تأثير رينجلمان في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


تعريف تأثير رينجلمان في علم النفس الاجتماعي:

يشير تأثير رينجلمان في علم النفس الاجتماعي إلى الأفراد الذين يبذلون جهدًا فرديًا أقل في مهمة ما عند العمل كجزء من مجموعة مقارنة بالعمل الفردي، أي أنه يمثل الميل إلى أن تصبح المجموعات أقل إنتاجية من حيث الإنتاج لكل عضو مع زيادة حجمها.

تمت تسمية هذا التأثير على اسم ماكس رينجلمان 1861- 1931، وهو مهندس زراعي فرنسي درس إنتاجية الخيول والثيران والرجال والآلات في تطبيقات زراعية مختلفة، حيث وجد أن المجموعات غالبًا ما تتفوق على الأفراد ولكن إضافة كل عضو جديد إلى مجموعة ينتج عنها مكاسب أقل في الإنتاجية، ويشير تأثير رينجلمان إلى أن هذه الخسارة في الإنتاجية ناتج عن انخفاض الحافز الذي يعاني منه المجموعات وعدم كفاءة المجموعات الأكبر.

خلفية وتاريخ تأثير رينجلمان في علم النفس الاجتماعي:

كان ماكس رينجلمان مهندسًا زراعيًا فرنسيًا كان مهتمًا بفحص الجوانب المختلفة المتعلقة بالكفاءة الزراعية، حيث أنه كان مهتمًا في المقام الأول بالظروف التي تكون فيها حيوانات الجر مثل الخيول والثيران أكثر أو أقل كفاءة في أداء عملهم، ومنها تمثل أبحاث رينجلمان بعضًا من أقدم الأبحاث النفسية الاجتماعية المنهجية؛ نظرًا لأنه كان مهتمًا أيضًا بالعملية التي يمكن من خلالها للحيوانات والأشخاص أن يكونوا أكثر كفاءة، فإن بحثه يمثل أيضًا بعضًا من أوائل أبحاث العوامل البشرية المعروفة.

في الواقع يمثل جانب العوامل البشرية في بحثه المحور الأساسي لبحثه، في حين أن مقارنات الأداء الفردي والجماعي لم تكن سوى اهتمام ثانوي في وقت بحثه الأصلي.

في بعض أبحاثه الأولية طلب رينجلمان من المشاركين الذكور سحب حبل أفقيًا لمدة 5 ثوانٍ تقريبًا، ومنها سحب المشاركين حبلًا بشكل فردي وفي مجموعات مكونة من 7 أفراد، أو في مجموعات من 14 شخصًا، خلال هذا الوقت تم تسجيل أقصى جهد للسحب عبر مقياس ديناميكي جهاز يقيس أقصى قوة تمارس، هؤلاء المشاركين الذين سحبوا بمفردهم مارسوا قوة متوسطة مقدارها 85.3 كجم لكل شخص.

عندما سحب المشاركون في مجموعات من 7 و 14 شخصًا، كان متوسط ​​القوة المبذولة لكل شخص 65.0 كجم و 61.4 كجم على التوالي، وبالتالي مع زيادة حجم المجموعة انخفض متوسط ​​القوة المبذولة لكل فرد، بالتالي وجد رينجلمان نتائج مماثلة عندما طُلب من المشاركين دفع عارضة متصلة بعربة ذات عجلتين عندما دفع المشاركين بمفردهم فإنهم يبذلون مزيدًا من القوة 170.8 كجم في المتوسط ​.

تتضمن بعض نتائج رينجلمان الأكثر الاستشهاد بها فحص أداء المجموعة النسبي كدالة لحجم المجموعة في مجموعات تتراوح في الحجم من واحد إلى ثمانية مشاركين، على غرار بحثه المذكور سابقًا انخفض الجهد الفردي كدالة لحجم المجموعة، مما يشير إلى وجود علاقة منحنية بين حجم المجموعة وأداء المجموعة، أي مع زيادة حجم المجموعة، انخفض إجمالي القوة التي تمارس على المجموعة، لكن الفرق بين المجموعات المكونة من شخصين وثلاثة أشخاص كان أكبر من الفرق بين المجموعات المكونة من أربعة وخمسة أشخاص والفرق بين سبعة وثمانية أشخاص كانت المجموعات لا تزال أصغر.

ومن المثير للاهتمام لم يحدد رينجلمان بوضوح أنواع المهام التي استندت إليها هذه البيانات، قد تأتي أو لا تأتي من بحث خاص بشد الحبل كما يُفترض غالبًا.

أقر رينجلمان بوجود سببين محتملين وراء هذا الانخفاض في الأداء الفردي عند العمل في مجموعات، الأول هو أن التأثير كان بسبب خسائر التنسيق، على سبيل المثال سيكون الشخصان اللذان يسحبان حبلًا أكثر تنسيقًا في شدهما من المرجح أن يكونا متزامنين في شدهما من مجموعة مكونة من سبعة أو ثمانية أشخاص معًا.

بالنسبة إلى رينجلمان كان هذا هو التفسير الأكثر ترجيحًا، ومع ذلك فقد أقر أيضًا بحقيقة أن مثل هذا التأثير قد يكون نتيجة لانخفاض الحافز، على سبيل المثال مع زيادة عدد الأشخاص الذين يشدون حبلًا، قد يشعر الأفراد أن عمل زملائهم في العمل سيكون كافيًا لإنجاز المهمة المطلوبة بنجاح، وبالتالي ينخفض ​​الجهد الفردي كنتيجة لذلك.

بحث معاصر حول تأثير رينجلمان في علم النفس الاجتماعي:

حتى منتصف السبعينيات استشهد الباحثين بعمل رينجلمان، لكن لم يحاول أحد تكرار النتائج التي توصل إليها، ثم في عام 1974 سعى الباحثين إلى فهم تأثير رينجلمان بشكل أفضل، أي هل هذا هو التأثير حقيقي؟ هل ستظهر نتائج مماثلة إذا تم إجراء بحث رينجلمان في بيئة معملية خاضعة للرقابة؟ هل تم الحصول على تأثيرات رينجلمان في المقام الأول بسبب خسائر التنسيق التي ينطوي عليها العمل معًا في مهمة ما؟ بدلاً من ذلك هل يمكن تفسير بيانات رينجلمان بشكل أساسي من خلال آليات أخرى مثل انخفاض الدافع الجوهري الفردي؟

على غرار البحث الأصلي رينجلمان تشير النتائج الأكثر حداثة إلى أن الجهد الفردي لا يتناقص كدالة لحجم المجموعة، حيث تم تكرار هذه النتائج باستخدام عدد من أحجام المجموعات المختلفة وعدد من المهام المختلفة مثل التصفيق والصراخ والعصف الذهني وتقييم الوظائف وما إلى ذلك، بما في ذلك إحدى مهام رينجلمان الأصلية وهي سحب الحبل.

علاوةً على ذلك يساهم كل من انخفاض الدوافع الإنسانية وخسائر التنسيق في انخفاض أداء المجموعة في مهمة ما، حيث يلعب التنسيق دورًا أكبر مع زيادة حجم المجموعة، ثم تم اقتراح سببين محتملين على الأقل لتفسير انخفاض الدافع، الأول هو أنه كلما زاد حجم المجموعة زاد اعتقاد الفرد بأن أعضاء المجموعة الآخرين سيكونون قادرين على إنجاز المهمة المطلوبة بنجاح، مما يؤدي إلى تقليل الجهد أي التحفيز.

التفسير الثاني لانقاص الدوافع الإنسانية يتعلق بالتصور القائل بأن أعضاء المجموعة الآخرين لا يبذلون قصارى جهدهم، نتيجة لذلك سيقلل الفرد من جهده، مقارنةً بالوقت الذي يعمل فيه الفرد بمفرده، حيث أدى هذا البحث أيضًا إلى تغيير في المصطلحات المستخدمة لوصف هذا التأثير، ومنها تم استبدال تأثير رينجلمان الأصلي بمصطلح يصف بشكل أكثر ملاءمة هذه الظاهرة، وهو التسكين الاجتماعي.

أهم المتغيرات في تأثير رينجلمان في علم النفس الاجتماعي:

منذ عودة ظهور البحث النفسي الاجتماعي في المنهج التجريبي الخاص في هذا المجال تم العثور على العديد من المتغيرات للتوسط أو الوسط إلى أي مدى يميل الأفراد إلى المعرفة والاكتساب المتعلم للكثير من المهارات أثناء أداء مهمة جماعية، حيث أن بعض هذه المتغيرات هي قابلية التحديد، والأهمية الشخصية، وتماسك المجموعة، والاعتماد المتبادل بين المهام.

على سبيل المثال من غير المرجح أن يقلل الأفراد من جهدهم الفردي داخل المجموعة إذا كانوا يعتقدون أن جهدهم الفردي يمكن تحديده ببساطة وبشكل مباشر وفوري، ومهمة المجموعة لها بعض الأهمية الشخصية للفرد أي مهمة بشكل شخصي لتحقيق أهداف وغايات انفرادية، والمجموعة أكثر تماسكًا أو متماسكة فالأصل، ويعتمد إكمال المهمة بنجاح على جهد جميع أعضاء المجموعة كوحدة واحدة.


شارك المقالة: