الاختبار الجيد في الإرشاد النفسي:
من الطبيعي أن يقوم المرشد النفسي باستخدام اختبار ما أثناء قيامه بعملية الإرشاد النفسي، ولكن حتّى يتوافق هذا الاختبار مع أسس الاختبارات الصحيحة لا بدّ وأن تتوافق فيه عدّة شروط أساسية، وهذه الشروط إن حدث خلل في أحدها فسيؤدي هذا الأمر إلى اختلال الاختبار وبالتالي ستكون النتائج والمعلومات التي سنحصل عليها عن شخصية المسترشد غير دقيقة وتعطينا حلول خاطئة لا تتوافق مع الواقع.
ما أبرز شروط الاختبار الجيد في الإرشاد النفسي؟
1. الموضوعية:
تعتبر الموضوعية من السمات الرئيسية التي لا بدّ وان تترافق مع أي اختبار أو بحث نقوم به في مجالات الإرشاد النفسي على وجه الخصوص، وهذا يعني أن نكون حياديين في طرحنا وفي المواضيع التي يتمّ تناولها، وأن تكون الأسئلة المكتوبة من خلال الاختبار تهدف العملية الإرشادية بصورة عامة بعيداً عن أي أهداف شخصية أو غير شخصية أخرى، كما وأنّ عملية جمع المعلومات لا بدّ وان تخضع للموضوعية والحياد بحيث يكون الهدف إنسانياً بحتاً لا يتعلّق بشخصية المسترشد أو مدى قرابته من المرشد.
كما وأنّ الموضوعية تدخل في عملية التقييم والتحليل، وفي كافة السبل التي يقوم المرشد بالاستدراج بها من خلال العملية الإرشادية، والموضوعية لا بدّ وان تكون معياراً ثابتاً يرتكز عليه المرشد أثناء سير العملية الإرشادية، بحيث أن تغيّر المرشد النفسي أو طلب تقييمه في شخصية المسترشد لا يؤثر على سير العملية الإرشادية.
2. الثبات:
لا بدّ للاختبار الجيّد ان يكون ثابتاً لا يتغيّر ولا تتغيّر نتائجه بصور سلبية، بحيث تكون نتائج الاختبار ثابتة بصفة عامة، فعندما يقوم المرشد بتطبيق اختبار معيّن على المسترشد عدّة مرات لا بدّ وأن تكون النتائج ذات قيم ثابتة لا تتغيّر بتغيّر الفرضيات والعوامل المؤثرة الأخرى، وهذا الأمر من شانه أن يزيد المسترشد من ثقته في العملية الإرشادية، وأن يدلي بالمزيد من المعلومات الخاصة بشخصيته وأبرز التغيرات التي حصلت أثناء عملية النمو.
على المرشد الجيّد أن يتأكد من ثبات الاختبار الذي قام به من خلا تغيير صيغته مع بقاء الجوهر وإعادته أكثر من مرّة، فإن بقي في نفس المستوى فقد حافظ هنا على ثباته وبالتالي ستكون النتائج أكثر إيجابية، وستكون عملية التقييم وأرشفة المعلومات أكثر سهولة ودقّة.
3. الصدق:
يعتبر الصدق من الشروط التي لا بدّ وان تتوافر في أي عمل أو قول نقوم به، وما لم يتوافر الصدق ضمن الأطر الصحيحة في أ عمل أو اختبار نقوم به ستكون العملية برمتها غير دقيقة ولا مقنعة، فمن شروط الاختبارات النفسية أن يتحرّى المرشد الصدق في طرحه وكتابته للاختبارات، وظان تلامس هذه الأسئلة الحقيقة بمعناها المجرد، بعيداً عن الغموض والمراوغة بحثاً عن الأهداف الشخصية، فعندما يشعر المسترشد أن عامل الصدق موجود في المتطلبات التي يجيب عليها من خلال الاختبارات، فإنّ الإجابات والمعلومات التي يقوم بالإدلاء بها تكون أكثر دقّة وأقرب لتحقيق الهدف.
لا بدّ وان يحقق الاختبار الذي يقوم المسترشد بالإجابة عليه مجموعة من الأهداف الحقيقية المسبقة، وهذه الأهداف تتوافق بصورة أساسية مع قواعد الإرشاد النفسي النموذجي، ولا يمكن أن يكون الهدف من العملية الإرشادية هو تحقيق مقاصد أخرى يقصد من خلالها الإيقاع بأحدهم أو الاستدلال على معلومات محضورة في مجال ما، وهناك العديد من الوسائل التي يمكننا أن نقسّم الصدق من خلالاها لعلّ أبرزها:
صدق المحتوى والمضمون:
وهنا لا بدّ وأن يكون محتوى المضمون حقيقياً وهادفاً ويمتاز بالصدق والقرب من الواقع، وفي هذه الحالة يقوم المسترشد بالإجابة على الأسئلة كونها تلامس الواقع وتعبّر عن المضمون بصورة حقيقية.
الصدق الظاهري الشكلي:
وهنا لا بدّ وأن يكون الشكل الخارجي والإطار العام للاختبار صحيحاً ومقبولاً من قبل المرشد، وهذا الأمر لا بدّ وأن يتمّ التأكد منه من خلال عرضه على مجموعة من المحكّمين في محالات الاختبار والقياس لمعرفة إن كان يتوافق مع الشروط المتداولة أم لا.
صدق المحك:
وخلال هذا الاختبار يقوم المرشد النفسي بمقارنة اختبار جديد بآخر قديم كنموذج؛ للتأكد من مدى مصداقيته وتطابقه مع أصول الإرشاد النفسي، وهنا تظهر الفوارق إن كانت تلك الاختبارات صحيحة وتتطابق مع الواقع أم لا، ولا بدّ وأن يكون المرشد مطّلعاً واثقاً من نفسه قادراً على التمييز بين الاختبارات الصحيحة وغير الصحيحة.