الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


لقد اكتسب السعي للكمال عددًا من المعاني في علم النفس الأخلاقي والسياسية المعاصرة، حيث يُستخدم المصطلح للإشارة إلى حساب الحياة البشرية الجيدة، وتفسير لرفاهية الإنسان، ونظرية أخلاقية، فتاريخيا ترتبط الكمالية بنظريات القيمة الأخلاقية التي تميز الخير البشري من حيث تطور الطبيعة البشرية.

الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس

أول شيء يجب قوله في الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس هو أن الحساب الموضوعي للخير لا يحتاج إلى الإشارة إلى خير البشر، حيث يعتقد بعض الناس أن جوانب معينة من العالم الطبيعي لها قيمة وستكون لها قيمة حتى لو لم يكن هناك شخص معين، وقد يعتقد البعض الآخر أن الإنجازات العظيمة في الفن والعلوم لها قيمة تتجاوز أي تأثير لها على حياة البشر.

تعتبر وجهات النظر المثالية التي تؤكد أحكامًا من هذا النوع هي أمثلة على ما يمكن تسميته بالكمالية غير الإنسانية، على النقيض من ذلك فإن حسابات الكمالية عن الخير البشري هي حسابات تسعى إلى تحديد السلع التي تساهم في قيمة الحياة للبشر.

مفاهيم الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس

في الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس يمكن فهم الحياة الجيدة للبشر بطريقتين مختلفتين على الأقل، ففي الفهم الأول تُفسر هذه الحياة من منظور الرفاهية أي ان أفضل حياة للإنسان هي الحياة التي تسير على ما يرام إلى أقصى حد للشخص الذي يقودها.

في المفهوم الثاني يتم تفسير الحياة الجيدة للإنسان من حيث التميز أو النجاح، حيث يمكن أن تكون الحياة البشرية الممتازة حياة أفضل من حيث الرفاهية، ولكن لا داعي لذلك؛ لأنه من الممكن أن تتطلب مثل هذه الحياة من الإنسان أن يقدم تضحيات من أجل رفاهه من أجل الآخرين.

وهكذا فإن فكرة الحياة البشرية الممتازة هي أوسع من فكرة الحياة الرفيعة المستوى، وبما أن هذا هو المفهوم الأوسع فإن التوصيف العام للكمالية يجب أن يوظفها الفرد بدلاً من الرفاهية في الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس.

مذهب المتعة والرغبة في الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس

تتناقض الكمالية المفهومة جيدًا مع كل من مذهب المتعة والرغبة في الرضا عن الخير البشري التي تشير إلى كائن أو نشاط أو علاقة، ثم فإنه بالنسبة للكمال إذا كانت العلاقة جيدة فهي ليست جيدة بحكم حقيقة أنها مرغوبة في ظل الظروف المناسبة من قبل البشر، وبالمثل بالنسبة لمن يسعى للكمال إذا كانت العلاقة جيدة فهذا لا يعني أنها يجب أن تكون حالة ذهنية ممتعة أو مرتبطة سببيًا بواحدة.

يمكن للتفسيرات التي تدافع عن الكمال عن الخير البشري، أن تسمح بأن تكون بعض السلع اختبارية، لكنها ترفض فرضية المتعة القائلة بأن جميع السلع البشرية الجوهرية تتكون من أحاسيس أو مواقف ممتعة.

إصدارات الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس

إذا وضعنا الكمالية غير الإنسانية جانبًا فإن السلع التي تسعى إلى الكمال هي مكونات لحياة بشرية ممتازة، تاريخيًا ربط ربط علماء النفس المهتمين بالكمالية ونظرية القيمة في علم النفس هذه السلع بتطور الطبيعة البشرية، على سبيل المثال غالبًا ما يُعتبر تطوير العقلانية خيرًا يسعى إلى الكمال لأنه قدرة أساسية للطبيعة البشرية.

بعد أرسطو سعى عدد من الكتاب المعاصرين إلى تطوير تفسيرات للصالح البشري على هذا المنوال في الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس، حيث يمكننا استخدام مصطلح كمال الطبيعة البشرية للإشارة بشكل عام إلى حسابات الخير البشري التي تربط سلع الكمال بتطور الطبيعة البشرية، ومع ذلك فقد وصف آخرين من علماء النفس الكمال دون أي إشارة إلى الطبيعة البشرية.

يصف العالم الأخلاقي جون راولز المثالية بأنها تتطلب أقصى درجات تحقيق التميز البشري في الفن والعلم والثقافة، ويميز العالم ديريك بارفيت الكمال من حيث تحقيق أفضل الأشياء في الحياة، هنا يبرز وجود الخيرات الموضوعية، وليس علاقتها بتطور الطبيعة البشرية، وبالمثل حدد بعض علماء النفس الأخلاقيين الكمال مع تحقيق قائمة محددة من السلع الموضوعية.

تحديات إصدارات الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس

يمكننا استخدام مصطلح الكمالية الموضوعية للسلع للإشارة بشكل عام إلى حسابات الخير البشري التي تحدد سلع الكمال دون ربطها بتطور الطبيعة البشرية، حيث أن جميع الإصدارات من الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس تواجه تحديات هائلة.

يجب أن يقدم مؤيدو الكمال في الطبيعة البشرية وصفًا مناسبًا للطبيعة البشرية، وبتعبير أدق يجب عليهم تقديم وصف معقول للخصائص المركزية للطبيعة البشرية والتي يفسر تطورها سبب كون بعض الأنشطة والحالات مفيدة للبشر، ويمكن الشك في ما إذا كان هناك أي اعتبار للطبيعة البشرية يؤدي إلى نتائج معقولة وله قوة تفسيرية حقيقية.

على النقيض من ذلك يجب على مؤيدي الكمال الموضوعي، بعد أن حرروا تحديد السلع الموضوعية من الاعتماد على تطور الطبيعة البشرية، أن يشرحوا سبب اعتبار بعض الأشياء دون غيرها على أنها جيدة، حيث لا يحتاج الكماليين الموضوعيين في السلع الموضوعية إلى صياغة قائمة شاملة بهذه السلع.

التعددية في الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس

يساعدنا التمييز بين كمال الطبيعة البشرية والكمال الموضوعي في نظرية القيمة في علم النفس على تناول سؤال مهم في هذه النظرية، حيث يجب أن يكون الكماليين أحاديين معتبرين أنه لا يوجد في الأساس سوى شكل واحد من الحياة هو الأفضل لجميع البشر، أو هل يمكنهم الاعتقاد بوجود تعددية من أشكال الحياة الجيدة على قدم المساواة للبشر؟ السؤال مهم لأنه من المعقول جدًا التفكير في أن أفضل حياة لشخص ما قد تختلف عن أفضل حياة لشخص آخر.

إن كمال الطبيعة البشرية يحدد خير الإنسان مع تطور الطبيعة البشرية، حيث يبدو هذا مثل المثل الأعلى الأحادي الذي يحدد شكلًا واحدًا من أشكال الحياة على أنه الأفضل لجميع البشر، لكن في الواقع يترك النموذج المثالي العديد من القضايا مفتوحة.

لنفرض أن أفضل حياة للإنسان هي الحياة التي تعظم نمو طبيعته، بعد ذلك لا يزال من الممكن أن يكون صحيحًا أنه بالنسبة لمختلف البشر، ومن الأفضل أن تروج الأنشطة والمساعي المختلفة لمصلحتهم، وقد يكون هذا صحيحًا؛ نظرًا لأن الأشخاص المختلفين قد يكونون قادرين على تطوير جوانب مختلفة من الطبيعة البشرية بشكل أفضل؛ نظرًا لمزاجهم ومواهبهم.

في الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس يجدر بالبعض التركيز على المساعي الفنية، بينما يصنع البعض الآخر جيدًا للتركيز على الدراسات النظرية أو الإنجازات الرياضية، علاوة على ذلك حتى أولئك الذين يجيدون التركيز على نفس النوع من الكمال، قد تجد أن بعض الأنشطة والأهداف تخدم هذه الغاية بشكل أفضل بالنسبة لهم أكثر من غيرها.

في النهاية يمكن التلخيص بأن:

1- الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس تعبر عن الإشارة إلى حساب الحياة البشرية الجيدة، وتفسير لرفاهية الإنسان، ونظرية أخلاقية، فتاريخيا ترتبط الكمالية بنظريات القيمة الأخلاقية التي تميز الخير البشري.

2- إن الكمالية ونظرية القيمة في علم النفس تعبر عن الكمالية الإنسانية والكمالية غير الإنسانية التي تتمثل بالنجاحات والرفاهية والفنون المتعددة.

3- يعبر كمال الطبيعة البشرية يحدد خير الإنسان مع تطور الطبيعة البشرية، حيث يبدو هذا مثل المثل الأعلى الأحادي الذي يحدد شكلًا واحدًا من أشكال الحياة على أنه الأفضل لجميع البشر.

المصدر: علم النفس و الأخلاق، ج أ جيمس آرثر هادفيلد، 2017ظواهرية الإدراك، موريس مرلوبونتي، 2011الوعي والإدراك، البحث في آلية عمل الدماغ البشري، عمر اسبيتان، 2009التصور العقلي من منظور علم النفس التربوي، رجاء محمد أبو علام وعاصم عبد المجيد أحمد، 2014


شارك المقالة: