حماس المعلم في العملية التعليمية

اقرأ في هذا المقال


حماس المعلم في العملية التعليمية:

يُعترف بحماس المعلم عمومًا باعتباره أحد أهم الصفات والخصائص المرغوبة للمعلمين الفعالين، وغالبًا ما يستخدم مصطلح الحماس في التعليمات للإشارة إلى أسلوب تحفيزي وحيوي وعاطفي وديناميكي، وغالبًا ما يبهر المعلم المتحمس الفصل بالإثارة والمتعة والترقب، ويشرك الطلاب للمشاركة ويحفزهم على الاستكشاف، وبالتالي فإنّ حماس المعلم يثير فضول الطلاب ويحفز دافعهم للتعلم، ويمكن أن يؤدي حماس المعلم إلى تقييمات تدريس أفضل، ومواقف إيجابية تجاه المعلمين، وتحسين أداء الطلاب، وتحسين سلوك الفصل الدراسي.

يُنظر إلى مشاركة الطلاب على نطاق واسع على أنّها ترياق فعال لتراجع الحافز الأكاديمي والأداء وزيادة العزلة والملل، وعلى الرغم من أن المشاركة السلوكية والمعرفية والعاطفية للطالب يمكن أن تتأثر بعدد لا يحصى من العوامل السياقية، بما في ذلك المعلمين والأقران والأسرة والمجتمع والثقافة، فإنّ متغير المعلم يفترض دورًا حاسمًا في تحديد مشاركة الطالب في الفصل الدراسي، تمّ العثور على دعم المعلمين ورعايتهم ليكونا محوريين لمشاركة الطلاب.

يمكن أن يكون الطلاب محفزين داخليًا أو خارجيًا للتعلم، بالنسبة للطلاب الذين لديهم دوافع جوهرية، فإنّ الانخراط في مهمة تعليمية هو غاية في حد ذاته، لذلك فهم يتعلمون لأسباب مثل الإتقان والتحدي والفضول والاستمتاع، ومع ذلك فإنّ الطلاب ذوي الدوافع الخارجية، والمشاركة في مهمة التعلم هي الوسيلة لتحقيق غاية، لذلك فهم يتعلمون لأسباب مثل الأداء والدرجات والمكافآت والتقييمات المتعلقة بالآخرين، ويخضع دافع الفرد للتعلم لتأثير السياقات الاجتماعية والخارجية، ولكن تم تحديد عاطفة المعلم كمصدر مهم لتحفيز الطلاب على التعلم.

آثار حماس المعلم على مشاركة الطلاب:

لفحص آثار حماس المعلم على مشاركة الطلاب وتحفيزهم على التعلم ، طُلب من الطلاب تقييم تصوراتهم عن الحماس الذي أبداه المعلم في الفصل الدراسي وتقديم تقييم ذاتي لمشاركتهم السلوكية والمعرفية والعاطفية، وتقييم دوافعهم الجوهرية والخارجية للتعلم، وأشارت النتائج إلى أن حماس المعلم كان له تأثير واسع على مشاركة الطلاب في الفصل الدراسي.

وكلما كان المعلمون أكثر حماسًا وحيوية، زاد تفاعل الطلاب من الناحية السلوكية والمعرفية والعاطفية، وهذه النتيجة منطقية لأنّ تفاعل الطلاب مرن ومتجاوب مع مشاعر المعلمين وأساليب التدريس، ومن المحتمل أن تؤدي المشاعر الإيجابية إلى سلوكيات اجتماعية مؤيدة.

ومن المثير للاهتمام أن حماس المعلم يبدو أنّه كان له تأثير أضعف على المشاركة السلوكية للطالب منه على المشاركة المعرفية والعاطفية، يمكن تقديم تفسيرين أولاً، يحفز المعلمون المتحمسون الطلاب على الانخراط في السلوك، ولكن حتى عندما يكون المعلمون مملين للغاية وبليدون وغير متحمسين في الفصل الدراسي.

فقد يستمر الطلاب في اتباع القواعد والانتباه وتجنب الوقوع في المشاكل وإكمال الواجبات المنزلية في الوقت المحدد لأنّ هذه السلوكيات يمكن أن تؤثر بشكل مباشر درجاتهم النهائية للدورة، وبالتالي من المرجح أن يشارك الطلاب بشكل سلوكي في الفصل من أجل الدرجات حتى في حالة عدم وجود حماس المعلم.

ثانيًا : قد يكون التأثير القوي لحماس المعلم على المشاركة العاطفية للطلاب مرتبطًا بالعدوى العاطفية، حيث ينقل المعلمون حماسهم وطاقتهم إلى الطلاب، وفي الواقع  يمكن أن تحدث المشاعر داخليًا، لكنّها مشتركة ومُعدية إلى حد كبير، ممّا يخلق مشاعر جماعية، وبالتالي قد تعزز هذه المشاركة العاطفية أيضًا الاستثمار النفسي للطلاب في التعلم، وتعزز رغبتهم في إتقان المهام الأكثر تحديًا، وتحفيز المزيد من المشاركة المعرفية.

أظهرت النتائج أيضًا أن حماس المعلم كان مؤشراً فعالاً للدوافع الذاتية للطالب، لكنه لم يكن مؤشراً هاماً للدوافع الخارجية للطالب، وكان حماس المعلم بمثابة محفز خارجي إيجابي يسهّل اهتمام الطلاب وفضولهم ودوافعهم الذاتية للتعلم، ونظرًا لأنّ حماس المعلم معدي واجتماعي، فقد يتقارب الطلاب عاطفياً ويقلدون الطاقة الإيجابية للمعلم بوعي أو بغير وعي.

ونتيجة لذلك أصبحوا أكثر حماسًا وتحفيزًا جوهريًا لإتقان المهمة، ومن المثير للاهتمام أنّ حماس المعلم لم يكن مؤشراً هاماً على الدوافع الخارجية للطالب، وربما يكون هذا لأن الطلاب الذين تم تحفيزهم للتعلم من قبل المعلمين المتحمسين كانوا أكثر توجهاً نحو المعرفة والكفاءة والقدرة أكثر من التوجه نحو الدرجات والأداء والمكافآت، و يبدو أن المعلمين المتحمسين يحفزون الطلاب على إتقان المحتوى أكثر من التفوق على الآخرين.

النتائج تقدم آثار عملية مهمة للمعلمين، على الرّغم من أنّ حماس المعلم ليس حلاً سحريًا لجميع مشاكل السلوك في الفصل الدراسي، إلّا أنّه مصدر قوي لمشاركة الطالب السلوكية والمعرفية والعاطفية، فضلاً عن التوجيه الذاتي نحو الهدف، وعندما ينظر الطلاب إلى معلميهم على أنّهم متحمسون وديناميكيون وحيويون.

فمن المرجّح أن يكونوا مهتمين وفضوليين ومتحمسين داخليًا للتعلم والمشاركة السلوكية والمعرفية والعاطفية، ويبدو أنّه كلما زاد حماس المعلمين في الفصل الدراسي، كلما أصبح الطلاب أكثر فاعلية وانخراطًا وحماسة في التعلم، وكلما زاد حماسهم لمتابعة المهمة المطروحة.


شارك المقالة: