علم النفس البيولوجي والوعي

اقرأ في هذا المقال


لقد كان الوعي موضوع جهد بحثي كبير في العقود الأخيرة وقد أدى ذلك إلى إنشاء العديد من النظريات حول الوعي، لكن لم يكن أي منها مقبول على نطاق واسع داخل المجتمع العلمي، علّق كاتس على أن وفرة المناهج النظرية تشير إلى وجود مشكلة عميقة في هذا المجال، المشكلة المركزية في علم الوعي هي أننا ما زلنا لا نعرف الوظيفة البيولوجية للوعي من خلال المنظور البيولوجي، فمن المرجح أن يكون لهذه المعرفة تأثير كبير على فهمنا للوعي وعلى الاتجاهات المستقبلية في البحث.

علم النفس البيولوجي والوعي:

من بين العديد من نظريات الوعي المقترحة في العقود الأخيرة، يحاول معظمها شرح كيفية نشوء الوعي؛ بعض الأمثلة هي: التفكير الأعلى والمعلومات المتكاملة والارتباطات العصبية للوعي وإعادة مشارك التفاعل والمستشعرات الحسية؛ كل هذه النظريات والعديد من النظريات الأخرى تهتم بشكل أساسي بكيفية نشوء الوعي إن وجدت بالوظيفة البيولوجية للوعي.
الفئة الرئيسية الأخرى من نظريات الوعي هي تلك التي تصف كيفية تفاعل الوعي والعمليات العصبية المرتبطة به مع الأنظمة الأخرى في الدماغ، من الأمثلة على ذلك نظرية مساحة العمل العالمية ونظرية التفاعل فوق المعياري؛ حيث تتضمن كل من هاتين النظريتين بيان عن كيفية نشوء الوعي، تشير العديد من هذه النظريات إلى الوظيفة البيولوجية للوعي مع عبارات تتراوح من التعليق العام بأن الوعي قابل للتكيف، إلى العبارات التي تفيد بأن الوعي يعمل كشكل من أشكال مساحة العمل مع مدخلات ومخرجات لأنواع مختلفة من المعالجة اللاواعية.
اقترحت هذه النظريات والعديد من النظريات الأخرى وظيفة مماثلة للوعي في الورقة الحالية؛ للمساهمة في الاستجابة بشكل أكثر مرونة عندما تكون الإجراءات التلقائية غير مناسبة، الجديد في النهج المقدم هنا هو أنه تم فحص خصائص الوعي وكانت النتيجة أن الوعي لا يمكن أن يكون له سوى قيمة بيولوجية كمدخل لآلية أو آليات تحدد السلوك، يمكن أن يكون للوعي قيمة بيولوجية فقط إذا كان يفيد الكائن الحي عن طريق تغيير سلوكه. ب
بشكل عام يمكن أن تكون الخاصية المتطورة للكائن الحي قابلة للتكيف نتيجة للتغيرات التي تطرأ على جسمه أو سلوكه أو كل من جسمه وسلوكه والتي تعزز قدرة الكائن الحي على البقاء والتكاثر وإدامة مادته الجينية من خلال أجيال، قد تساعد مثل هذه التغييرات في تجنب الحيوانات المفترسة والحصول على الطعام وشفاء الإصابات والوظيفة الجنسية وما إلى ذلك، تطور الهياكل العصبية الواعية لم تتضمن تغييرات جسدية خارج الجهاز العصبي، حيث يمكن أن تمنح مزايا جسدية مثل التمويه المحسن أو الحركة الأسرع أو تحسين وظائف الأعضاء.
إذا كان الوعي قابل للتكيف فيجب أن تنجم قيمته البيولوجية عن السماح بخيارات سلوكية محسنة لأصحابه، كان الغرض من هذا البحث هو تحديد الوظيفة البيولوجية للوعي؛ الدور الفعلي للوعي في اختيار سلوكيات معينة والتحكم فيها، ثم إثبات أن هذه الوظيفة البيولوجية تؤدي إلى تفسير الخصائص المعروفة للوعي، بدأت الأبحاث بدراسة ثلاثة مواضيع؛ الدليل على أن المرء لا يعاني من عقلية والدليل على أن الوعي قابل للتكيف والدليل على أن الوعي هو مجرد معلومات، يتم تمثيل التسلسل المنطقي لهذا البحث والخطوط الرئيسية للأدلة والاستنتاجات في المخطط الانسيابي.
في الأقسام الفرعية التالية تم وصف الدليل من كل من الاستبطان والتجارب، فإن هذين الخطين من الأدلة يؤكدان بعضهما البعض عندما يكون كلاهما متاح لمواقف مماثلة، يدعم هذا الدليل وجهة نظر الباحثين المذكورين في القسم السابق الذين ذكروا أن المرء لا يختبر العملية العقلية الفعلية أثناء أي نشاط عقلي، كما يوضح أن الوعي لا يمكن أن يكون له دور تنفيذي، قد يختبر المرء ظروف البداية أو المراحل أثناء المعالجة أو النتيجة النهائية للعمليات العقلية، لكن هناك دائماً فجوات في تجربة الفرد ولا يختبر المرء أبداً التلاعب الفعلي بالبيانات الذي يولد النتيجة.

الشروع في فعل ما هو عملية غير واعية:

تم وصف سلسلة من التجارب التي تم فيها توجيه الأشخاص لتحريك إصبع في لحظة من اختيارهم وملاحظة وقت إدراك الرغبة أو الحافز أو النية أو القرار للتحرك، سجل ليبت وزملاؤه وقت النية للتحرك ووقت ظهور إمكانية الاستعداد ذات الصلة وهي إمكانات سلبية مسجلة في فروة الرأس، التي كان معروف أنها تسبق الإجراءات الجسدية، وجدوا أن RP سبقت النية الواعية للتصرف بحوالي 350 مللي ثانية.
لقد كتبوا أن الدماغ يقرر بوضوح الشروع أو على الأقل الاستعداد لبدء الفعل في وقت قبل أن يكون هناك أي وعي شخصي يمكن الإبلاغ عنه بأن مثل هذا القرار قد تم، يُستنتج أن البدء الدماغي حتى في فعل تطوعي عفوي من النوع الذي تمت دراسته، يمكن أن يبدأ وعادة ما يبدأ بلا وعي.

السيطرة المعتمدة على الأفعال هي عملية غير واعية:

عندما نتواصل ببطء ونلتقط كتاب ما، قد نعتقد أن تحركاتنا يتم التحكم فيها بوعي، لكن ما تم اخنباره هو نية للتحكم في الحركات بالإضافة إلى مراقبة حركات الذراع بوعي، لا توجد خبرة للسيطرة على الحركة بوعي؛ على سبيل المثال إذا رأيت يدي تصل إلى الكتاب الخطأ، فإن يدي تنتقل إلى الموقع الصحيح ولكن العمليات التي تضبط حركتها غير معروفة بالنسبة لي؛ التحكم في الأنظمة الحركية ليس في متناول الوعي.
كذلك عندما يضرب المرء مسمار بمطرقة، فإنه ينتبه جيداً للمهمة وقد يعتقد أن حركة المطرقة تحت سيطرة واعية، مع ذلك هانسن وسكافينسكي ذكرت أدلة على أن المطرقة يتم التحكم فيها دون وعي، وصفوا تجربة استخدموا فيها مطرقة لضرب نقطة مضاءة لفترة وجيزة من الضوء مرتبة لتحدث في مكان ما على خط من اليسار إلى اليمين أمامهم، في الوقت نفسه تم تسجيل حركات عينهم السكرية، خلال التدريبات لم يكونوا واعين برؤية الضوء ولكنهم قاموا بتأرجح المطرقة استجابة للضوء، كما كانت ضرباتهم سريعة ودقيقة كما لو كانوا قد أبلغوا عن رؤيتهم للضوء.
نظرًا لأن سرعتها ودقتها كانت متماثلة، فقد تبدو الآلية كما هي سواء كانوا مدركين للضوء أم لا، كان بدء حركة المطرقة والتحكم فيها عمليتين غير واعية، يمكن أن يحدث الضبط الصحيح لحركة اليد نحو هدف غير موضعه في ظل ظروف لا يدرك فيها المشاركون بوعي أن الهدف قد تحرك، بالتالي لا يمكن أن تكون حركة أيديهم تحت السيطرة الواعية، يمكن للأنظمة البصرية اللاواعية أن تتحكم بدقة في السلوك المتعمد حتى عندما يكون التمثيل البصري الواعي خاطئ، لأن السلوك وفق علم النفس البيولوجي يتم التحكم فيه على أساس التمثيلات غير الواعية التي تكون عموماً أقل عرضة للخطأ من تمثيلاتنا الإدراكية.

الخيارات والقرارات عمليات غير واعية:

الطريقة التي يدرك بها المرء نتيجة قراره هي من خلال مشاعره تجاه القضية قيد النظر، اعتماداً على طبيعة الاختيار الذي يواجهه المرء، فقد يأتي شعور المرء بمعرفة النتيجة بسرعة أو قد تكون هناك فترة متداخلة من عدم اليقين أو التردد غير المريح، فقد يأتي الشعور بالقرار فجأة أو قد يكون إدراك بطيئ، عندما يتعلق الأمر يمكن أن يكون الشعور بتفضيل شيء معين أو ميل نحو فعل معين، قد يكون المرء قد فكر في مسألة طويلة وشاقة والعمل من خلال جميع الاعتبارات المختلفة وربما حتى تدوينها، ثم ، في مرحلة ما يعرف المرء خياره الواعي.

الدليل على أن للوعي قيمة بيولوجية:

من المسائل المهمة عند تقييم الدليل على أن الوعي قابل للتكيف، هو ما إذا كان يمكن اعتبار الوعي قابل للفصل وظيفياً عن البنية العصبية الواعية التي يعتبر خاصية لها، هذا السؤال مهم لأن الكثير من الأدلة على أن الوعي تكيفي يعتمد على المعلومات المشتركة بين الوعي والبنية العصبية الواعية، كانت هناك ادعاءات بأن البنية العصبية الواعية لها قيمة بيولوجية ولكن الوعي لا يعمل، يرقى هذا إلى الادعاء بأن الوعي من حيث وظيفته، يمكن فصله عن البنية العصبية الواعية، كانت هناك أيضاً ادعاءات مضادة بأن الوعي جزء لا يتجزأ من البنية العصبية الواعية.
هناك أسباب للاعتقاد بأن الوعي لا يمكن أن يوجد بدون البنية العصبية الواعية وأن البنية العصبية بطبيعتها تنتج الوعي، لذلك لا يمكن للمرء أن يمتلك البنية العصبية دون أن يكون لديه وعي، لذلك فإن البنية العصبية الواعية والوعي كخاصية له لا ينفصلان وظيفياً، كما أنّ أي دليل على أن الوعي يتكيف هو دليل على أن كلا من الوعي والبنية العصبية الواعية متكيفة، علق عدد من العلماء على أن الوعي يبدو معقد للغاية بحيث يجب أن يكون قابل للتكيف، من المؤكد أنّ الوعي معقد؛ حيث يشتمل على العديد من الأساليب الحسية ولكل منها عدد من المتغيرات ومترابطة مع تجارب شعر مختلفة.
عندما يفكر المرء في تعقيد الإدراك البصري يدرك أن هذا الجانب من الوعي يجب أن يكون قد تطور في العديد من المراحل، هو ما يكفي لإثبات أن الوعي البصري له قيمة بيولوجية، كما إن اللونية الدماغية أمر نادر الحدوث ولكن عمى الضوء الداكن نادر للغاية، ينص مبدأ جاكسون على أن الوظائف الأقدم تطورياً هي أكثر قوة من الوظائف الحديثة، يشير هذا إلى أن تجربة الإضاءة الداكنة تم تطويرها بشكل منفصل وقبل تجربة الألوان، بالإضافة إلى ذلك تم تطوير نظام يتم بموجبه تعديل الألوان التي يختبرها المرء لإعطاء أقصى قدر من التمييز بين الكائنات.


شارك المقالة: