الوظيفة التنفيذية للذات في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


الوظيفة التنفيذية للذات في علم النفس الاجتماعي:

تشير الوظيفة التنفيذية للذات في علم النفس الاجتماعي إلى القدرة الداخلية على اختيار وتوجيه سلوك الفرد، على الرغم من أن السلوك الإنساني يتشكل بلا شك من خلال قوى خارجة عن سيطرة الفرد، بما في ذلك علم الوراثة، والمعايير الثقافية، والمصادفة، فإن بعض السلوكيات الإنسانية يكون مقصودًا بوعي من الفرد، وبالتالي يتشكل جزئيًا من قبل الشخص.

يتم استخدام الوظيفة التنفيذية للذات في علم النفس الاجتماعي عندما يخطط الناس لأفعالهم أو يختارونها أو يتحكمون فيها، حيث أن القياس المناسب هو الرئيس التنفيذي لمنظمة معينة أو عمل معقد في مجال الأعمال، حيث تستمر معظم الشؤون اليومية دون إشراف مباشر أو وعي من الرئيس التنفيذي، ومع ذلك يتخذ الرئيس التنفيذي خيارات رئيسية وهو المسؤول في النهاية عن رسم مسار المنظمة.

في الحياة اليومية، يتم تحقيق معظم السلوك الإنساني الفردي أيضًا دون توجيه تنفيذي منظم، ومع ذلك تتدخل الذات أحيانًا لاختيار أي من الإجراءات والخطوات العديدة الممكنة التي يجب القيام بها أو لتغيير استجاباتها المعتادة.

نطاق وأهمية الوظيفة التنفيذية للذات في علم النفس الاجتماعي:

تعتبر الوظيفة التنفيذية هي سمة مميزة للذات البشرية وذات صلة بالعديد من مجالات علم النفس، ففي علم النفس الاجتماعي، تتعلق الأبحاث النفسية التي تتعلق بتأخير الإشباع والاختيار والتنظيم الذاتي بالوظيفة التنفيذية للذات، حيث يتطلب تحمل الألم قصير المدى لتحقيق مكاسب طويلة المدى والقدرة على التخطيط للمستقبل والتخلي عن الراحة الفورية أو المتعة.

يُلزم إعداد واتخاذ القرار الشخص بمسار عمل واحد ويضع بعض المسؤولية عن العواقب على نفسه، والحفاظ على هدوء الفرد في أزمة ما ينطوي على تنظيم الخوف أو القلق، أو على الأقل ظهورهما معاً، وكل هذه السلوكيات تتطلب إجراءات تنفيذية، علاوة على ذلك، فإن القوى التي تقوض الوظيفة التنفيذية، مثل الإلهاء والتعب والضغط النفسي، تضعف كل هذه السلوكيات.

يوفر كل من علم النفس الاجتماعي والإكلينيكي دليلًا مثيرًا على عواقب ضعف الأداء التنفيذي، على سبيل المثال، يعكس الاكتئاب الشديد نقص التحكم في الحالة المزاجية، ويشير السلوك السلبي إلى نقص في التحكم في الانفعالات، حيث يعد تحسين القدرة على الرقابة التنفيذية بتقديم علاج قوي للعديد من الاضطرابات النفسية.

توجد أدلة بالفعل لدعم فوائد الرقابة التنفيذية للذات في علم النفس الاجتماعي لدى الأفراد الطبيعيين الأصحاء، حيث وجد علماء النفس الاجتماعي المتعلق بالشخصية أن الأشخاص الذين يتفوقون في التحكم التنفيذي للذات يتمتعون بنجاحات أكبر في الحياة، بما في ذلك درجات أفضل وعلاقات أكثر إرضاء، وسعادة أكبر من الأشخاص الذين يعانون من السيطرة التنفيذية.

في علم النفس المعرفي الاجتماعي، تتم دراسة الوظيفة التنفيذية للذات فيما يتعلق بالتعلم والذاكرة والتخطيط والسيطرة على الانتباه، أي بشكل عام أن الأشخاص ذوو القدرة التنفيذية العالية هم متعلمون أسرع، ويستفيدون بشكل أفضل من الخطط والاستراتيجيات، ويتحكمون في انتباههم ببراعة أكثر من الأشخاص ذوي القدرات التنفيذية المنخفضة.

تعتبر الوظيفة التنفيذية للذات ضرورية أيضًا لأداء المهام والواجبات الجديدة والتعامل مع المواقف غير المألوفة، وعندما لا تقدم العادات والتعلم في علم النفس الاجتماعي سوى أدلة تقريبية للسلوك الإيجابي، فإن الوظيفة التنفيذية للذات تتدخل لتوليد استجابات جديدة وتوجيه السلوك الإنساني في اتجاهات جديدة.

يفحص علماء النفس التنموي الاجتماعي التغيرات في الوظيفة التنفيذية بمرور الوقت ووجدوا أن القدرة على التحكم التنفيذي للذات ترتبط ارتباطًا وثيقًا بنمو ونضج الفصوص الأمامية للدماغ البشري، علاوة على ذلك، يرتبط الضرر الذي يصيب الفص الجبهي بالعجز في الأداء التنفيذي للذات، بما في ذلك سوء التخطيط، والتفكير الخاطئ، وعدم القدرة على تنسيق السلوكيات الاجتماعية المعقدة.

ربما تكون أكثر حالات تلف الفص الجبهي شهرة هي فينياس غيج، وهو عامل سكة حديد كان قد انفجر في جمجمته في عام 1848، بعد الحادث الذي واجهه من مشاكل في التحكم في عواطفه والالتزام بالمعايير الاجتماعية والثقافية، على الرغم من ذاكرته و بقيت المخابرات على حالها، ويعتقد علماء النفس الآن أنه قد عانى من أضرار جسيمة في مناطق الدماغ التي تشارك في الوظيفة التنفيذية للذات.

قضايا دائمة في الوظيفة التنفيذية للذات في علم النفس الاجتماعي:

يبدو أن فكرة الفعل والأداء للسلوك المتعمد تتعارض مع السعي العلمي وراء أسباب السلوك المادية، وخاصة البيولوجية أو الكيميائية، حيث يعتقد بعض المنظرين من علماء النفس الاجتماعي أن فكرة الشخص الصغير المتعمد في الدماغ الذي يتحكم في السلوك هو تفسير غير مرضٍ وغير علمي لا يمكن اختباره أو التحقق منه تجريبياً.

في حين يقبل المنظرين من علماء النفس الآخرين فكرة القوم أو وحدة تحكم داخلية مع الاعتراف بأوجه القصور في هذا النهج، حيث يعمل هؤلاء المنظرين كما لو كان القوم أو وحدة التحكم الداخلية موجودة وينتظرون مواصفات أكثر دقة لأسسها البيولوجية، ولا يزال آخرين غيرهم يدرسون الوظيفة التنفيذية للذات من خلال فحص السلوك العلني أو الشعور الذاتي بالسيطرة التنفيذية وتجاهل الدعوة لتحديد أساسها البيوكيميائي.

هناك مسألة أخرى لم يتم حلها تتعلق بقياس الوظيفة التنفيذية للذات في علم النفس الاجتماعي، حيث يبدو أن الوظيفة التنفيذية متورطة في مجموعة متنوعة من السلوكيات، وهناك إجماع ضئيل أو معدوم على أي مهمة واحدة أو اختبار يقيسها بشكل أفضل، ونتيجة لذلك، يعتمد العديد من الباحثين في البحث النفسي على مهام متعددة لتقييم عمل الوظيفة التنفيذية.

بينما يركز باحثين آخرين بشكل ضيق على مهام محددة، مثل المهام التي تنطوي بشكل أساسي على التخطيط أو تثبيط الاستجابة، وكل نهج نفسي منها له عيوبه، ويبدو أن النهج الواسع متعدد المهام غير مناسب لتحديد القدرات الدقيقة للوظيفة التنفيذية، وقد لا يستوعب نهج المهمة الواحدة الضيق جميع قدراته المتنوعة.

تساهم مشكلة القياس في قضية ما إذا كان ينبغي اعتبار الوظيفة التنفيذية للذات قدرة غرض عام، حيث أنها تُستخدم في العمليات العاطفية والمعرفية والسلوكية على حد سواء، أو ما إذا كان ينبغي اعتبار الوظيفة التنفيذية للذات قدرة أكثر تحديدًا، ومستخدمة من أجل على سبيل المثال، في التحكم في الانتباه أو التخطيط للمستقبل.

بشكل عام، تشير الأدلة إلى أن الوظيفة التنفيذية للذات في علم النفس الاجتماعي هي قدرة للأغراض العامة وتستخدم في مجموعة متنوعة من السلوكيات، ومع ذلك قد يكون هذا الاستنتاج نتيجة مباشرة للقياس غير الدقيق، وقد يساعد التعريف والقياس الأكثر دقة للوظيفة التنفيذية للذات في تحديد ميزاتها الأساسية وتوضيح نطاقها واتساعها.


شارك المقالة: