بناء الأسرة في نظرية العلاج الأسري البنائي

اقرأ في هذا المقال


يهتم العلاج الأسري البنائي كغيره من مدارس العلاج الأسري على دور السياق الاجتماعي، في مواصلة ومعالجة المشكلات لدى الشخص وهو يهتم بدور تنظيم الأسرة والدور الفعَّال للمعالج بما أنَّه محور التغيير.

بناء الأسرة في نظرية العلاج الأسري البنائي

يرى العالمين “منيوشن ومينشمان” أنَّ الأسرة هي مجموعة طبيعية يتوفر فيها بشكل متواصل أشكال من التفاعلات تُشكّل بناء الأسرة.

يظن المعالج الأسري البنائي أنَّ الصعوبات ما تزال موجودة ومتواصلة، عن طريق الخلل الوظيفي في تشكيل الأسرة، وأيضاً يركز المعالج اهتمامه على أساليب محاولة البناء الأسري بالقيام بحل المشكلة أكثر من الاهتمام بالطرق المسببة لحدوث المشكلة، وأيضاً لا يركز العلاج الأسري البنائي بتاريخ حدوث المشكلة، بل يكون تركيزه على الأمور الحالية مثل: من هو الشخص الذي يوجّه القوة على الآخرين؟ ما مستوى المرونة في استبدال الأدوار بين أفراد الأسرة في المواقف المختلفة والتي تواجههم في المستقبل.

وقد ركز “منيوشن” على مفاهيم ساطعة وواضحة مثل: التوازن، التغذية الراجعة، حدود النظام، الأنظمة الفرعية، النظام المفتوح، والنظام المغلق، وتتصف نظرية منيوشن بالشمول، وتهتم بوجهة النظر التفاعلية البنائية.

وقد ركز “منيوشن” على مساعدة الأسرة على التأمل، الإدراك، والتخلص من مشكلاتها، وأن يتعامل المريض مع الواقع، ويركز العلاج على المشكلات التي تحدث مع الأسرة، وينظر إلى المشكلات الأسرية على أنَّها ناتجة عن طبيعة البناء الأسري، ولا يتم التخلص والقضاء على المشكلات إلا إذا أعادت تشكيل بناء الأسرة.

عناصر بناء الأسرة في العلاج الأسري البنائي

تقوم نظرية العلاج الأسري البنائي على عدة عناصر أساسية تحدد كيفية بناء الأسرة وتنظيمها. تشمل هذه العناصر:

1. الحدود (Boundaries)

الحدود هي القواعد التي تحدد مقدار التفاعل المسموح به بين أفراد الأسرة وكيفية مشاركة الأفراد في الحياة الأسرية. تساعد الحدود في تمييز الأدوار والمسؤوليات داخل الأسرة، وتحدد مقدار الخصوصية أو الانفتاح بين الأفراد. يمكن أن تكون الحدود مرنة أو جامدة أو ضبابية:

  • الحدود المرنة: تتيح تفاعلات صحية وتسمح لأفراد الأسرة بالتفاعل مع بعضهم البعض مع احترام خصوصياتهم. هذه الحدود تساعد الأسرة على التكيف مع التغيرات بشكل أفضل.
  • الحدود الجامدة: تكون مغلقة جدًا وتحد من تفاعل أفراد الأسرة مع بعضهم البعض، مما يؤدي إلى خلق مسافات عاطفية بينهم وصعوبة في تقديم الدعم العاطفي.
  • الحدود الضبابية: تفتقر إلى الوضوح وتؤدي إلى تداخل الأدوار والمسؤوليات بين الأفراد، مما يخلق حالة من الفوضى في التفاعلات الأسرية.

2. الأدوار والسلطة (Roles and Hierarchy)

تلعب الأدوار والسلطة داخل الأسرة دورًا مهمًا في تنظيم العلاقات وتوزيع المسؤوليات. يتوقع أن يتحمل الوالدان دور القيادة وأن يكون لهما تأثير كبير على القرارات الأسرية، بينما يلعب الأبناء أدوارًا تتناسب مع أعمارهم ومستوى نضجهم. من المهم أن تكون السلطة موزعة بشكل متوازن داخل الأسرة، بحيث لا تكون السلطة مفرطة بيد فرد واحد أو ضعيفة جدًا، مما قد يؤدي إلى صراعات واضطرابات في العلاقات.

3. التفاعل بين الأجيال (Intergenerational Patterns)

تأخذ النظرية البنائية في الاعتبار كيف تؤثر الأجيال المختلفة على بعضها البعض داخل الأسرة. يتضمن ذلك كيفية تأثير تصرفات الأجداد أو الآباء على تصرفات الأبناء وطريقة تعاملهم مع بعضهم البعض. من خلال فهم هذه التأثيرات، يمكن للمعالج أن يساعد الأسرة في كسر الأنماط السلبية المتوارثة والعمل على بناء علاقات أكثر صحة بين الأجيال.

4. التحالفات والائتلافات (Alliances and Coalitions)

تشير هذه العناصر إلى العلاقات الوثيقة التي قد تتكون بين أفراد الأسرة. على سبيل المثال، قد يكون هناك تحالف قوي بين الأب والأم، أو بين أحد الوالدين وأحد الأبناء. إذا كانت هذه التحالفات صحية وتساعد على دعم الأسرة ككل، فإنها تسهم في تعزيز بنية الأسرة. لكن إذا كانت هذه التحالفات تعمل على استبعاد أحد الأفراد أو تقوية الخلافات، فإنها قد تؤدي إلى مشاكل وتوترات داخل الأسرة.


شارك المقالة: