علاج الاكتئاب في العصور القديمة

اقرأ في هذا المقال


لا يمكن أن يُنسب لأي شخص الفضل في اكتشاف الاكتئاب وأعراضه وأسبابه، فقد كان يوجد الكثير من المفكرين العظماء والباحثين الذين عملوا وما زالوا يعملون لفهم هذا المرض. في عام 1621 قام روبرت بيرتون بنشر كتاب حدد فيه الأسباب الاجتماعية والنفسية للاكتئاب، بما في ذلك الفقر والخوف والوحدة وغيرها، كما أنّه قدَّم توصيات لعلاج الاكتئاب مثل النظام الغذائي وممارسة الرياضة والسفر وإزالة السموم من الجسم والأعشاب والعلاج بالموسيقى.

بدايات ظهور مرض الاكتئاب

ظهرت أول الروايات لما يسمى الآن بالاكتئاب في الألفية الثانية قبل الميلاد في بلاد ما بين النهرين، في هذه الكتابات اعتُبر الاكتئاب والأمراض النفسية الأخرى على أنهم حالات روحية وليست نفسية، كما أن هذه الأمراض نتجت عن مس شيطاني، على هذا النحو فقد تمّ التعامل مع هذه الأمراض من قبل الكهنة بدلاً من الأطباء.

إنّ فكرة الكآبة التي تسببها الشياطين والأرواح الشريرة كانت موجودة في العديد من الثقافات، بما في ذلك الإغريق والرومان والصينيين والمصريين، حيث كانوا يلجأون إلى الضرب والقيود الجسدية والتجويع لمحاولة إبعاد هذه الشياطين، إلّا أنّه ظهر بعض الأطباء الإغريقين والرومان الذين اعتبروا الاكتئاب مرض بيولوجي ونفسي، فقد استخدم هؤلاء الأطباء أساليب علاجية مثل الجمباز والتدليك والنظام الغذائي والموسيقى والأدوية، التي تحتوي على مستخلص الخشخاش وحليب الحمير لعلاج مرضاهم.

المعتقدات القديمة عن الأسباب الجسدية للاكتئاب

إنّ أساس فكرة الاكتئاب تعود للطبيب اليوناني أبقراط، حيث رأى أنّ الاكتئاب نتج عن اختلال التوازن في العديد من سوائل الجسم، على وجه التحديد كانت ترجع الملنخوليا (الاكتئاب سابقاً) إلى وجود زيادة من المرة السوداء في الطحال، فقد شملت العلاجات على فصد الدم والحمامات وممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي.

بالمقابل اعتقد الفيلسوف شيشرون، أنّ الملنخوليا ترجع لأسباب نفسية مثل الغضب والخوف والحزن، لكن في السنوات الأخيرة التي سبقت العصر المشترك، كان الاعتقاد الشائع بين الرومان حتى المتعلمين منهم، هو أنّ الاكتئاب والأمراض العقلية الأخرى كانت بسبب الشياطين وغضب الآلهة.

طرق علاج الاكتئاب في العصور القديمة

ظهرت معالجة نفسية اسمها كورنيليوس سيلسوس، كانت تعمل على اتباع الكثير من الطرق القاسية مع مرضى الأمراض العقلية، حيث كانت تعمل على ضربهم وعدم إطعامهم وتقييدهم بالأصفاد، إلّا أنّ طبيب فارسي يدعى أبو بكر الرازي رأى أنّ الاكتئاب مرض عقلي ينجم عن الدماغ، حيث أسّس شكل مبسط من العلاج السلوكي الذي نعرفه الآن، كان يتضمن مكافآت إيجابية للسلوكيات المناسبة.

خلال العصور الوسطى سيطر الدين وخاصة المسيحية على تفكير الأوروبيين بخصوص المرض العقلي، ممّا جعلهم ينسبونه إلى الشياطين أو السحرة، فقد كانوا يلجأون إلى تعاويذ طرد الأرواح الشريرة أو الغرق أو الحرق، كعلاجات شعبية للمصابين بالاكتئاب، كذلك فقد تمّ حبس العديد من المرضى داخل مأوى للمجانين، في حين استمر الكثير من الأطباء في البحث عن أسباب مادية للاكتئاب والأمراض العقلية الأخرى.


شارك المقالة: