طبيعة الحسد في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


الحسد هو عاطفة مُعقدة ومُحيرة في علم النفس، ومن الشائع جدًا أن تكون إما بشكل نموذجي أو عالمي غير مَنطقية أو غير عقلانية أو غير حكيمة أو شريرة أو خاطئة مع استثناءات قليلة جدًا، فإن الأدبيات النفسية الوافرة التي تدافع عن العقلانية والأهمية التقييمية للعواطف تستبعد صراحة الحسد وبعض المشاعر السيئة الأخرى التي لا يمكن إصلاحها.

طبيعة الحسد في علم النفس

يعبر الحسد في علم النفس عن عاطفة أو مشاعر موجودة في الإنسان هذا لا يعني أنه مجرد شعور، ومن المتفق عليه عمومًا أن تكون المشاعر أكثر من مجرد مشاعر، حيث يمكن أن يتفق معظم منظري العواطف من علماء النفس على هذا التوصيف الغامض بأن العواطف هي متلازمات من الأفكار والمشاعر والدوافع الإنسانية والحركات الجسدية، وهي مرتبطة ببعضها البعض بشكل غير محكم بحيث لا تتطلب حلقة عاطفية معينة حدوث كل عنصر في المتلازمة.

تفضل معظم نظريات العاطفة النفسية أحد هذه العناصر للحسد باعتباره مركزيًا أو حتى أساسيًا للعاطفة، حيث تحدد النظريات المعرفية الفكر أو الحكم المحدد لها، وتأخذ نظريات الشعور والنظريات التحفيزية على التوالي تجربة عاطفية معينة أو دورًا تحفيزيًا مميزًا باعتبارها مركزية أو أساسية لنوع عاطفي معين، حيث أن الملامح المحددة لمتلازمة الحسد العاطفية مثيرة للجدل.

من المتفق عليه أن الحسد ينطوي على موضوع خاص وطرف يُحسد عليه أي منافس، وقد يكون هذا شخصًا أو مجموعة من الأشخاص، وبعض الامتلاك للخصائص أو القدرة أو السمة التي يفترض الموضوع أن يمتلكها المنافس مثل وجود الخير، قد يكون الشيء الجيد شيئًا لا يمكن أن يمتلكه سوى طرف واحد مثل أن يكون الفرد أفضل لاعب في العالم، أو قد يكون شيئًا يمكن تكراره بسهولة.

يُعتقد أحيانًا أن الطرف الصالح في موضوع الحسد قد يكون منفعة أو سعادة أو حالة نفسية يمكن أن ينسبها الموضوع إلى المنافس حتى لو لم يكن هناك فرق مادي في ممتلكاتهم أو قدراتهم، ومنها يتفق معظم علماء النفس الأخلاقيين الذين سعوا إلى تعريف الحسد على معاملته كشكل من أشكال الضيق الذي يمر به الفرد لأنه لا يمتلك الخير والمنافس له يمتلك، وفي عزو الرغبة في الخير إلى الذات.

ينطوي الحسد على رغبة في ألا يمتلك المنافس الخير حيث يتم استكشاف هذا الخلاف بأن الحسد متفق عليه على نطاق واسع ولكن ليس عالميًا على أنه أحد أعراض أو مثال على ميل الإنسان لتقييم رفاهية المرء المنافس له بشكل نسبي، من خلال تقييم مدى جودة أداء المرء مقارنة بالآخرين، ومنها تشمل التعريفات المؤثرة للحسد من خلال تقييم مدى جودة أداء المرء مقارنة بالآخرين، وتشمل التعريفات المؤثرة للحسد بأن الحسد هو الألم من حسن حظ الآخرين.

الحسد هو ميل لرؤية رفاهية الآخرين بالضيق على الرغم من أنه لا ينتقص من عقلية المرء بل إنه إحجام عن رؤية رفاهيتنا يطغى عليه شخص آخر؛ لأن المعيار الذي نستخدمه لمعرفة مدى رفاهيتنا ليس القيمة الجوهرية لرفاهيتنا ولكن كيف يقارن مع رفاهية الآخرين، حيث يهدف الحسد على الأقل فيما يتعلق برغبات المرء، إلى تدمير الثروة الجيدة للآخرين.

الحسد مقابل الغيرة في علم النفس

تميل اللغة العادية إلى الخلط بين الحسد والغيرة، والإجماع النفسي يعبر عن هذه المشاعر بأنها مميزة، في حين أنه من المقبول لغويًا القول إن المرء يشعر بالغيرة عند سماعه عن إجازة شخص آخر على سبيل المثال فقد قيل بشكل معقول أن المرء يشعر بالحسد، فإن كلا من الحسد والغيرة هما علاقة ثابتة لكن هذا التشابه السطحي يخفي اختلافًا مهمًا، ففي الغيرة يوجد ثلاثة أطراف تتمثل في الفاعل والمنافس والمحبوب.

وموضع الاهتمام الحقيقي للشخص الغيور هو المحبوب فإن الشخص أو الكائن الذي يفقد عاطفته أو يخشى فقدانه، فأن مصدر القلق في الغيرة ليس المنافس، في حين أن الحسد ذو علاقة بين طرفين مع علاقة ثالثة وهي الخير ومصدر قلق الشخص الحسود هو المنافس له.

بهذه الطريقة في التمييز بين الحسد والغيرة هناك فرق بينهما حتى عندما يكون الخير الذي يتمتع به المنافس هو عاطفة شخص آخر، بالنسبة للشخص الغيور فإن المنافس قابل للاستبدال والحبيب ليس قابلاً للاستبدال، لذلك سيكون منزعجًا بنفس القدر إذا كان الصديق يكوّن علاقة وثيقة مع شخص آخر، ولن ينزعج إذا كان المنافس كذلك، بينما في الحسد يكون العكس.

نظرًا لأن الحسد يركز بشكل أساسي على المنافسة مع المنافس، فقد يتضايق الشخص بنفس القدر إذا كان المنافس يرتبط مع شخص مختلف ذو سمات إيجابية، لكنه لن ينزعج إذا ذهب الخير إلى شخص آخر، فمهما كان المعنى العادي لمصطلحي الحسد والغيرة، فإن هذه الاعتبارات التمييزية بين كل من المفهومين توضح أن هاتين المتلازمتين المتميزتين بحاجة إلى التمييز وبأنهما ذات علاقات قوية فيما بينها.

الحسد مقابل الاستياء في علم النفس

على الرغم من أن الكثير من المؤلفات النفسية حول الحسد تفترض أن الحسد يهتم بمسائل الظلم المتصور، فإن معظم علماء النفس يرفضون هذا الاقتراح، حيث أن الحسد يجب تمييزه عن الاستياء لأن الاستياء يعتبر عاطفة أخلاقية في حين أن الحسد ليس كذلك، فإن ما يجعل عاطفة معينة عاطفة أخلاقية قد تم نكرانه بطرق مختلفة، تقريبًا الفكرة هي أن المشاعر الأخلاقية هي تلك التي تجسد بطريقة ما المبادئ أو التقييمات الأخلاقية.

الاستياء هو عاطفة أخلاقية لأن نوبة عاطفية معينة لا تعتبر حالة من الاستياء ما لم يكن للموضوع بعض الشكوى الأخلاقية ضد موضوع الموقف الأساسي، حيث يجب فهم الادعاء بأن الحسد ليس عاطفة أخلاقية على أنه إنكار أن أي شكوى أخلاقية هي جزء من طبيعة الحسد على هذا النحو، إنه متوافق مع إمكانية أي عدد من الحالات التي يقدم فيها الحسود أيضًا شكاوى أخلاقية ضد من يحسدونهم.

يبدو واضحًا أنه في العديد من حالات الحسد وربما حتى معظمها، قد يجد الشخص شكوى أخلاقية يمكن من خلالها تبرير المشاعر السلبية تجاه خصمه، هذا من شأنه أن يفسر النتائج التجريبية المختلفة التي تربط مشاعر الحسد بشكاوى الظلم، لكن قد تكون مثل هذه الشكاوى تبريرات دفاعية للمشاعر الحاقدة، وليست عناصر في الحسد، ومن الأفضل الدفاع عن الادعاءات حول أي من الأفكار المختلفة التي عادةً ما تحضر نوعًا معينًا من المشاعر تنتمي إلى توصيف هذا النوع من المشاعر في سياق نظرية عامة لكيفية تفرد أنواع المشاعر.


شارك المقالة: