دراسات تؤكد مشاعر أسر الأطفال غير الأسوياء

اقرأ في هذا المقال


فيما يتعلق بأسر الأطفال المعوقين فإنَّ الأحداث المسببة للتوترات النفسية، هي تلك المواقف أو تغيرات الحياة التي تنتج عن الإعاقة، ممَّا ينعكس بصورة سلبية على الأسرة ودورها، ولا ترتبط التوترات والضغوط النفسية بالموقف المُسبب بقدر ما ترتبط بردود فعل الأسرة وكيفية تقييمها لها.

دراسات تؤكد مشاعر أسر الأطفال غير الأسوياء

تشير “براون وآخرون” على المشاعر التي يعيشها الوالدان لوجود طفل معاق والتي تتمثل بالصدمة، الإنكار، الشعور بالذنب، الغضب، التشوش، والاضطراب. إلّا أنَّ هذه المشاعر ليس بالضرورة أن يَمرّ بها كل الآباء، فبعض الأسر تشعر بالحزن العميق، بينما بعض الأسر قد تصيبها أحاسيس من الحزن واليأس التي لا تكون لها نهاية، وليس بالضرورة أن تعيش الأسرة هذه المشاعر بالترتيب، فيمكن أن تظهر هذه المشاعر خلال الأزمات التي تَمرّ بها الأسرة.

تشير “ميس” أنَّ أسر الأطفال المعاقين أكثر عرضة للضغوطات من غيرها؛ لأنَّ الطفل مختلف عن الآخرين، فالآباء لم يجهزوا أنفسهم لمواجهة واقع وجود طفل معاق لديهم، وعندما تبدأ مشكلات الطفل المعاق بالظهور للوالدين، فإنَّ الآباء يصيبهم التشوش نحو إعاقة الطفل، فيشعرون بالخوف والقلق على حاضر ومستقبل الطفل، فيبدأون بالإحساس بمشاعر الذنب، والإشفاق على الذات أو حتى كُره الذات.

قد أشار “بوردن وتوماس” إلى أنَّ تأثير الضغوطات التي تتعرض لها أسر الأطفال المعاقين تظهر في ردود أفعال الآباء غير الملائمة وسلوكياتهم غير التكيُّفيَّة.

يشير “تيرنبل وتيرنبل” إلى أنَّ وظائف وأدوار الأسرة تتغير أولوياتها، يتأثر النظام الاقتصادي، الاجتماعي، والنفسي، تبدأ الاختيارات المهنية بالانحسار، وتحتاج إلى وقت حتى تتكيف مع التغيرات التي حدثت على أدوارها ووظائفها.

تعتبر رعاية الأطفال غير الأسوياء تحديًا كبيرًا للأسر، حيث يتطلب الأمر الكثير من الصبر، والجهد، والدعم النفسي والعاطفي. الأطفال غير الأسوياء قد يشملون ذوي الاحتياجات الخاصة، والإعاقات الجسدية، والعقلية، والنفسية. تختلف مشاعر وتجارب الأسر التي تعتني بمثل هؤلاء الأطفال بشكل كبير، ولكن هناك نقاط مشتركة يمكن أن تساعد في فهم ما يمرون به. العديد من الدراسات البحثية تطرقت إلى هذه المشاعر، وقدمت رؤى مهمة حول التحديات النفسية والاجتماعية التي تواجه الأسر. فيما يلي سنستعرض بعضًا من هذه الدراسات ونستكشف النتائج الرئيسية المتعلقة بمشاعر الأسر التي ترعى الأطفال غير الأسوياء.

1. الضغط النفسي والعاطفي

تشير العديد من الدراسات إلى أن أسر الأطفال غير الأسوياء تعاني من مستويات عالية من الضغط النفسي والعاطفي. وفقًا لدراسة نشرت في “Journal of Developmental and Behavioral Pediatrics”، أظهرت أن الوالدين الذين لديهم أطفال ذوو احتياجات خاصة يواجهون معدلات أعلى من القلق والاكتئاب مقارنةً بالوالدين الذين لديهم أطفال أصحاء. هذا الضغط ينبع من الحاجة المستمرة للعناية، والقلق المستمر حول المستقبل، بالإضافة إلى الشعور بالعزلة الاجتماعية بسبب قلة الدعم أو الفهم من المجتمع المحيط.

2. التأثير على العلاقات الأسرية

وجدت دراسة أخرى نشرت في “Journal of Family Psychology” أن وجود طفل غير سوي يمكن أن يؤثر بشكل كبير على العلاقات الأسرية، بما في ذلك العلاقة بين الوالدين. قد يؤدي الإجهاد المستمر والاحتياجات الإضافية للعناية بالطفل إلى تضاؤل الوقت المتاح للعناية بالعلاقة الزوجية أو الأطفال الآخرين في الأسرة. هذا يمكن أن يؤدي إلى توتر العلاقات وزيادة احتمالات النزاعات العائلية.

3. الشعور بالذنب والمسؤولية

يشعر العديد من الآباء والأمهات بالذنب أو المسؤولية تجاه حالة أطفالهم غير الأسوياء. تشير الدراسات إلى أن الشعور بالذنب يمكن أن يكون مفرطًا، حيث يشعر بعض الآباء أنهم قد فعلوا شيئًا خطأً أدى إلى حالة طفلهم. دراسة نشرت في “Journal of Intellectual Disability Research” أوضحت أن هذه المشاعر قد تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية للوالدين وقد تقود إلى مشاكل نفسية طويلة الأمد مثل الاكتئاب.

4. التحديات المالية

بالإضافة إلى التحديات النفسية والعاطفية، تواجه أسر الأطفال غير الأسوياء تحديات مالية كبيرة، إن التكاليف المرتبطة بالعلاج، والرعاية الصحية، والتعليم المتخصص، يمكن أن تكون باهظة. وجدت دراسة في “Pediatrics” أن الأسر التي لديها أطفال ذوو احتياجات خاصة غالبًا ما تواجه ضغوطًا مالية، حيث يحتاج الكثير من الآباء إلى تقليل ساعات العمل أو ترك الوظائف لتقديم الرعاية اللازمة لطفلهم. هذا يمكن أن يزيد من الضغط المالي ويؤثر على الاستقرار الاقتصادي للأسرة.

5. أهمية الدعم الاجتماعي

تشير الأبحاث إلى أن الدعم الاجتماعي يلعب دورًا حاسمًا في تحسين مشاعر وتجارب أسر الأطفال غير الأسوياء. أظهرت دراسة في “American Journal of Orthopsychiatry” أن الأسر التي تتلقى دعمًا اجتماعيًا قويًا، سواء من الأصدقاء أو العائلة أو المجتمع، تكون أكثر قدرة على التكيف مع تحديات رعاية طفل غير سوي. يشمل هذا الدعم الاجتماعي تقديم المساعدة في الرعاية اليومية، والدعم العاطفي، والمساعدة المالية.

6. التأقلم والتكيف

على الرغم من التحديات، تشير الدراسات إلى أن العديد من الأسر تتمكن من تطوير استراتيجيات تأقلم فعالة تمكنها من التعامل مع الضغوطات المرتبطة برعاية الأطفال غير الأسوياء. أظهرت دراسة في “Journal of Autism and Developmental Disorders” أن الأسر التي تعتمد على الاستراتيجيات الإيجابية، مثل طلب الدعم، وإيجاد مجموعات دعم، وممارسة الرعاية الذاتية، تكون أكثر قدرة على التعامل مع الضغوطات والإجهاد.

تؤكد الدراسات على أن أسر الأطفال غير الأسوياء تواجه تحديات فريدة ومتعددة الأبعاد. تتطلب هذه التحديات دعمًا نفسيًا، واجتماعيًا، واقتصاديًا، لتعزيز رفاهية الأسرة وتمكينها من تقديم الرعاية اللازمة لأطفالها، من المهم أن يتم تعزيز الوعي المجتمعي حول هذه التحديات، وتشجيع تقديم الدعم المتنوع للأسر التي ترعى أطفالًا غير أسوياء لضمان تحسين جودة حياتهم وحياة أطفالهم.


شارك المقالة: