علاقة المنطق بعلم النفس

اقرأ في هذا المقال


مفهوم المنطق:

غالبًا ما يوصف المنطق بأنه دراسة قوانين الفكر، بحيث يقوم على بعض الشروط والارتباطات مثل إذا كانت الحجة صحيحة، إذا كانت المقدمات المنطقية صحيحة، فلا بد أن نعتقد أن الاستنتاج صحيح أيضًا أو إذا أنكر الشخص قانون عدم التناقض، فهو يحاول التفكير في ما لا يمكن تصوره، ويستند إلى قوانين تتعلق بطريقة تفكيرنا، وبالتالي أن هناك أساسًا نفسيًا للمنطق.

يستعمل المنطق في الدوائر الالكترونية التي تهتم بالتطورات التكنولوجية، وخاصة للتعامل مع المعرفة والعمليات المعرفية مثل التفكير، ويعتبر المنطق مهم في حساب العمليات المعقدة مثل المسائل الرياضية، مع الإشارة إلى الأرقام والترميزات المحددة، ومن أهم فوائد المنطق أنه ذو نتائج مجدية في اتباع الأخلاقيات المهمة في البحث النفسي.

وجه الاختلاف بين المنطق وعلم النفس:

أشار جوتلوب فريج إلى أن الناس يرتكبون أخطاء في المنطق طوال الوقت، وعندما ترتكب مثل هذه الأخطاء، فإن تفكيره يخالف تلك القوانين التي يسميها علماء المنطق قوانين الفكر، وهذا يبين أن علم المنطق قد يحصل على قوانين الفكر إذا أردنا الوصول إلى الحقيقة.

في حين ينظر علم النفس بشكل معاكس إلى الطريقة التي نفكر بها، بما في ذلك المغالطات التي يكون الجميع عرضة لها، ويحاول معرفة سبب تفكيرنا بهذه الطريقة، ويحاول المنطق تحسين تفكيرنا عندما تفشل في اتباع قانون المنطق، فنحن لم نفكر في ما لا يمكن تصوره، بل كنا نفكر في شيء يمكن التفكير فيه، لكنه كان فكرة غير عقلانية.

يحظى الحكم والتفكير ببعض الاهتمام في علم النفس أقل، حتى في علم النفس الصارم، لكننا نجد ميلًا قويًا لتحويل كل التفاصيل المتعددة لهذه العمليات إلى منطق، بحيث يتناقص عدد الاهتمامات والاتجاهات النفسية التي تُعطى للحكم والتفكير في كتب علم النفس، وتزيد من خلال المنطق.

أصبح المنطق أكثر فأكثر سيكولوجية الحكم والتفكير، في حين أن علم النفس بالمعنى الدقيق للكلمة يقتصر أكثر فأكثر على العمليات العقلية الأقل اكتمالًا.

علاقة المنطق بعلم النفس:

توجد علاقة متينة بين كل من المنطق وعلم النفس فإن علم النفس نفسه قد تأثر بالتغيير الذي يحدثه في المنطق، فإذا كان المنطق هو سيكولوجية الحكم والاستدلال، فقد يتم حذف النظر في هذه العمليات من علم النفس المأخوذ بالمعنى الضيق، وذلك فقط عندما نسعى إلى ذكر نظرية عامة لتغطية جميع المجمعات العقلية.

كان لظهور الجانب التجريبي في علم النفس علاقة كبيرة بهذا التغيير في المنطق في النسب، بحيثة وجدت الأساليب الجديدة تطبيقًا أكثر استعدادًا في مجال الإحساس والإدراك، وبعيدًا عن ذلك، هناك بلا شك انسحاب واعٍ من مجال الحكم والاستدلال، على أساس أن الأمر قد تم التعامل معه بالفعل بطريقة نفسية في المنطق.

يرتبط كل من المنطق وعلم النفس بالعقل البشري وفي النهاية بالدماغ البشري، وفي الواقع على الأرجح بأي دماغ طبيعي، بحيث يمكن النظر إلى المنطق على أنه قدرة الدماغ التي تسمح له بمساعدتنا على فهم العالم، بما في ذلك ما يقوله الناس وما يقصدونه على أساس ما يقولونه، وبالتالي كلما كان ما نفهمه أن الناس يقصدون تناقضًا إلى حد ما مع ما نفهمه عن العالم المحيط، نشعر أن هذا خطأ.

الأخطاء الشائعة في تجارب علاقة المنطق بعلم النفس:

عند الحديث عن الاستنتاج ودوره في العقل بشكل كامل فإننا نجد العلاقة بين علم النفس والمنطق مهمة، ليس فقط بسبب الدور المركزي للمنطق الاستنتاجي في الفكر البشري، ولكن أيضًا لأنه عالم مصغر للعلاقة بين اللغة والفكر بشكل عام،  والمنطق هو مثال للنظام اللغوي، وهو يكشف عن بعض الظواهر التي يحجبها التعقيد المطلق للأنظمة اللغوية الأخرى.

حيث تم التحقيق في العلاقة بين المنطق وعلم النفس أو اللغة على أسس خاطئة من الناحية المفاهيمية على مدى المائة عام الماضية، على سبيل المثال، تفترض هذه التحقيقات أن المنطق، باعتباره لغة بديهية نقية، اصطناعية، رسمية، يقف على النقيض من اللغات الطبيعية المعيبة والمنحازة.

ومع ذلك، فإن كل مكون منطقي تم التحقيق فيه في علم اللغة وعلم النفس ومعترف به على أنه وثيق الصلة بهذه التخصصات، قد تم تعريفه بالفعل في العصور القديمة، ومن الواضح أنه ليس بطريقة بديهية ورياضية، ولكن من خلال جمل طبيعية يومية، ومن خلال الاستدلالات الطبيعية اليومية.

ظلت هذه التعريفات كما هي منذ ذلك الحين؛ نظرًا لأن هذه التعريفات وُضعت بطريقة مختلفة تمامًا عما يتم الاحتفاظ به اليوم ومن الممكن أن التناقضات بين التفكير الطبيعي اليومي والمكونات المنطقية المستخرجة موجودة ببساطة لأن هذه المكونات تم استخلاصها خطأً في العصور القديمة.

وهناك العديد من الأخطاء الجسيمة قد ارتكبت في العصور القديمة، وهي أخطاء ظلت صادمة في النظام منذ ذلك الحين، ومن خلال تصحيح هذه الأخطاء، يمكن إرساء العلاقة بين المنطق وعلم النفس على أساس جديد تمامًا، ويمكن الحصول على حل واعد للعديد من التناقضات المهمة، مثل مهمة اختيار واسون أو مشكلة القياس المنطقي.

على الأرجح، لا يمكن للناس إلا أن يكونوا منطقيي، بحيث يمكن أن نقوم باتهام الآخرين أحياناً بشكل روتيني بأنهم غير منطقيين ولكن في ذلك، ربما نحكم من وجهة نظرنا الشخصية حول المقدمات ذات الصلة، وبالنظر إلى معتقداتنا الخاصة، فإننا نستنتج استنتاجًا واحدًا، وشخص آخر يكون لديه معتقدات مختلفة سوف يستنتج نتيجة مختلفة.

بما أننا نشعر أن هذا الاستنتاج خاطئ، فسوف نشعر أيضًا أنه لا يتبع ما نعتقده نحن أنفسنا، ونعبر عن هذا الشعور بالقول إن الشخص الآخر غير منطقي، ومع ذلك، إذا أخذنا الوقت الكافي لمعرفة ما هي معتقدات الشخص الآخر التي تحفز استنتاجهم فيمكننا أحيانًا فهم منطق الاستنتاج حتى عندما نختلف معه.

بافتراض أننا لا نستطيع التفكير إلا من معتقداتنا وأن حدود قدرتنا العقلية تعني أننا غير قادرين على أخذ جميع معتقداتنا في الاعتبار عندما نفكر، بالتالي قد يكون لدينا معتقدات غير متسقة منطقيًا مع بعضنا البعض وقد نقول أشياء غير متسقة في لحظات مختلفة من الوقت وحتى في نفس الجملة، والنتيجة غير منطقية ولكنها تنتج منطقياً بواسطة دماغنا على أساس معلومات محدودة بالضرورة.

استخدامات المنطق في علم النفس:

يحتاج علماء النفس، مثل غيرهم من العلماء، إلى استخدام المنطق عند تصميم الدراسات وفهم البيانات التي يتم تحليلها إحصائيًا بعد اكتمال البحث النفسي الذي يقومون به، وعندما يتم تعديل النظريات النفسية، بناءً على البيانات المتراكمة من العديد من الدراسات البحثية، يتم استخدام المنطق أيضًا في تعديل وتقويم النظرية النفسية.

هناك طرق مختلفة يمكننا من خلالها الشعور بأن هناك شيئًا ما خطأ فيما يقوله الناس عند التعامل معهم بمجالات نفسية متعددة، وهذه بالطبع حقيقة أساسية في علم النفس ويجب أن يُنظر إلى معتقداتنا على أنها استنتاجات منطقية في الأساس من تجربتنا الشخصية المحدودة للغاية.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: