المناقشات التاريخية النفسية لوعي الذات في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يعتبر الوعي الذاتي في علم النفس هو موضوع مركزي عبر التاريخ وبشكل متزايد منذ القرن السابع عشر تثير الظواهر المحيطة بالوعي الذاتي مجموعة متنوعة من الأسئلة النفسية والعلمية الأساسية، بما في ذلك علاقته بالوعي وسماتها الدلالية والمعرفية وإدراكه في كل من التمثيل المفاهيمي وغير المفاهيمي، وعلاقته بمفهومنا لعالم موضوعي يسكنه الآخرين.

المناقشات التاريخية النفسية لوعي الذات في علم النفس

من السمات المألوفة للفلسفة والثقافة التاريخية القديمة في علم النفس مبدأ اعرف نفسك، حيث يتوجب من الفرد أن يعرف عددًا من الأشياء عن نفسه، هذه المعرفة فقط هي التي نسميها تعبيرًا عن الوعي بالذات، وهذا ما يرقى إليه هذا الوعي بالذات وكيف يمكن أن يرتبط بجوانب أخرى من العقل وعلى الأخص الوعي نفسه.

ربما كان من غير المستغرب أن يكون موضوع الوعي الذاتي نقاش كبير منذ زمن قديم وخلال الفترة الحديثة المبكرة في التاريخ النفسي، حيث أصبح الوعي الذاتي مركزًا لعدد من القضايا النفسية والفلسفية، ومع العالم إيمانويل كانط وما بعده، أصبح يُنظر إليه على أنه أحد أهم الموضوعات في نظرية المعرفة والنظريات النفسية وفلسفة العقل.

المناقشات التاريخية النفسية القديمة والوسطى لوعي الذات

على الرغم من أنه يُقترح في بعض الأحيان أن الاهتمام بالوعي الذاتي هو ظاهرة حديثة بشكل خاص نشأت مع العالم رينيه ديكارت، إلا أنه في الواقع موضوع نقاشات قديمة وعصرية، وكثير منها يصور مسبقًا الاهتمامات الحديثة والمعاصرة، حيث أن العالم أرسطو على سبيل المثال يدعي أن الشخص يجب أثناء إدراك أي شيء أن يدرك أيضًا وجوده، وهو ادعاء يوحي بوجهة النظر القائلة بأن الوعي يستلزم وعيًا بالذات.

علاوة على ذلك وفقًا للعالم أرسطو نظرًا لأن العقل يتخذ شكل ما يعتقده الفرد، فإنه يمكن التفكير فيه تمامًا مثل موضوعات الفكر، وهو تأكيد فسره أتباع أرسطو في العصور الوسطى على أنه وجهة نظر مفادها أن الوعي الذاتي يعتمد على الوعي بالأشياء غير العقلية.

على النقيض من ذلك يرتبط التقليد القديم للعالم أفلاطون بشكل أساسي من خلال تأثير الرأي القائل بأن العقل يكتسب معرفة نفسه من خلال نفسه، وذلك من خلال التواجد وبالتالي وفقًا لوجهة النظر هذه لا يتطلب الوعي الذاتي أي وعي بالأشياء الخارجية، على نفس المنوال في القرن الحادي عشر يجادل العالم ابن سينا ​​من خلال تجربته الفكرية، أن الشخص الذي تم إنشاؤه حديثًا يطفو في الفراغ مع إعاقة جميع الحواس سيكون مع ذلك مدركًا لذاته.

وبالتالي فإن الذات التي يدركها المرء لا يمكن أن تكون شيئًا جسديًا يدركه المرء من خلال الحواس، ففي مثل هذه الآراء فإن الوعي الذاتي الأساسي ليس حسيًا بطبيعته ولا يعتمد على إدراك الأشياء الأخرى، وتم قبول هذا الادعاء الذي يمكن اعتباره توليفًا لجوانب من التقاليد التي تتبع أرسطو وأفلاطون معًا.

هذا الجدل القديم والوسطى حول ما إذا كان مجرد وجود العقل كافيًا للوعي الذاتي مرتبط بآخر يتعلق بما إذا كان الوعي الذاتي هو نفسه حسيًا في طبيعته في علم النفس، أو بعبارة أخرى ما إذا كانت الذات محسوسة أم لا، فأحيانًا تم تفسير الوعي الذاتي على أنه يقدم إجابة إيجابية وأحيانًا إجابة سلبية لهذه القضايا أيضًا في العديد من المناظرات، مع تمثيل مجموعة متنوعة من وجهات النظر.

المناقشات النفسية الحديثة والمبكرة للوعي الذاتي في علم النفس

مركزية المناقشة الحديثة المبكرة للوعي الذاتي في علم النفس هي تأكيدات العالم رينيه ديكارت التي تتمثل في الوجودية والأفكار التي تتعلق بها، الذي يجسد عنصرين للوعي الذاتي وهما الوعي بأن المرء يفكر والوعي بوجوده، وهما يلعبان دورًا أساسيًا في مشروع العالم رينيه ديكارت المعرفي، على هذا النحو فمن الأهمية بمكان بالنسبة لرينيه ديكارت أن هذا هو شيء يمكننا أن نكون متأكدين منه تمامًا.

ولكن بينما يسعد معظم المعلقين بالموافقة على أن كلاً من التفكير والوجودية غير قابلين للشك هناك قدر كبير من الجدل حول أسباب هذا اليقين وعلى شكل الوعي نفسه، ومما يثير القلق بشكل خاص السؤال عما إذا كان هذان الافتراضان معروفين بالاستدلال أو غير الاستدلالي، على سبيل المثال عن طريق الحدس وهي قضية تعكس نقاشات القرون الوسطى حول ما إذا كان يمكن القول بأن المرء يدرك نفسه من خلال الوعي الذاتي.

تدعي المناقشات النفسية الحديثة والمبكرة للوعي الذاتي في علم النفس أن لدينا معرفة حدسية بوجودنا، وتصور داخلي معصوم عن الخطأ، في كل فعل من أفعال الإحساس أو المنطق أو التفكير نحن واعين لأنفسنا بوجودنا، مما يجعل الوعي الإدراكي بالذات نهائيًا جزئيًا لمفهوم الشخص نفسه، فالشخص هو كائن ذكي مفكر له سبب وتفكير، ويمكنه اعتباره نفسه كما هو، نفس الشيء الذي يفكر فيه في أوقات وأماكن مختلفة.

إذا كان من الممكن تفسير المناقشات النفسية الحديثة والمبكرة للوعي الذاتي في علم النفس على أنه قبول وجهة النظر القائلة بوجود تصور داخلي للذات، فإن العالم ديفيد هيوم يقف في تناقض صارخ مع هذا السؤال، وهناك العديد من علماء النفس الذين يتخيلون أننا في كل لحظة ندرك بشكل وثيق ما نسميه أنفسنا حيث لا يستطيع الفرد أبدًا أن يعرف نفسه في أي وقت بدون إدراك، ولا يمكن أبدًا ملاحظة أي شيء سوى الإدراك.

تعتبر وجهة نظر ديفيد هيوم القائلة بأنه لا يوجد انطباع أو تصور عن الذات أمرًا حاسمًا في قضيته لفهم فكرتنا عن أنفسنا على أنها ليست أكثر من مجموعة من التصورات المختلفة، ومن الواضح أنه في الفترة الحديثة المبكرة، لعبت قضايا الوعي الذاتي دورًا مهمًا في مجموعة متنوعة من الأسئلة النفسية المتعلقة بالأشخاص وعقولهم.

مناقشات إيمانويل كانط وما بعده للوعي الذاتي في علم النفس

إن إنكار العالم ديفيد هيوم لوجود تصور داخلي للذات بصفتها مالكًا للتجربة هو الذي تردد صدى في مناقشة العالم إيمانويل كانط في الاستنتاج التجاوزي، حيث أنه لا يوجد حدس للذات يتم من خلاله منحها ككائن، ومنها فإن تفسير إيمانويل كانط للوعي الذاتي وأهميته معقد، وهو عنصر مركزي في الاستنتاج التجاوزي كونه الادعاء بأن شكلاً من أشكال الوعي الذاتي في الإدراك التجاوزي مطلوب لتفسير وحدة التجربة الواعية بمرور الوقت.

وضع حساب العالم إيمانويل كانط للوعي الذاتي وعلاقته بالقدرة على التفكير الموضوعي جدول أعمال قدر كبير من مناقشات ما بعد إيمانويل كانط حول طبيعة الوعي الذاتي، مؤكداً أن الموضوع يجب أن يصبح شيئًا لنفسه هو أكثر التناقض فظاعة على الإطلاق مع تحديد الشروط اللازمة لإمكانية الوعي الذاتي، واستكشاف العلاقة بين القدرة على التفكير الواعي بالذات وامتلاك تصور عن الذات كعامل متجسد يقع داخل عالم موضوعي.

في النهاية نجد أن:

1- المناقشات التاريخية النفسية لوعي الذات في علم النفس تتمثل جميع الأفكار والمعلومات التي يقدمها كل من الفلاسفة وعلماء النفس منذ القِدم وبالاستمرار للعصر الحديث.

2- الاهتمام بالوعي الذاتي هو ظاهرة حديثة بشكل خاص نشأت مع العالم رينيه ديكارت، إلا أنه في الواقع موضوع نقاشات قديمة وعصرية، وكثير منها يصور مسبقًا الاهتمامات الحديثة والمعاصرة.

3- إن العالم أرسطو على سبيل المثال يدعي أن الشخص يجب أثناء إدراك أي شيء أن يدرك أيضًا وجوده، وهو ادعاء يوحي بوجهة النظر القائلة بأن الوعي يستلزم وعيًا بالذات.


شارك المقالة: