التقدير الذاتي بين النجاح والفشل

اقرأ في هذا المقال


إنَّ مستوى ما نحظى به من تقدير ذاتي، يتحدد بدرجة كبيرة طِبقاً لمقدار اقتراب تصوّرنا عن أنفسنا، من صورتنا النموذجية، التي تُعبّر عن تصوّرنا لجودة أدائنا إذا كنّا في أفضل حالاتنا، فنحن دائماً ما نقارن أداءنا الفعلي بأدائنا النموذجي على مستوى اللاوعي لدينا.

كيف نحدد ذاتنا

عندما نشعر أنَّنا نعمل أفضل أداء لدينا، ينتابنا شعور رائع تِجاه أنفسنا، فيرتفع تقديرنا لذاتنا، ونشعر بالسعادة والقوة والمثابرة.

عندما نقول أو نفعل شيئاً لا يتماشى مع أدائنا اﻷفضل، فينتابنا شعور بأنَّنا قليلي الحيلة، فيهبط تقديرنا لأنفسنا، وعندما تتسع الفجوة بين أنفسنا، وبين الشخص النموذجي الذي نرغب بشِدَّة في أن نكونه في المستقبل، ينتابنا شعور سيء تِجاه أنفسنا، لهذا السبب فإنَّنا نغضب من أنفسنا كلّما أخفقنا في القيام بشيء ما، أو عندما نتصرّف على غير ما يرام في موقف من المواقف مع أشخاص آخرين.

تُواصِل صورتنا النموذجية عَملها في تذكيرنا بين الفترة والأخرى، بمدى كفاءتنا إذا ما وصلنا إلى الشخص الذي نتمنّى أن نكونه في مخيلتنا، فكلّ واحد منّا يطمح أن يكون شخصاً نموذجياً، موجود في مخيّلتنا، ونحاول مراراً أن نكون ذلك الشخص، ويستطيع بعضنا بالتصميم والإرادة عمل ذلك، على عكس الكثيرين.

فالتقدير الذاتي الإيجابي ضرورة لبناء الشخصية السليمة الناجحة القادرة على تجاوز العقبات.

التقدير الذاتي مفتاح الاتزان النفسي والازدهار الشخصي

التقدير الذاتي هو أحد العناصر الأساسية لصحة النفس والرفاهية الشخصية. إنه يعبر عن الكيفية التي ينظر بها الشخص إلى نفسه، ومدى احترامه لذاته وثقته بقدراته. يعد التقدير الذاتي من العوامل المؤثرة في تحقيق النجاح والتعامل مع الفشل. بين النجاح والفشل، يمكن أن يتأثر تقديرنا لذاتنا بشكل كبير، سواء إيجابًا أو سلبًا، مما يجعل فهم هذه العلاقة أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على اتزاننا النفسي والنمو الشخصي.

1. ما هو التقدير الذاتي

التقدير الذاتي هو تقييم الشخص لنفسه، ويعكس مدى إحساسه بالقيمة الذاتية. يتشكل التقدير الذاتي من مجموعة من المكونات، بما في ذلك:

  • الثقة بالنفس: وهي الإيمان بقدرة الشخص على القيام بالمهام المطلوبة والنجاح فيها.
  • الاحترام الذاتي: الشعور بأن الشخص يستحق الاحترام والتقدير من نفسه والآخرين.
  • الشعور بالكفاءة: الإحساس بأن الشخص قادر على تحقيق أهدافه والتغلب على التحديات.

يؤثر التقدير الذاتي بشكل مباشر على كيفية مواجهة الشخص لمواقف الحياة المختلفة، بما في ذلك النجاح والفشل.

2. التقدير الذاتي والنجاح

النجاح يمكن أن يكون له تأثير كبير على التقدير الذاتي. عندما يحقق الشخص نجاحًا في مجال ما، سواء كان ذلك في العمل أو الدراسة أو العلاقات الشخصية، يزيد ذلك من شعوره بالكفاءة والثقة بالنفس. يمكن للنجاح أن يعزز التقدير الذاتي بطرق متعددة:

  • تعزيز الثقة بالنفس: النجاح يعزز الثقة بالنفس، حيث يشعر الشخص بأنه قادر على تحقيق أهدافه وتجاوز التحديات.
  • تحقيق الشعور بالإنجاز: النجاح يمنح الشخص شعورًا بالإنجاز والرضا عن الذات، مما يعزز احترامه لذاته.
  • تعزيز الصورة الذاتية الإيجابية: عندما يحقق الشخص النجاح، تتعزز صورته الذاتية الإيجابية ويشعر بالفخر بقدراته وإنجازاته.

3. التقدير الذاتي والفشل

على النقيض من النجاح، يمكن أن يؤثر الفشل بشكل سلبي على التقدير الذاتي. قد يشعر الشخص بالفشل بأنه غير كفء أو غير جدير، مما يمكن أن يؤدي إلى تدهور التقدير الذاتي. مع ذلك، يمكن للفشل أيضًا أن يكون فرصة لتطوير الذات وتحسين التقدير الذاتي من خلال:

  • التعلم من الأخطاء: الفشل يمكن أن يكون معلمًا قويًا، حيث يتيح للفرد فرصة للتعلم من أخطائه وتطوير مهاراته وقدراته.
  • تعزيز المرونة النفسية: من خلال التعامل مع الفشل بشكل إيجابي، يمكن للشخص تعزيز مرونته النفسية وتحسين قدرته على التكيف مع التحديات المستقبلية.
  • إعادة التقييم وإعادة البناء: الفشل يمكن أن يكون فرصة لإعادة تقييم الأهداف والممارسات والعمل على بناء تقدير ذاتي أكثر صلابة يقوم على الفهم الحقيقي للقدرات والإمكانات.

كيفية الحفاظ على التقدير الذاتي بين النجاح والفشل

  • التفكير الإيجابي: الحفاظ على نظرة إيجابية تجاه النجاح والفشل على حد سواء. يمكن للشخص أن يرى النجاح كدليل على قدراته، بينما يرى الفشل كفرصة للنمو والتعلم.
  • تحديد الأهداف الواقعية: وضع أهداف قابلة للتحقيق والواقعية يساعد في تعزيز الشعور بالإنجاز والقدرة على تحقيق التقدم المستمر.
  • التقبل الذاتي: قبول الذات كما هي، مع جميع نقاط القوة والضعف، يساعد في الحفاظ على التقدير الذاتي. من المهم أن يتذكر الشخص أن الفشل جزء طبيعي من الحياة وأن الجميع يواجهون تحديات.
  • الممارسة المستمرة لتحسين الذات: العمل المستمر على تطوير المهارات والقدرات يساعد في بناء تقدير ذاتي قوي ومستدام.
  • الدعم الاجتماعي: البحث عن الدعم من الأصدقاء والعائلة والمعلمين أو المرشدين يمكن أن يكون له تأثير كبير في تعزيز التقدير الذاتي. يمكن أن يساعد الدعم الاجتماعي الشخص على تجاوز الفشل والاستفادة من نجاحاته.
  • الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية: التوازن بين العقل والجسد يسهم في تعزيز التقدير الذاتي. الاهتمام بالنوم الجيد، وممارسة الرياضة، والتغذية الصحية، وممارسة التأمل أو الاسترخاء، كل ذلك يمكن أن يسهم في تحسين الشعور بالرضا عن الذات.

دور التقدير الذاتي في تحقيق التوازن بين النجاح والفشل

التقدير الذاتي القوي يمكّن الشخص من التعامل بفعالية مع النجاحات والإخفاقات على حد سواء. يمكن للتقدير الذاتي المتوازن أن يساعد الشخص في:

  • البقاء متواضعًا عند تحقيق النجاح: الحفاظ على تقدير ذاتي متوازن يساعد الشخص على البقاء متواضعًا وعدم السماح للنجاح بالتأثير على كيفية تعامله مع الآخرين.
  • التحلي بالشجاعة عند مواجهة الفشل: يساعد التقدير الذاتي القوي الشخص على رؤية الفشل كجزء طبيعي من الحياة وأنه فرصة للنمو والتطور.
  • الاستمرار في التحسن الشخصي والمهني: يمكن للتقدير الذاتي المتوازن أن يحفز الشخص على السعي لتحقيق الأفضل، دون الوقوع في فخ الكمال أو الخوف من الفشل.

التقدير الذاتي هو عنصر حاسم في حياة كل فرد، يؤثر بشكل مباشر على كيفية مواجهة النجاح والفشل. من خلال بناء تقدير ذاتي قوي ومتوازن، يمكن للشخص أن يحافظ على صحته النفسية ويحقق نموًا مستمرًا، سواء في أوقات النجاح أو الفشل. إن التقدير الذاتي ليس ثابتًا، بل هو عملية مستمرة من التعلم والتطوير. بالتالي، يجب علينا جميعًا العمل على تعزيز تقديرنا لذواتنا من خلال التفكير الإيجابي، والتعلم من التجارب، والبحث عن الدعم من الآخرين، والسعي لتحقيق التوازن بين النجاحات والإخفاقات في حياتنا.


شارك المقالة: