إنّ الحياة الزوجية تبنى سعادتها على طرفي العلاقة وهما الزوج والزوجة، قرر ديننا الحنيف هذه الحقيقة إذ جعل من الرجل الراعي والمسؤول عن رعيته وجعل من المرأة الراعية والمسؤولة عن رعيتها، فهو لم يجعل استقرار الأسرة يتحمله طرف واحد دون الآخر، حيث ترى معظم المجتمعات العربية أنَّ استقرار الأسرة وسعادتها تتحمله المرأة فقط، مهما كانت عيوب الزوج أو مفارقاته، سواء كان سليماً أو عكس ذلك من جميع النواحي، خاصة الناحية النفسية والبدنية.
الصحة النفسية والاستقرار النفسي بين الزوجين
يمكن حدوث عدم الاستقرار النفسي بين الزوجين بسبب القصور في النضج النفسي أو النضج العاطفي لدى أحد الزوجين أو كليهما، هذا ما يجعلهما أسيرين لنظم التوقعات غير موضوعية أو عاجزين عن إظهار المرونة والقدرة على حل المشكلات التي تحدث لهم، كذلك صعوبة استيعاب الأزمات، لا يندر أن نجد عند دراسة تاريخهما الأسري أنَّ أحدهما أو كليهما قد نشأ في أُسرة غير مستقرة ودخلَ على عالم الزواج وهو مثقل بتركه على الصحة النفسية الخاصة به التي تدفع به إلى تكرار المأساة وكأن عدم الاستقرار يعيد إنتاج ذاته من خلال عدم توافر النضج والصحة النفسية والافتقار إلى مقومات تأسيس حياة زوجية معافاة.
من الممكن أن نجد عند دراسة بعض الأُسر المتصدعة ولديها عدم استقرار، نجد أنَّ بعضاً من البنات الكبار اللواتي تزوجن قد عادوا إلى الأُسرة، كذلك كل منهن تصطحب معها طفلاً أو أكثر بعد تفكك زواجها، يحفل تاريخ مثل هذه الأُسر بتعدد حالات الزواج والطلاق على خلفية من عدم الاستقرار.
يوجد بالطبع الكثير من الحالات التي تشكِّل تنوعات على نفس الخلفية، كذلك لها أسباب متعددة، مثل طابع المشاحنات الدائمة بسبب النزاعات بين أخوة الزوج أو أخواته وأقرانهم، خاصة عندما يعيشون في حيز مكاني واحد، حيث تدور المنازعات وتنعقد التحالفات وتتغير تبعاً لتطور الصراع.
يشكِّل عدم الاستقرار خطوة من الخطوات الأكثر تقدماً على صعيد مشكلات توظيف طاقات الحب والعنف، فلا يقتصر الأمر هنا على سحب التوظيف العاطفي من القرين، بل يتجاوز إلى ما يسمى بالتوظيف المُضاد، حيث يحل العدوان والانفصال النفسي والتدمير المتبادل محل قوى الترابط والتآلف والحب والبناء.