تجربة الموقف الغريب في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


نسمع الكثير عن علاقات الارتباط الآمنة، ولكن ماذا يعني الباحثين بالضبط بهذا المصطلح؟ من هذا المنطلق ابتكرت عالمة النفس ماري أينسوورث إجراء تجربة الموقف الغريب في علم النفس لأول مرة لتقييم جودة ارتباط الرضيع بوالدته.

تجربة الموقف الغريب في علم النفس

يعتبر تجربة الموقف الغريب في علم النفس تجربة أو إجراء يشرح أو يناقش كيف يستجيب الأطفال، ويستعرض سبب ارتباط بعض الأطفال بشكل غير آمن، فوفقًا لنظريات جون بولبي (1988)، حيث يتم ربط الطفل بشكل آمن إذا كان واثق من دعم مقدم الرعاية له، ويعتبر شكل المرفق بمثابة قاعدة آمنة يمكن للطفل من خلالها استكشاف العالم بثقة، فالمرفق الآمن يرتبط أيضًا بتتبع مقدم الرعاية أثناء الاستكشاف، والاقتراب من مقدم الرعاية أو لمسه عند القلق أو الضيق، وإيجاد الراحة في القرب والاتصال.

على المدى الطويل يبدو أن الأطفال الذين لديهم مرفقات آمنة لديهم يفتح في نافذة جديدة ذات مزايا عديدة عاطفية واجتماعية وطبية ومعرفية، ولكن كيف يمكن معرفة ما إذا كان الباحثين سيصنفون الطفل على أنه متصل بشكل آمن؟ وكيف يقيسون بالفعل أمان المرفقات؟ حيث تعتبر الطريقة الأصلية التي طورتها عالمة النفس المؤثرة ماري أينسوورث هي الإجراء المختبري المسمى بتجربة الموقف الغريب في علم النفس.

عادةً ما تختبر تجربة الموقف الغريب في علم النفس كيف يستجيب الأطفال الصغار للغياب المؤقت لأمهاتهم، ولاختبار أسلوب التعلق لدى الطفل، وضع الباحثين الطفلة ووالدتها حيث تركز هذه الدراسات دائمًا على الأم بمفردهما في غرفة تجريبية، ومنها تحتوي الغرفة على ألعاب أو أشياء أخرى مثيرة للاهتمام، وتسمح الأم للطفل باستكشاف الغرفة بمفردها، بعد أن يحصل الطفل على وقت للاستكشاف.

يدخل شخص غريب الغرفة ويتحدث مع الأم، ثم ينقل الغريب الانتباه إلى الطفل، عندما يقترب الغريب من الطفل تتسلل الأم بعيدًا، وبعد عدة دقائق عادت الأم إنها تريح طفلها ثم تغادر مرة أخرى، والغريب يغادر كذلك، وبعد بضع دقائق يعود الغريب ويتفاعل مع الطفل، أخيرًا تعود الأم وتحيي طفلها.

كيفية استجابة الأطفال لتجربة الموقف الغريب في علم النفس

كما يوحي اسم تجربة الموقف الغريب في علم النفس، تم تصميم الوضع الغريب لتزويد الأطفال بتجربة غير عادية، ولكنها ليست مخيفة بشكل كبير، فعندما يمر الطفل بموقف غريب يهتم الباحثون بأمرين وهما كم يستكشف الطفل الغرفة بمفرده، وكيف يستجيب الطفل لعودة والدته، وعادةً ما يتبع رد الطفل على الموقف الغريب واحدًا من أربعة أنماط.

النمط الأول يتمثل في الأطفال الموصولين بشكل آمن من خلال الاستكشاف الحر والسعادة عند عودة الأم، حيث يستكشف الطفل الموصول بأمان الغرفة بحرية عندما تكون والدته حاضرة، وقد يصاب بالضيق عندما تغادر أمه، ويقل استكشافه عند غيابها لكنه سعيد عندما تعود، فإذا بكى يقترب من والدته ويمسكها بقوة، لأنه يشعر بالارتياح من خلال احتجازه، وبمجرد أن يشعر بالراحة يكون جاهزًا قريبًا لاستئناف استكشافه المستقل للعالم والدته تستجيب لاحتياجاته، نتيجة لذلك يعرف أنه يستطيع الاعتماد عليها عندما يكون تحت الضغط.

النمط الثاني يتمثل في الأطفال المتجنبين غير الآمنين من خلال القليل من الاستكشاف والاستجابة العاطفية للأم، حيث أنه لا يستكشف الطفل المتجنب غير الآمن الكثير، ولا يظهر الكثير من المشاعر عندما تغادر والدته، ولا تُظهر أي تفضيل لوالدتها على شخص غريب تمامًا، وعندما تعود والدتها تميل إلى تجنبها أو تجاهلها.

النمط الثالث يتمثل في الأطفال الذين يعانون من عدم الأمان ويسمى أيضًا القلقين أو المتناقضين من خلال القليل من الاستكشاف وقلق كبير من الانفصال واستجابة متناقضة للأم عند عودتها، حيث أنه مثل الطفل المتجنب لا يستكشف الطفل غير الآمن والمقاوم الكثير بمفرده، ولكن على عكس الطفل المتجنب فإن الطفل المقاوم يكون حذرًا من الغرباء ويكون حزينًا جدًا عندما تغادر أمه، وعندما تعود الأم فإن الطفل المقاوم يكون متناقضاً، على الرغم من أنه يريد إعادة تأسيس القرب من والدته، إلا أنه يشعر بالاستياء وحتى الغضب من والدته لتركه في المقام الأول.

النمط الرابع يتمثل في الأطفال غير المنظمين وغير الآمنين من خلال القليل من الاستكشاف واستجابة مشوشة للأم، حيث أنه قد يُظهر الطفل غير المنظم مزيجًا من سلوكيات التجنب والمقاومة، لكن الموضوع الرئيسي هو الارتباك والقلق، ومنها يتعرض الأطفال غير المنظمين وغير الآمنين لخطر الإصابة بمجموعة متنوعة من المشكلات السلوكية والنمائية.

ما الذي يسبب المرفقات الآمنة وغير الآمنة في تجربة الموقف الغريب في علم النفس

في تجربة الموقف الغريب في علم النفس يمكن التعرف علا جميع المسببات التي تؤدي للمرفقات الآمنة والمرفقات غير الآمنة، والتي تتمثل من خلال ما يلي:

سلوك وأسلوب الأبوة والأمومة

على الرغم من أن الأبوة والأمومة وحدها لا تحدد حالة ارتباط الطفل، إلا أنها قد تلعب دورًا مهمًا للغاية، كيف يمكننا أن نتأكد؟ إنه أمر صعب لأن معظم الدراسات تشير إلى مجرد ارتباطات، مما يجعلنا غير متأكدين من العلاقة السببية، فعلى سبيل المثال ترتبط المرفقات الآمنة بفتح في نافذة جديدة الخاصة بالأبوة والأمومة الحساسة والمتجاوبة، لكن لماذا؟

ربما يطور الأطفال المرفقات الآمنة لأنهم ورثوا جينات معينة من والديهم، جينات تؤدي إلى الميل إلى تطوير روابط آمنة، والميل إلى أن يكونوا حساسين ومتجاوبين تجاه الأطفال، وتأتي حجة مقنعة ضد هذا الاحتمال من دراسات التبني، مثل الأطفال الآخرين، ومن المرجح أن يطور الأطفال بالتبني روابط آمنة عندما يكون آباؤهم حساسين ومتجاوبين، وتظهر الدراسات أن التدخل المبكر في تعليم الآباء الجدد كيفية زيادة حساسيتهم يحسن أمان التعلق.

مزاج الرضيع

مثل البالغين يختلف الأطفال في مزاجهم وقد تلعب هذه الاختلافات المزاجية دورًا في تنمية علاقات ارتباط الرضيع، على سبيل المثال عندما اختبر الباحثين مستويات الأوكسيتوسين في 18 مولودًا جديدًا، وجدوا أن الأطفال الذين لديهم مستويات أعلى من الأوكسيتوسين كانوا أكثر ميلًا للحصول على تهدئة الوالدين وإبداء اهتمام أكبر بالتفاعل الاجتماعي، وربما يكون من الأسهل لهؤلاء الأطفال أن يتعلموا أن لديهم قاعدة آمنة.

على نفس المنوال قد يحتاج الأطفال الصعبين أو الأكثر تفاعلًا مع المواقف العصيبة، إلى مستويات أعلى من استجابة الوالدين لتطوير المرفقات الآمنة.

الإجهاد

من الناحية النظرية يمكن أن يسبب التوتر ارتباطًا غير آمن من خلال التدخل في قدرة الطفل على إدراك وتفسير سلوك والدته، وقد يجعل الإجهاد أيضًا من الصعب على الطفل اختيار الاستجابة الأكثر ملاءمة وصحية للانفصال عن والدته ولم الشمل معها، وقد تكون الضغوطات البيئية مثل سوء التغذية مسؤولة عن ارتفاع معدلات الارتباط غير الآمن بين بعض السكان، بالإضافة إلى ذلك قد يتفاعل الإجهاد مع الأبوة والأمومة وعلم التخلق واختلافات في طريقة التعبير عن جيناتنا.


شارك المقالة: