على تحسين حياتنا وعلاقاتنا مع الآخرين.


شارك المقالة: