ما هي نظريات التعلم
أخذت نظريات التعلم المكان الأول بين النظريات؛ ذلك لأنَّها أساس فهم سلوك الكائنات الحيَّة ونمط سلوك الإنسان، خضعت للتفسيرات التي ذهبت إليها نظريات التعلم، هذا السَّبب الذي جعل نظريات التعلم أساس المذاهب والاتجاهات السيكولوجية.
قامت نظريات التعلم على أساس التجارب الرائدة، فمثلاً النظرية الشرطية نهضت على تجارب بافلوف على الكلاب، نظرية الجشطلت ارتكزت على التجارب التي قام بها كوهلر على الشمبانزي كذلك نظرية المحاولة والخطأ اعتمدت على التجارب التي قام بها ثورندايك على السمك والقطط، كان الهدف من هذه التجارب هو تحقيق القوانين الأولية، التي توضح سلوك الكائنات الحيَّة أثناء التعلم وما يحدث أثناء عملية التعلُّم.
التطبيقات التربوية في نظرية سكنر
أدَّت نتائج تجارب سكنر على الاستفادة منها في جانب العلاج السلوكي للعديد من الاضطرابات، خاصَّة طرق العلاج التي تعتمد على التعزيز.
ساعد منهج سكنر في البحث، على تطوير العديد من المعالم النفسيّة في الكثير من الدول، سواء كانت العوامل ترتبط بالبحث العلمي أو ترتبط بمراكز المختصة بالإصلاح والتأهيل أو مراكز التربية الخاصة، العيادات النفسية .
ومن إسهامات نظرية سكنر الكبيرة، ما قام بتقديمه للتربية والمسمَّى بأسلوب التعلم المبرمج، الذي يتلخّص في تحقيق الشروط التالية: أن يتم تقديم المعلومات الذي يريد تعلّمها على شكل خطوات صغيرة أو بشكل خطوات مرحلية، أن يقوم بإعطاء المتعلم تغذية رجعية بشكل سريع عن النتائج لتعلّمه في جميع المواقف وهي حافز ودافع يساعد على تصحيح الأداء.
تُعتبر نظرية سكنر في السلوك أو التعلم الشرطي الفاعل (Operant Conditioning) واحدة من النظريات السلوكية المهمة التي ساهمت بشكل كبير في تطوير التطبيقات التربوية. قام بورهوس فريدريك سكنر بتطوير هذه النظرية في منتصف القرن العشرين، وركزت على كيفية استخدام التعزيز والعقاب لتشكيل السلوك. وهنا سنستعرض بعض التطبيقات التربوية لنظرية سكنر وكيفية استخدامها في البيئة التعليمية:
1. التعزيز الإيجابي
التعزيز الإيجابي هو أحد المفاهيم الأساسية في نظرية سكنر، ويشير إلى تقديم مكافآت أو تعزيزات إيجابية لزيادة احتمالية تكرار السلوك المرغوب فيه، في البيئات التعليمية، يمكن للمعلمين استخدام التعزيز الإيجابي لتحفيز الطلاب، على سبيل المثال، يمكن تقديم الثناء أو النقاط أو المكافآت الصغيرة للطلاب عند إتمامهم لمهامهم بنجاح أو عند إظهار سلوكيات إيجابية مثل التعاون والمشاركة الفعالة في الفصل.
2. التعزيز السلبي
التعزيز السلبي يتضمن إزالة عائق أو تجربة غير سارة لتعزيز السلوك المرغوب. في السياق التربوي، يمكن استخدام التعزيز السلبي لتحفيز الطلاب على تحسين أدائهم. على سبيل المثال، قد يُسمح للطلاب الذين يكملون واجباتهم في الوقت المحدد بتخطي بعض الأنشطة الإلزامية التي يرونها مزعجة.
ونظم التعزيز نوعين: نظام نسبة التعزيز الثابتة، وهو القيام بالتعزيز بعد مرَّات معينة من الاستجابات، نظام نسبة التعزيز المتغيرة، الذي قام بتقديم التعزيز بعدد متغير في كلِّ مرَّة، يتم قياس الاستجابات وقف نسبة معدَّل المرات.
3. العقاب
رغم أن العقاب كان جزءاً من نظرية سكنر، إلا أنه يُنصح باستخدامه بحذر في البيئة التعليمية. العقاب يهدف إلى تقليل السلوك غير المرغوب فيه من خلال تقديم عواقب سلبية. من الأمثلة على ذلك تقليل وقت الاستراحة أو سحب الامتيازات. ومع ذلك، يجب على المعلمين الانتباه إلى أن العقاب قد يؤدي إلى نتائج عكسية مثل القلق أو التمرد، لذا يفضل التركيز على التعزيز الإيجابي كبديل أساسي.
4. جداول التعزيز
استخدام جداول التعزيز يمكن أن يكون فعالاً في تشكيل السلوك. هذه الجداول تحدد متى وكيف يتم تقديم التعزيز. يمكن للمعلمين استخدام جداول التعزيز الثابتة (مثل مكافأة كل خامس استجابة صحيحة) أو المتغيرة (مثل مكافأة استجابة صحيحة بعد عدد غير ثابت من المحاولات). تساعد جداول التعزيز في تعزيز السلوكيات الإيجابية بشكل مستمر ودون الاعتماد الكامل على المكافآت الفورية.
5. تشكيل السلوك
التشكيل هو عملية تعزيز الخطوات المتتالية للوصول إلى السلوك النهائي المطلوب. في التعليم، يمكن للمعلمين استخدام التشكيل لمساعدة الطلاب في تعلم مهارات جديدة أو معقدة عن طريق تقسيمها إلى خطوات صغيرة وتعزيز كل خطوة ناجحة. على سبيل المثال، عند تعليم الكتابة، يمكن تعزيز الطلاب أولاً عند كتابة الحروف بشكل صحيح، ثم الكلمات، ثم الجمل.
6. التعليم المبرمج
يُعتبر التعليم المبرمج تطبيقاً عملياً لنظرية سكنر، حيث يتم تقديم المواد التعليمية بشكل تدريجي ومنظم، بحيث يحصل الطلاب على تغذية راجعة فورية حول أدائهم. يمكن استخدام التعليم المبرمج في الأنظمة التعليمية الإلكترونية والتطبيقات التعليمية الحديثة، حيث يتم تخصيص الدروس وفقاً لمستوى الطالب واحتياجاته.
تقدم نظرية سكنر أدوات قوية لتحسين العملية التعليمية من خلال استخدام التعزيز والعقاب بشكل استراتيجي، عبر التركيز على السلوكيات الإيجابية وتعزيزها، يمكن للمعلمين بناء بيئة تعليمية تحفز الطلاب وتدعم التعلم الفعّال، التطبيقات التربوية لنظرية سكنر تظل ذات قيمة في تطوير المناهج والبرامج التعليمية التي تلبي احتياجات الطلاب بشكل مبتكر وفعال.