يعتبر تاريخ علم النفس البيولوجي؛ دراسة علم النفس من حيث الآليات الجسدية جزء رئيسي من تاريخ علم النفس العلمي، لقد كان مجال بارز في علم النفس منذ البداية ولا يزال مجال رئيسي للبحث والتعليم في العديد من البلدان، على مدى قرن ونصف وجد علم النفس البيولوجي طرق جديدة للإجابة على الأسئلة القديمة وتناول أسئلة جديدة مهمة، كما تخلَّى عن بعض المشكلات باعتبارها سيئة التعريف، كانت التجارب السلوكية المصممة بعناية والتقنيات الطبية الحيوية المبتكرة ضرورية لتقدمها، كان علم النفس البيولوجي موقع لتبادل المفاهيم والتقنيات بين علم النفس والعلوم البيولوجية.
تاريخ علم النفس البيولوجي:
يعد تاريخ علم النفس البيولوجي جزء رئيسي من تاريخ علم النفس الحديث ، دراسة علم النفس البيولوجي يمكن أن تعود مؤرخة لابن سينا، وضع نظام لربط التغييرات في النبض معدل مع المشاعر الداخلية والتي يُنظر إليها على أنها توقع لاختبار ارتباط الكلمات، قدم ابن سينا أيضاً تفسيرات نفسية لبعض الأمراض الجسدية وربط الأمراض الجسدية والنفسية معاً.
كما أوضح أن الرطوبة داخل الرأس يمكن أن تسهم في اضطرابات المزاج، أيضاً أقر أن هذا يحدث عندما يتغير مقدار التنفس؛ فالسعادة تزيد التنفس مما يؤدي إلى زيادة الرطوبة داخل الدماغ، لكن إذا تجاوزت هذه الرطوبة الحد، يفقد الدماغ السيطرة على عقلانيته ويؤدي إلى اضطرابات نفسية.
ظهر علم النفس البيولوجي باعتباره تخصص علمي لاحقاً من مجموعة متنوعة من التقاليد العلمية والفلسفية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، في الفلسفة تتمثل القضايا الأولى في كيفية التعامل مع ما يُعرف بمشكلة العقل والجسد ؛ أي شرح العلاقة إن وجدت والتي تحصل بين العقول أو العمليات العقلية والحالات أو العمليات الجسدية، الثنائية هي مجموعة من الآراء حول العلاقة بين العقل والمادة الجسدية، يبدأ بالادعاء بأن الظواهر العقلية في بعض النواحي غير مادية.
في الفلسفة الغربية وبعض من أقرب مناقشات الأفكار الثنائي هي في كتابات أفلاطون و أرسطو، قد أكد كل من هؤلاء ولكن لأسباب مختلفة أن الذكاء البشري لا يمكن تحديده أو تفسيره من حيث جسده المادي؛ مع ذلك فإن أشهر نسخة من الثنائية ترجع إلى رينيه ديكارت؛ حيث يرى أن العقل مادة غير ممتدة وغير مادية، كان ديكارت أول من حدد بوضوح العقل بالوعي والوعي الذاتي، ميز هذا عن الدماغ والذي كان مقر الذكاء.
إسهامات وليام جيمس في علم النفس البيولوجي:
ساعد الفلاسفة الآخرون أيضاً في ولادة علم النفس، كما ربط موضوعه بالبيولوجيا؛ هذا الرأي كان يقول أن العمليات النفسية لها ارتباطات بيولوجية، هي الافتراض الأساسي لمجال علم النفس البيولوجي بأكمله، واحد من أقدم الكتب في الحقل الجديد، مبادئ علم النفس التي كتبها وليم جيمس؛ يقول إن الدراسة العلمية لعلم النفس يجب أن تستند إلى فهم البيولوجيا، لذلك يجب أن تأخذ التجارب الجسدية وبشكل خاص تجارب الدماغ مكان بين ظروف الحياة العقلية التي يحتاج علم النفس إلى أخذها في الاعتبار.
يجب أن يكون كل من الروحاني والرابطي “دماغيين”، إلى حد الاعتراف على الأقل بأن بعض السمات المميزة في طريقة عمل مبادئهم المفضلة لا يمكن تفسيرها إلا من خلال حقيقة أن قوانين الدماغ هي المحددات الشفوية لنتائجها. استنتاجنا الأول، إذن يجب افتراض قدر معين من بيولوجيا الدماغ أو تضمينها في علم النفس؛ ويليام جيمس مثل العديد من علماء النفس الأوائل، تلقى تدريب كبير في علم وظائف الأعضاء، يمكن تتبع ظهور كل من علم النفس وعلم النفس البيولوجي كعلوم مشروعة من ظهور علم وظائف الأعضاء من علم التشريح وخاصة علم التشريح العصبي.
أجرى علماء الفسيولوجيا تجارب على الكائنات الحية وهي ممارسة لم يثق بها علماء التشريح المهيمنون في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ساعد العمل المؤثر لكلود برنارد وتشارلز بيل وويليام هارفي على إقناع المجتمع العلمي بأنه يمكن الحصول على بيانات موثوقة من الكائنات الحية، تم استخدام مصطلح علم الأحياء النفس في سياقات متنوعة، لكن من المرجح أنه استخدم لأول مرة بمعناه الحديث من قبل نايت دنلاب في كتابه، على الرغم من أنه رجل منسي في علم النفس؛ إلا أن أسس مجلة علم النفس النفسي والتي تصف مجال علم النفس البيولوجي حتى بمعناه الحديث.
علم النفس الحيوي المعاصر بين علم النفس وعلم الأحياء:
لعقود عديدة كانت البيولوجيا النفسية أو علم النفس موقع لتبادل المفاهيم مثل؛ المعلومات والتقنيات بين علم النفس و البيولوجية، في كثير من الحالات قد يعمل البشر كمواضيع تجريبية في تجارب علم النفس البيولوجي؛ مع ذلك فإن قدر كبير من الأدب التجريبي في علم النفس البيولوجي يأتي من دراسة الأنواع غير البشرية، في أغلب الأحيان الفئران والقرود، نتيجة لذلك فإن الافتراض المهم في علم النفس البيولوجي هو أن الكائنات الحية تشترك في أوجه التشابه البيولوجي والسلوكي؛ وهو ما يكفي للسماح بالاستقراء عبر الأنواع.
هذا يربط علم النفس البيولوجي بشكل وثيق مع علم النفس المقارن وعلم النفس التطوري وعلم الأحياء التطوري، يحتوي علم النفس البيولوجي أيضاً على أوجه تشابه نموذجية ومنهجية مع علم النفس العصبي والذي يعتمد بشكل كبير على دراسة سلوك البشر الذين يعانون من اختلال وظيفي في الجهاز العصبي (التلاعب البيولوجي غير التجريبي).
قد يقارن عالم النفس أو أخصائي علم النفس البيولوجي سلوك البصمة في الأبناء بسلوك التعلق المبكر عند الأطفال الرضع وبناء نظرية حول هاتين الظاهرتين، غالباً ما يهتم علماء النفس البيولوجي بقياس بعض المتغيرات البيولوجية مثل المتغيرات التشريحية أو الفسيولوجية أو الجينية في محاولة لربطها كمياً أو نوعياً بمتغير نفسي أو سلوكي، بالتالي المساهمة في الممارسة القائمة على الأدلة.
على عكس التقسيمات الفرعية الأخرى في علم النفس البيولوجي، فإن التركيز الرئيسي للبحث النفسي الفسيولوجي هو تطوير النظريات التي تشرح العلاقات بين الدماغ والسلوك بدلاً من تطوير البحث الذي له قيمة متعدية، يُطلق عليه أحيانًا بدلاً من ذلك علم النفس النفسي؛ في السنوات الأخيرة أيضاً “علم الأعصاب الإدراكي”؛ أحد الأمثلة على أبحاث علم النفس البيولوجي هو دراسة دور الحُصين في التعلم والذاكرة، يمكن تحقيق ذلك عن طريق الاستئصال الجراحي للحصين من دماغ الفئران متبوع بتقييم مهام الذاكرة بواسطة نفس الجرذ.
طرق البحث في علم النفس البيولوجي:
السمة المميزة لتجربة علم النفس البيولوجي هي إما أن المتغير المستقل للتجربة بيولوجي أو أن العديد من المتغيرات التابعة هي بيولوجية، بعبارة أخرى يتم تغيير الجهاز العصبي للكائن قيد الدراسة بشكل دائم أو مؤقت أو يتم قياس بعض جوانب الجهاز العصبي (عادةً ما يكون مرتبط بمتغير سلوكي)؛ على سبيل المثال في علاج واحد قد تظهر مجموعة من الفئران لون معين، بينما قد لا يتلقى العلاج الآخر مثل هذا التحفيز قبل قياسه (المتغير التابع).؛ الأكثر شيوعاً أن هذه التلاعبات والقياسات تتعلق بأشخاص غير بشريين.
الآفات:
الآفات هي طريقة كلاسيكية يتم فيها تمكين منطقة الدماغ ذات الأهمية؛ يمكن وضع الآفات بدقة عالية نسبياً بفضل مجموعة متنوعة من أطالس الدماغ التي توفر خريطة لمناطق الدماغ في إحداثيات تجسيمية ثلاثية الأبعاد، تتضمن طريقة الآفات الإلكترونية تدمير الأنسجة العصبية عن طريق استخدام التيار الكهربائي، أما الآفات الكيميائية فهي تدمر الأنسجة العصبية عن طريق تسريب السم العصبي، يمكن استخدام الآفات المؤقتة عندما يتم تعطيل الأنسجة العصبية مؤقتاً عن طريق التبريد أو عن طريق استخدام التخدير مثل الذيفان الرباعي.
التلاعب النفسي:
في هذه الطريقة تحفز مضادات المستقبلات الكيميائية النشاط العصبي عن طريق التدخل في النقل العصبي، يمكن إعطاء المضادات بشكل جهازي (مثل الحقن في الوريد) أو محلي (داخل الدماغ) أثناء إجراء جراحي.
تعزيز الوظيفة العصبية:
يُعد تعزيز الوظيفة العصبية طريقة بحث أخرى في علم النفس البيولوجي؛ هذه وسيلة قديمة يتم فيها تعزيز النشاط العصبي عن طريق تطبيق تيار كهربائي صغير (صغير جداً بحيث لا يتسبب في موت الخلايا بشكل كبير).
التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة:
في بعض الحالات؛ على سبيل المثال دراسات القشرة الحركية، يمكن تحليل هذه التقنية على أنها ذات تأثير محفز وليس كآفة وظيفية، تُظهر بيانات الرنين المغناطيسي الوظيفي مناطق التنشيط في مهمة تتضمن محفز بصري متحرك معقد، تظهر عمليات التنشيط (الأصفر والأحمر) (كما هو معتاد) على خلفية تستند إلى متوسط الصور الهيكلية من الأشخاص في التجربة.
الرنين المغناطيسي الوظيفي:
التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي أو التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، هو أسلوب يتم تطبيقه بشكل متكرر على البشر؛ حيث يمكن الكشف عن التغيرات في تدفق الدم الدماغي في جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي ويتم أخذها للإشارة إلى النشاط النسبي لمناطق الدماغ الأكبر حجم (بترتيب مئات الآلاف من الخلايا العصبية).