تمتاز النظرية السلوكية بتطبيقاتها الجيدة في التربية، فقد قامت بمشاركة علماء النفس في تطوير التدريس وعملية التعلم، يعتبر سكنر من أبرز علماء النفس الذين عملوا في النظرية السلوكية، تؤثر هذه النظرية بشكل كبير على التدريس، فهي تركّز على السلوك الظاهر، كما أنّ دور المعلم في السلوكية تهيئة بيئة التعلم لتشجيع الطلاب من أجل تعلم السلوك المرغوب.
النظرية السلوكية:
كانت النظرية السلوكية Behaviorist Theory تثور في البداية على علم النفس التقليدي، ذلك نتيجة عدم موافقتها على منهج الاستبطان؛ أي الاستنتاج في البحث، بحيث استندت على المنهج التجريبي المخبري، من أهم رواد هذه النظربة إيفان بافلوف الذي أسس نظرية التعلّم الشرطي الكلاسيكي، يعتبر بافلوف الرائد الأساسي للمدرسة السلوكية التقليدية.
قام السلوكيون بإجراء الكثير من الدِّراسات من أجل تشكيل نظرية لها علاقة بالحصول على اللغة الأولى، يركّز الأسلوب السلوكي على السلوك اللغوي الذي يتم تحديده من خلال ردود الأفعال ويمكن أن تُلاحظ بصورة حسية في العالم الذي يحيط بها، لقد سيطرت هذه المدرسة في مجالات علم النفس في الخمسينات ودامت إلى السبعينات من القرن الماضي، كانت تؤثر بشكل كبير على جميع النظم التعليمية وعلى جميع المختصين والعاملين في الميدان التربوي.
النظرية السلوكية في علم النفس:
أكّد رواد النظرية السلوكية أنّ سلوك الإنسان يعتبر مجموعة عادات يتعلمها الشخص ويعمل على اكتسابها خلال مراحل النمو المتعددة، كما يتحكّم في تشكيلها بعض القوانين الخاصة بالعقل وهما الكف والاستثارة؛ اللتان تقومان بتسيير عدد من الاستجابات الشرطية؛ يعود ذلك للعوامل البيئية التي يواجهها الفرد.
تحوم هذه النظرية حول التعلم الخاص باكتساب معلومات جديدة أو في إعادة صياعة المعلومات، لذلك فإنّ سلوك الإنسان يُكتسب من خلال طريق التعلم، كما أنّ سلوك الفرد يمتاز بقابلينه للتعديل، يوجد في النظرية السلوكية العديد من المبادئ والإجراءات التي يعتمد عليها عالم النفس؛ حتى يطبّقها أو يختار بعضها عندما يتعامل مع الفرد؛ فهي كالتالي:-
الإشراط الإجرائي:
يؤكد الإشراط الإجرائي على ردود الأفعال المؤثرة على سلوك الفرد، لذلك يبدأ التعلم إذا أتى بعد السلوك حدث ما يساعد على إشباع حاجات الفرد وقد يتكرر هذا السلوك المشبع مع الزمن، يوجد ترابط بين التعلم الإجرائي والتعزيز المصاحب لهذا الإجراء؛ يوجد استخدامات متعددة لهذا الإجراء في مجال علم النفس والإرشاد وتغيير سلوك الأطفال والراشدين في المدارس ورياض الأطفال والمستشفيات والعيادات، كما له استخدامات في التعليم والتدريب والإدارة والعلاقات العامة.
التعزيز أو التدعيم:
يعد هذا المبدأ من أهم الأساسيات الخاصة بالتعليم والإرشاد السلوكي، كما أنّه أحد مبادىء تعديل السلوكات؛ لأنّه يقوي النتائج التي نرغب بها ويسمى (الثواب أو التعزيز)، يوجد نوعان من التعزيز هما؛ التعزيز الإيجابي وهو أمر سار لاستجابة ما إذا كان الحدث قد زاد استمرار قيام السلوك؛ مثلاً طالب يرُد على سؤال أحد المعلمين؛ فيقوم المعلم وبشكره وتقديم الثناء له، فيعود الطالب برغبة في الإجابة على أسئلة المعلم.
أمّا التعزيز السلبي فهو يرتبط بالأحداث السلبية والمؤلمة؛ فإذا استُبعد حدث غير مرغوب وتلاه حدوث سلوك يساهم في ازدياد حدوث هذا السلوك، فإنّ استبعاد هذا الحدث يطلق عليه تدعيم أو تعزيز سلبي، مثلاً شخص يعاني من حالة أرق وبدأ يقرأ في كتاب، فاستسلم للنوم نجد أنه فيما بعد يقرأ الكتاب عندما يرغب في النوم.
العقاب:
يتضمن العقاب في الحدث الذي يأتي بعد الاستجابة والذي يساهم إضعاف الاستجابة التي تأتي بعد ظهور العقوبة، أيضاً الوقوف عن هذه الاستجابة، يوجد نواعان من أنواع العقاب هما؛ العقاب الإيجابي الذي يظهر من خلال حدث منفر (مؤلم) للفرد بعد استجابة ما يساهم في إضعاف هذه الاستجابة أو إيقافها، مثال على هذا النوع العقاب البدني والتوبيخ بعد أن يقوم الفرد بسلوك غير مرغوب إذا كان ذلك يؤدي لخفض السلوك أو توقفه، نؤكد بأنّ أسلوب استخدام العقاب البدني يُمنع استخدامه في جميع المواقف.
أمّا العقاب السلبي فهو يستبعِد حدث سار خاص بالفرد يليه أي استجابة؛ ممّا يساهم في إضعافها أو انطفائها، مثلاً أن يحرم الأب الأطفال من مشاهدة برامج التلفاز ويوجههم من أجل مذاكرة دروسهم وحل واجباتهم؛ فإنّ هذا الإجراء يقوم بتقليل السلوك غير المرغوب، فهو عدم الاستذكار ولكنّه يحرمهم من البرامج المحببة لديهم،؛ يسمّى عقاب سلبي، كما يفضل المعالجون وعلماء النفس استخدام أسلوب العقاب في علاج الكثير من الحالات التي يتعاملون بها .