اقرأ في هذا المقال
إنَّ وجود قائد في الأسرة يجعل من نظامها مميز، حيث يفترض المعالج الأسري البنائي أنَّه على شخص أو مجموعة من الأشخاص في العائلة ممارسة دور القيادة بالعائلة ليتمكن من حل مشكلاتها، وتأدية الواجبات المطلوبة من أفراد الأسرة بنجاح، ويحصل الأشخاص في دور القيادة على قوة وسيطرة أكبر، في اعتماد القرارات المُتخذَة من بقية أفراد العائلة.
مفهوم الهرمية في نظرية العلاج الأسري البنائي
الهرمية في نظرية العلاج الأسري البنائي تشير إلى توزيع السلطة والأدوار بين أفراد الأسرة، بحيث تكون هناك مستويات من القيادة بين الآباء والأبناء. تُعد هذه الهرمية عاملاً حاسماً في تحديد من يتخذ القرارات، ومن يتحمل مسؤولية توجيه الأسرة. وبناءً على هذا المفهوم، يُفترض أن يكون للآباء دور قيادي في تربية الأبناء، بينما يلعب الأبناء أدوارًا تتناسب مع أعمارهم ومستويات نضجهم.
يعتبر مينوتشين أن الهرمية الأسرية الفعّالة هي تلك التي تكون واضحة وتسمح بوجود سلطة كافية للوالدين تمكنهم من توجيه ودعم الأبناء، مع السماح لهم في نفس الوقت بمساحة كافية للتعبير عن آرائهم وتطوير استقلاليتهم. في المقابل، يمكن أن تؤدي الهرمية غير الفعّالة إلى مشكلات في التواصل، مثل غياب الأدوار الواضحة أو هيمنة أحد أفراد الأسرة على الآخرين.
إنَّ الهرمية بين الوالد والطفل توضح حدود محددة، تعكس واجبات الوالد ومسؤولياته تجاه قضايا تربية الطفل ورعايته.
بما أنَّ العائلة تضع أبنية تتلاءم مع احتياجات المواقف المتنوعة، فإنَّه ينبغي وجود هرمية بأنواع وامتدادات مختلفة، فالشخص يُعَدّ قائداً في القضايا التي يُعَدّ مسؤول عن تأديتها، والوالد سوف يكون على قمة الهرم للقيام بالواجبات، وهو المسؤول عنها فيكون الأب في قمة الهرم في أثناء تحضيره لوجبة الطعام مثلاً، وأيضاً قد يقوم الابن بدور القيادة، كقيام الطفل الأكبر بالأسرة بعناية إخوته الأقل منه سناً عندما لا تتواجد الأم في المنزل ويمارس دور القائد لهم.
قد تحدث بعض المشاكل نتيجة فشل العائلة في اتباع نظام قيادة جيد، فعندما يكون الوالدان متعاطفين بشكل كبير مع أطفالهم، لا يستطيعان فرض عقاب ملائم عندما يُخطأ أبناءهم، أو يكونوا مترددين في وضع حدود ملائمة، لما يشعر به الآباء تجاه أطفالهم من محبة وود زائد، وقد يكون في بعض العائلات نظام الحدود متباعد بين الآباء وأطفالهم، ممَّا يجعل الآباء غير مدركين بما يرغب به أطفالهم.
أنواع الهرمية في العلاج الأسري البنائي
يمكن تصنيف الهرمية الأسرية إلى عدة أنواع بناءً على كيفية توزيع السلطة بين أفراد الأسرة ومستوى الفعالية في إدارة العلاقات:
1. الهرمية الفعّالة (Effective Hierarchy)
في الأسر ذات الهرمية الفعّالة، يكون للوالدين سلطة واضحة لكن مرنة، تسمح لهم بتوجيه الأسرة واتخاذ القرارات المهمة. هذه الهرمية توفر للأطفال الشعور بالأمان والاستقرار، حيث يكون لديهم وضوح في من يقود الأسرة ومن يضع القواعد.
الهرمية الفعّالة تسهم في تعزيز التفاعل الصحي بين الأجيال، حيث يكون لدى الأبناء مجال للتعبير عن احتياجاتهم وآرائهم، مع العلم أن الوالدين لديهم القدرة على تقديم الدعم اللازم واتخاذ القرارات الصائبة. هذا النوع من الهرمية يعزز من قدرة الأسرة على التكيف مع التحديات، مثل الأزمات العائلية أو الانتقال بين المراحل العمرية المختلفة.
2. الهرمية المعكوسة (Inverted Hierarchy)
في الأسر ذات الهرمية المعكوسة، يكون لدى الأبناء تأثير أكبر على القرارات العائلية مقارنةً بالوالدين، مما يؤدي إلى فقدان الوالدين دورهم القيادي. قد يحدث هذا النوع من الهرمية في الحالات التي يشعر فيها الآباء بالعجز عن ممارسة سلطتهم، مما يؤدي إلى أن يصبح الأطفال أو المراهقون هم من يسيطرون على القرارات.
هذا النوع من الهرمية يمكن أن يؤدي إلى اضطراب في العلاقات الأسرية وزيادة التوتر، حيث يشعر الأبناء بالضغط لتحمل مسؤوليات تفوق قدراتهم العمرية، بينما يشعر الآباء بالعجز وفقدان السيطرة. كما يمكن أن يؤدي إلى فقدان احترام الأبناء للوالدين وصعوبة الالتزام بالقواعد.
3. الهرمية غير المحددة (Undefined Hierarchy)
الهرمية غير المحددة تشير إلى غياب الوضوح في توزيع السلطة داخل الأسرة، حيث لا يكون هناك دور قيادي واضح للوالدين أو الأبناء. في هذه الأسر، قد يسود الفوضى في اتخاذ القرارات وتحديد الأدوار، مما يؤدي إلى شعور الأفراد بالارتباك والضياع.
الغياب الواضح للقيادة يمكن أن يؤدي إلى صراعات بين أفراد الأسرة وعدم القدرة على اتخاذ القرارات بشكل جماعي. في مثل هذه الحالات، يعاني الأفراد من ضعف في الشعور بالاستقرار العاطفي، مما يجعل الأسرة أقل قدرة على التكيف مع التحديات الخارجية أو التغييرات الداخلية.