اقرأ في هذا المقال
قد يتجه العديد من الأشخاص إلى الكذب اعتقاداً بأنها الطريقة الأفضل للتهرب من موقف ما، ففي بعض الأحيان الكذب مبالغ لدرجة أنه قد يعد مرض نفسي وبحاجة للعلاج النفسي.
ما هو الكذب القهري؟
هو حالة مرضية تعبر عن سلوك الكذب، وبالرغم من أن البعض من أخصائي النفس ينظرون إليه كأحد مظاهر الأمراض النفسية، إلا أن العديد من أطباء النفس اعتبروه مرض نفسي بحاجة للعلاج.
إن البعض يعتقد بأن تشخيصه كمرض مستقل أمر صحيح؛ إذ إن الأسباب التي تثير الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الشخصية تختلف عن الأسباب التي تدفع المصاب بهذه الحالة إلى الكذب، إنه غالباً غير مؤذٍ ولا يتلاعب بالآخرين كما قد يفعل المريض العقلي مثلاً.
سمات الكذب القهري:
من المنتشر عن هذه الحالة أنها يتم تشخيصها على أنها مرض مستقل، ومع هذا تم تحديد مجموعة صفات رئيسية تميز الشخص المصاب به.
ومن هذه السمات:
1- أن المصاب يتصور أنه يخبر الآخرين قصصاً وليس كذبات، قد يخبر شخص ما بالعديد من القصص المؤثرة والرائعة، ولكنها دائماً تأخذ منحى غير قابل للتصديق، وبينما هو يروي هذه القصص فإنه دائماً ما يقول في نفسه إن هذه القصص ممكن أن تحدث، أو قابلة للحدوث، وبالتالي فإنه من الصعب أن يتم كشف الكذب بسرعة.
2- من الصفات الرئيسية التي يعاني منها المصاب هي أن القصص التي يخبرها المريض لا تنبع من هلاوس، وبالتالي فإنها تختلف كلياً عن مريض الشيزوفرينيا الذي ينفصل عن الواقع ويعيش في هلاوس سمعية وبصرية غير حقيقية؛ إذ إن الشخص المصاب بالفصام مقتنع بشكل مطلق بما يسمع ويشاهد من هلاوس غير واقعية، ضد مصاب الكذب القهري الذي لا يقتنع بما يرويه، وهو يدرك بشكل كامل أن هذه القصص هي من صنع خياله وأنها غير واقعية، ومع هذا عندما يقوم المصاب بتكرار الموضوع أكثر من مرة، فإنه قد يصدق نفسه، ولكنها تبقى أيضاً ليست بهلاوس.
3- ومن صفات هذه الحالة عندما يُكتشف كذب الشخص المصاب بالكذب القهري وتتم مواجهته وإخباره بأنه يكذب ومع وجود دليل، فإنه سيتوقف بشكل مباشر ويقر أنه كاذب، بعض الأشخاص ممكن أن لا يبرز عليه أي توتر أو علامة أنه ندم؛ لأنه يكذب، والبعض قد يصبح شرس في حال تمت مواجهته، ولكن بشكل عام لا يوجد ردود فعل واحدة فيما يتعلق بالكاذبين، وهذا يدل أيضاً على أن ما يقوله المريض ليس هلاوس؛ حيث إن المصاب بالهلاوس يعتقد ويصدق تماماً ما يقول ولا يقتنع بأنها كذب.
4- الدافع عند المصاب تجاه هذا السلوك ليس خارجي، بمعنى أنه غير ناتج عن خوفه من الآخرين أو محاولته التهرب من موقف ما، بل الدافع يكون داخلياً بحتاً؛ حيث يعتقد المريض أن حياته مملة وخالية من أي شيء مثير للآخرين فيبدأ باختراع قصص مثيرة.
5- كما أن أغلب القصص التي يسردها هؤلاء المصابين هي قصص تحمل سمة إيجابية ومحببة لدى الآخرين، كأن يشبه نفسه على أنه شجاع أو منقذ أو أنه تغلب على شيء ما بقدراته، أو أنه يعرف أشخاصاً مشهورين، أو أي شيء يجعله يبدو أفضل مما هو عليه في حياته التي يعتبرها مملة.
الفرق بين الكذب المرضي والكذب القهري:
عادةً هذا السلوك لدى المصاب أصبح بهدف التعود على الكذب، يقوم بهذا لأنه يرغب بأن يظهر بصورة أحسن؛ ولأن حياته غير ممتعة بصورة كافي فقط، وليس هناك دوافع خارجية كأن يحصل على أصدقاء، أو أن يكون معروفاً.
العديد من الأشخاص يدمجوا بين الكذب القهري والكذب المرضي؛ للتشابه بينهما، وفي الحقيقة هما مختلفين عن بعض؛ إذ إن الشخص المصاب بالكذب المرضي المصاحب لاضطراب نفسي يفعل ذلك من غير أي دافع، ويقوم بذلك بشكل مقنع جداً، وكما تقول عالمة النفس السريري مارثا ستاوت: “فإنهم غالباً ما يكذبون ليتمكنوا فقط من رؤية ما إذا كان بإمكانهم خداع الناس. هؤلاء الناس ماهرون جداً في الكذب في جميع الأحوال؛ لأنهم يفتقرون تماماً إلى التعاطف مع الآخرين”.
أسباب الكذب القهري:
يعتقد بعض العلماء أن السبب في ظهور هذه الحالة لدى الأشخاص هو أن المصاب عاش في بيئة كان الكذب فيها ضروري كأن يكون في عائلة منتقدة بصورة مستمرة، ولكن بصورة عامة ليست هناك سبب واضح لماذا يصاب الشخص بهذه الحالة.