التربية السليمة وأثرها على الأبناء في الإسلام

اقرأ في هذا المقال


التربية السليمة هي أساس تربية الأبناء وتكوينهم، وتقوم التربية الإسلامية على تحقيق الموازنة ما بين البُعد الروحي والبُعد المادي للطفل، باعتبار أنها مبنية على هذين الواقعين المكونين للطفل، ليتم تنظيم حياته وفقًا لهذه الأسس؛ حتى لا يستسلم للملذات الزائدة، تؤكد التربية الإسلامية عن الأنظمة التربوية في إعداد للطفل ليس فقط لحياة هذا العالم، ولكن أيضًا للحياة الأبدية في الآخرة.

التربية السليمة وأثرها على تربية الأبناء في الإسلام

بما أن الطفل هو مركز العملية التربوية فمن الضروري أن يتم بناء حياته وعقله وفقًا للشكل المفصل والمعرفة والمفاهيم المختلفة التي يكتسبها، والتي يتم غرسها به عن طريق التربية السليمة، وبالتالي، يمكن أن يتحكم في عقله وأفكاره حتى لا يكون لديه أي تصور نظري آخر في الحياة إلا الذي أراده أن يستخدمه في ملاحظاته وخبراته وفقًا لما تعلمه لتعاليم الدين الحنيف.

تُبنى أسس السمات الشخصية للطفل خلال مرحلة الطفولة، هذا يعني، أنه سن التقديرية، ومن ثم فإن مهمة التربية السليمة هي تكوينه وتكييفه وإعداده لمواجهة الحياة، لتغذيته والعناية به من أجل تحقيق نموه البدني والروحاني فهو يجب أن يزود بما يطهره ويرفعه.

إن تزويده بالتربية السليمة والمعرفة الصحيحة يضمن له تطوره الفكري؛ لأن العقل يعتمد على النمو الآمن، وتعويده على فعل الخير، ونهي عن المنكر؛ لأن استقامة الطفل تتوقف على سلامة عقله، وانحرافه يتوقف على فساد عقله، ترتبط سلامة العقل وفساده بالطريقة التي يتم توجيهها إليه، خاصة أثناء الطفولة وعملية المرحلة الأساسية.

أسس التربية السليمة للطفل

إن إعداد الطفل المسلم التربوي يقوم على أسس: الأول هو تربية الطفل على مستوى العقيدة وتدريبه على معرفة خالقه والثقة به؛ لأن هذا الإيمان هو الذي يدفعه إلى الخير ويخرجه من الشر، فهو الإيمان الذي يوجه السلوك ويسيطر عليه، وارتباط الإيمان بالأفعال وثيق الصلة، لأن الله عزَّ وجلَّ جعل من الأعمال معيارًا حقيقيًا الإخلاص الإيمان، ووبخ الذين ينزعون الإيمان عن الأعمال.

قال الله عزَّ وجلَّ: “يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ”، آل عمران، 167، وكذلك قوله جل وعلا: “كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ”، الصف، 3.

وفي الواقع الإيمان الحقيقي هو الذي ينبثق من السلوك الصالح الذي ينتج أفعالًا جيدة وينبثق منه الأخلاق الحميدة، وإن القرآن الكريم مليء بالآيات التي تقوم بالربط بين الإيمان بالعمل الصالح، وعليه فإن مهمة التربية هي الجمع بين العقيدة والفعل، مع مراعاة أن الأعمال تعكس الإيمان وتظهره وتدلل عليه.

إن الأولوية في إعداد الطفل هي تعليمه معاني الإيمان الصحيح وأهدافه السامية، وجعله يفهم حقائقه، والسعادة الأبدية التي يجلبها له، ولكن تعليم يتم بالمعرفة وإدراك الحقيقة، من أجل إدراك قول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا”، التحريم، 6، وعلى الوالدين أن يعلموا الطفل الشرع والمحرم ويحمونه من الذنوب والمعاصي وغيرها من الأحكام.

ومن أركان تربية الطفل وتنشئته تعليمه معاني الخير والشر في حياة الدنيا، حيث يلزمه أن يهيئ نفسه بالعمل من أجل سعادته، والتخلي عما يجلب له السوء؛ وذلك بتوجيه نزعاته الطبيعية إلى مناشدة الله تعالى ومعرفته والتوكل عليه والهدوء لقدرة، لا ينزل إلا بالله تعالى، لا يخاف إلا منه، وقلبه مرتبط به وحده.

لأنه في هذه المرحلة يتكون شعور الطفل المسلم بالفخر، فهو على اتصال بالقوي والقادر على كل شيء، وتتميز شخصيته بهذا الكبرياء الديني المطلوب، بحسب كلام الله عزَّ وجلَّ، قال تعالى: “وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ”، المنافقون، 8.

التربية السليمة وسيلة لإعادة تأهيل وتوجيه الطبيعة البشرية السليمة لمن ابتعد عنها، لذلك فإنه من لرسالة التربية وقيام الوالدين بواجبها يؤجران على ذلك في الآخرة، يقول الله عزَّ وجلَّ : “وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى”، النازعات، 40،41.

الواجبات المتعلقة بتنشئة الطفل ووسائل بناء شخصيته

من الواجبات في تنشئة الطفل وأساليب بناء شخصيته مثلاً تقديم القدوة الصالحة والنموذج الصالح الذي يمكن به أن يوجه نفسه خلال فترته الأولى من نموه الفكري والنفسي والأخلاقي، وهذا ما يحفز علمه ويتلقاها بالتقليد والسعي، يأتي الوالدان من الدرجة الأولى بين أقرب الناس إليه؛ هم أول عنصر له كنموذج ومثال.

وللوالدين تأثير كبير على الطفل على مستوى العقيدة والدين بقدر ما يعرفه عن الطبيعة الطاهرة التي خلقه الله تعالى فيها، وما يجب أن يعرفه عن الإسلام وحبه له، فهي إذن سبب صلاحه أو شره أو استقامته أو فساده، لأنه في العادة، يؤمن الطفل بسلوك والديه وفعلهما، لذلك إذا كان سلوك الوالدين متوافقًا مع الوحي، يتأثر الطفل ويقلد الصورة التي يمثلها، لهذا السبب، يصبح هذا أحد عوامل تكوين مفاهيم شخصيته الإسلامية.

شخصية الطفل في الإسلام

قال تعالى: “فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ”، الروم، 30، يدل ذلك أن الناس قد ولدوا بطبيعتهم الطاهرة وهم على استعداد تام للخير والصلاح، وفق خلق الله تعالى الكامل وأن العيب لا يأتي إلا من عمل الإنسان، فالواجب أن ينزع عن الطفل ما قد يفسده، مما قد يفسد عقليته وطبيعته حتى لا يكون ضحية الانحراف والضلال وتأثير الأخلاق السيئة.

من هنا تنبع المسؤولية الكبرى للوالدين إذا كانا قاصرين تجاه الطفل في تعليم معاني الدين ومبادئه، وإذا فشلوا في تعليمه الفكري والروحي وألقوه لتأثير الأفكار المنحرفة، يحدث هذا بسبب فشل الوالدين في تنشئة طفلهما وعدم اهتمامهم بتوجيهه وتصحيحه.

ومما لا شك فيه أن هذا من العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى هلاك الطفل وإفساد أخلاقها وفساد شخصيته،  وعليه فإن الطفل سيتربى مثل اليتيم ويعيش حياة متشردة تدفعه إلى الفساد والإجرام.

ويزداد وضع الابن سوءً وتكون نهايته مهددة بالانحراف إذا عاش والديه حياة الذنوب والفتنة، أو اتبعا طريق الفتنة والفساد، في هذه الحالة ليس لديهم الرغبة في تربيته وإصلاحه؛ لأنهم بحاجة إلى إصلاح سلوكهم ذاته، وعليه فإن ابنهم ينحرف أكثر فأكثر وينتقل تدريجياً إلى الذنوب والإجرام، وهذا ما يجعلهم مسؤولين أمام الله تعالى؛ لأنهم يساهمون في تحول ولدهم من حاجته إلى الانحراف والضلال.

بالنهاية يمكن توجيه نصيحة للآباء كونهم مسؤولين فيتطلب منهم أن يدربوا الطفل بطريقة عملية على تعليم تلاوة القرآن الكريم وتعلمه عن ظهر قلب؛ لأنه أساس الإسلام والمرجعية الدينية، كما يجب تربية الطفل على تعلم بعض الأحاديث والأذكار اليومية في مناسبات مختلفة ومحددة مثل النوم، والاستيقاظ، عند سماع الأذان، في بداية الأكل ونهايته وغيرها.


شارك المقالة: