علاج اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة في مرحلة ما قبل المدرسة

اقرأ في هذا المقال


يبلغ أهل الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة عن تعرضهم لمستويات مرتفعة من الضغط المتعلق بدورهم اليومي؛ وذلك بخلاف والدي الأطفال غير المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة في نفس المرحلة العمرية، بخلاف والدي الأطفال الأكبر سناً المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة.

علاج اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة لدى الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة

ليس مستغرباً أن تتسم تفاعلات الأمهات مع الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة بزيادة من الأوامر، والتوجيهات والانتقاد والإشراف والعقاب، وذلك بخلاف تفاعلات أمهات الأطفال غير المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، ويستخدم الطفل في الأساس سلوكيات غير مناسبة، من مثل الغضب أو العدوانية، من أجل الحصول على انتباه الوالدين أو للوصول إلى الأغراض العينية المرغوبة، من مثل الحلوى أو الألعاب أو للتهرب من متطلبات مهمة أبوية من مثل تنظيف غرفته.

وكلما زاد عدد مرات نجاح السلوكيات المرغوبة للوصول إلى المعززات أو لتجنب مواقف غير مرغوبة، كلما زادت احتمالية تكرار هذه السلوكيات في المستقبل، وقد يستجيب الوالدان إلى هذه السلوكيات عن طريق التهديد أو العقاب المتكرر للطفل، وقد تمنع التهديدات والعقوبات حدوث السلوك مرغوبة ولو لفترة قصيرة على الأقل، بالتالي تزداد احتمالية استخدام الوالدين للتهديدات والعقوبات في المستقبل، وإذن يتبين لنا أن أغلبية التفاعلات قد تنطوي على الغضب والعدوانية من جانب الطفل، وعلى تهديدات وعقوبات من جانب الوالدين.

وقد يشعر الوالدان بالإحباط والغضب، وقد يشعر الوالدان بالعجز لدى سماعهما لنصيحة غير لائقة صادرة من صديق للأسرة أو من آخرين متصلة بتربية الطفل، وقد يفضي الاعتداد بالذات وإلى إثارة مشاعر اليأس لدى الوالدين؛ لهذا السبب ينبغي التوصية بتقديم المشورة والإرشاد للوالدين بغض النظر عن التشخيص، وقتما كان سلوك الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة يثير مثل هذه التفاعلات، وإلى تدني يجب أن ينطوي الإرشاد عن تقديم الدعم للوالدين وعلى تعليم استراتيجيات إدارة السلوك.

وتتشابه طرق إدارة السلوك مع الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة تلك المستخدمة مع ذلك الأطفال في مرحلة المدرسة، ومن هنا تؤكد التعديلات الواجب أخذها بعين الاعتبار لدى استخدام هذه الطرق مع الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، وإذ أن هناك أهمية خاصة بالنسبة لهؤلاء الأطفال؛ لأن تركز التدخلات على توظيف معززات أو عواقب سلوكية بدلاً من التوضيحات الكلامية والتبريرات، وبسبب محدودية مهارات التفكير لدى الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة.

فليس من المرجح أن يكون تقديم توضيحات كلامية للطفل فعالاً في التخفيف من السلوك غير المناسب، فضلاً عن ذلك إذا ما تمت التفاعلات الكلامية المطولة مع الوالد عقب السلوك غير المناسب، فقد يتم تعزيز السلوك غير المناسب عن طريق الانتباه الذي يتلقاه الطفل لبيان هذا التفاعل.

ا- تعزيز السلوك المناسب

يجب أن تركز استراتيجيات إدارة السلوك بالنسبة للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، من مثل الأطفال الأكبر سناً على تعزيز السلوك المناسب، فبالنسبة للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، هناك أهمية خاصة؛ لأن يكون المعزز سريع وواضح وهادف ومتنوع، إذ تعتبر سرعة تقديم المعزز ضرورية لجعل الطفل يربط بين السلوك والمعزز، فالثناء الكلامي الفوري للطفل أو منحه ملصقاً على نحو سريع بسبب جلوسه خلال وقت الاجتماع سيكون أكثر فعالية من تقديم الملصق في آخر النهار.

إذ لا تقتصر فائدة السرعة في تقديم المعزز على جعل الطفل في المرحلة يربط بوضوح بين المعزز والسلوك الذي أدى إليه، بل تتعداها إلى تذكير الطفل بالسلوكيات المرغوبة، وإلى جعله يؤمن بأن السلوك المناسب له فائدته ينبغي أن يكون التعزيز واضح، فالقول للطفل في هذه المرحلة أعجبت بسلوكك خلال وقت الاجتماع لا يبرز بوضوح أي سلوك يتم تعزيزه، وبدلاً من ذلك القول أعجبت بالطريقة التي جلست فيها دون حراك وضممت يديك إلى جسمك خلال وقت الاجتماع، يبرز بوضوح للطفل أي السلوكيات تم تعزيزها.

وهذه وبالمثل فإنه لدى تقديم معزز عيني يجب أن يتبعه توضيح واضح ومفهوم ومختصر، وإضافة إلى ذلك ينبغي أن يكون المعزز هادف بالنسبة للطفل، أي يجب أن يكون شيئاً يرغب الطفل بالحصول عليه، فمن المعززات المرغوبة بطبيعة الحال بالنسبة للطفل في مرحلة ما قبل المدرسة الثناء اللفظي والملصقات  والحلوى وزيارة الوالدين وبالإضافة إلى مشاهدة فيلم فيديو  وزيادة وقت مشاهدة التلفاز والألعاب.

وعلى الرغم من ذلك لكل طفل رغبته الفردية الخاصة فيما يتصل بالمعززات، وقد تكون مقدرة الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة على معرفة أو التعبير عن المعززات الأكثر يه الأطفال طيلة الوقت، ومثلاً تقديم البوظة لطفل لقاء جلوسه طوال فترة الغداء لن يكون هادفاً في حالة استطاعة الطفل الحصول عليها وقتما رغب طوال اليوم، وختاماً تكون المعززات أكثر فعالية عندما تكون متنوعة.

وتكمن إحدى وسائل ضمان تنوع المعززات في استخدام كيس مملوء بقصاصات ورق، وتحمل كل قصاصة إسم معزز وجد أنه هادف بالنسبة للطفل، ويقوم الطفل بالتقاط إحداها عقب أداء السلوك المرغوب، ويذكر أن تنويع المعززات سيقي الطفل من الوصول إلى حد الإشباع من أحد المعززات، مما يديم اهتمامه ببرنامج تعديل السلوك.

ب- العقاب

إن أفضل طريقة للتعامل مع السلوكيات غير المناسبة وغير الخطيرة، هي في أغلب الأحيان تجاهل هذه السلوكيات، فعلى سبيل المثال إذا ما تجاهل مدرس الأطفال الذين يصرخون مراراً خلال وقت الاجتماع، وقام بدلاً من ذلك بإعطاء فرصة الكلام للطلبة الذين يرفعون أيديهم، فمع مرور الوقت من المرجح أن يتعلم الأطفال الذين يصرخون بأنه يجب رفع أيديهم لدى رغبتهم بالكلام، وتسمى هذه العملية الإقصاء، فقد تكون الاستجابة الأولية للإقصاء تزايداً في السلوك غير المناسب.

وبالتالي لا يكون التجاهل استراتيجية ملائمة للسلوك العدواني أو التدميري، وفي حالة حدوث السلوك التدميري أو العدواني، فغالباً ما تقتضي الضرورة اللجوء إلى طريقة العقاب ومن طرق العقاب الفعالة مع الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة سحب الامتيازات والحرمان المؤقت، ومن الامتيازات الممكن سحبها من الأطفال في مثل هذه المرحلة استخدام لعبة ما أو مشاهدة التلفاز أو شريط فيديو  أو الاستماع إلى قصة.

وفي الختام تشمل العقوبات الأخرى وجوب الرجوع إلى داخل المنزل في وقت مبكر ووجوب الذهاب للنوم باكراً، بالنسبة للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة تكون توابع السلوك أكثر فعالية عندما يتم فوراً عقب حدوث السلوك المشكل، فعلى سبيل المثال إذا ما تشاجر طفلان بسبب لعبة فيكون سحب اللعبة أكثر فعالية بكثير من الحرمان من وقت مشاهدة التلفاز لاحقاً في اليوم ذاته.


شارك المقالة: