اقرأ في هذا المقال
- علم النفس خلال عصر النهضة والتنوير
- الطبيعة البشرية والأخلاق والمجتمع في عصر التنوير والنهضة لعلم النفس
علم النفس خلال عصر النهضة والتنوير:
قام عصر النهضة بإحياء الاهتمام بالشخصية الفردية، مما مهد الطريق لظهور علم النفس في القرن السابع عشر، بعد ذلك أصبح علم النفس مجال ومنهج مهمًا اجتماعيًا في القرن الثامن عشر، وأصبح علمًا مستقلاً في القرن التاسع عشر، حيث يعكس تاريخ كلمة علم النفس هذا التطور على الرغم من أن جذور هذه الكلمة الاشتقاقية يونانية التي تعني الروح في علم النفس.
قد ظهر علم النفس بشكل متقطع في بداية القرن السابع عشر، واكتسب انتشارًا عامًا فقط في القرن التاسع عشر بدلاً من ذلك، كتب الناس عن علم الطبيعة البشرية أو علم عقلي أو أخلاقي يهتم كل منهم في منهج معين يتناول المجالات التي تقع تحت اهتماماته علاوة على ذلك، كان علم النفس واحدًا من العديد من العلوم الإنسانية التي ظهرت في القرون الخمسة بعد سنة 1400، لكن الأمر استغرق سنوات عديدة حتى يتخذوا أشكالهم الحديثة لفترة طويلة.
كان طالب الطبيعة البشرية على قدم المساواة مع عالم النفس وعلم الاجتماع، مما أظهر أهمية كل منهج منها على حدا في المجالات الخاصة بها كمنهج مستقل، مما أدى لتوضيح أهمية علم النفس في عصر النهضة والتنوير، ويمكننا التطرق للتطور والتنمية لعلم النفس في هذه الفترة من خلال ما يلي:
1- النهضة:
يتم الاحتفال بعصر النهضة بحق لإبداعاته في الفنون بالنسبة لتاريخ علم النفس، فقد بدأ هذا النهج النفسي الانتقال من العصور الوسطى إلى العصر الحديث، وكان التطور المميز لعصر النهضة هو عودة ظهور النزعة الإنسانية، من حيث وضع أهمية على الأفراد وحياتهم في هذا العالم بدلاً من الاهتمام في العصور الوسطى بالوضع الاجتماعي الإقطاعي والاهتمام الديني بحياتهم المستقبلية في الجنة أو الجحيم؛ نظرًا لأن علم النفس هو علم العقل والسلوك الفرديين، فهو مدين للإنسانية.
على الرغم من أن عصر النهضة ساعد في ولادة الحياة العلمانية الحديثة، إلا أنه بدأ كما في أعمال فرانشيسكو بترارك، من خلال النظر إلى الوراء بدلاً من النظر إلى الأمام، حيث سخر كتاب عصر النهضة من العصور الوسطى ووصفوها بأنها مظلمة وغير عقلانية وأشادوا بالعصر الكلاسيكي باعتباره مستنيرًا ومليئًا بالحكمة، واعتقد حزب القدماء أن الناس لا يستطيعون فعل أكثر من تقليد أمجاد غيرهم والتأثر بالقدماء بحثًا عن نماذج من الذوق والأسلوب والحكم السليم.
تحدى حزب النهضة للقدماء الماضيين، الذي كان ينظر إلى الماضي الكلاسيكي على أنه مصدر كل الحكمة، من قبل حزب الحداثة والتجديد، الذي أكد أن الرجال والنساء المعاصرين متساوون مع عمالقة الماضي المبدعين، ولقد أثبتوا أنهم كانوا على حق مع الثورة العلمية، من حيث التطرق للسلوك الإبداعي والسلوك الجديد للفرد في العصر ذاته.
2- الثورة العلمية:
تبدأ قصة علم النفس العلمي مع الثورة العلمية، حيث أدت الثورة العلمية إلى أكثر من مجرد إنشاء فكرة أن علم النفس قد يكون علمًا، بل أدت إلى ظهور مفاهيم جديدة للعقل والجسد أساسية لتطور علم النفس، من ثم خلقت الثورة العلمية مفهوم الوعي والإدراك، الذي تم تنظيم علم النفس الأول حوله، وخلقت مفهوم أن الكون هو آلة، مما يشير إلى أن الأجسام الحية كانت آلات عضوية.
اجتمعت التيارات التي أطلقها عصر النهضة والثورة العلمية معًا في عمل رينيه ديكارت، الذي أنشأ إطارًا مؤثرًا للتفكير في العقل والجسد أساسيًا لتأسيس علم النفس، حيث حاول ديكارت وهو عالم كاثوليكي مصلح وعامل، التوفيق بين معتقده الأخلاقي في وجود الروح والتزامه بنظرة ميكانيكية للكون المادي كآلة آلية تحكمها قوانين رياضية صارمة.
وضع ديكارت مشكلة على الرغم من جذورها في الفلسفة والطب النفسي، إلا أنها أصبحت أكثر إلحاحًا خلال الثورة العلمية، حيث يتشارك البشر والحيوانات كثيرًا في ما يسمى عادةً بالعقلية، على سبيل المثال، تدرك الحيوانات بوضوح وتتعلم وتتذكر، لذلك نظرًا لأن الحيوانات ليس لها أرواح، فإن الإدراك والتعلم والذاكرة يجب أن تكون وظائف للجسم، وليس الروح أو العقل.
أدى هذا الإدراك ببعض المفكرين وعلماء النفس لاحقاً إلى صياغة ووضع المرء النفس البشرية خارج الجسد تمامًا، حيث رأى أنها نور أساسي داخلي يتدفق من الداخل أثناء الحياة ويعود عند الموت، وغيرها من الذي تبنته الطبيعة في عصر النهضة فقد استغنى عن الروح تمامًا، ورأى البشر كحيوانات متطورة والعقل كوظيفة للدماغ.
3- صعود علم النفس:
أدى فهم مكان العقل والجسد في الطبيعة إلى ظهور مدارس فكرية عديدة، حيث أن مشكلة العقول الأخرى لم تصبح مهمة إلا بعد قبول التطور في القرن التاسع عشر، واقترح التطور وصعود علم النفس، أن الحيوانات لديها عقول، وإن كانت أبسط من عقولنا، وانذرت في الخلافات الحديثة حول العقول الأخرى في مشكلة العقول الأخرى من المنظور المادي.
تم اقتراح تعليم اللغة والاهتمام بطرق اكتسابها والتمكن منها ودحض ديكارت في فكرة وجود الروح موضع شك، وفي القرن العشرين، عندما أحيا نعوم تشومسكي أطروحة ديكارت القائلة بأن اللغة هي قدرة بشرية خاصة بنوع معين، وضع بعض علماء النفس فرضية لا ميتري على المحك في الوصول إلى استنتاج ديكارتي، قال عالم الكمبيوتر آلان تورينج أننا سنعرف أن أجهزة الكمبيوتر كانت ذكية عندما تستخدم اللغة كما يستخدمها البشر.
الطبيعة البشرية والأخلاق والمجتمع في عصر التنوير والنهضة لعلم النفس:
في أعقاب الثورة العلمية، بدأ المفكرين الاجتماعيين في عصر التنوير في القرن الثامن عشر وعلماء النفس والفلاسفة في إعادة التفكير في الأخلاق والحكومة على أسس علمية، خاصة في تفسير الأفكار الراديكالية، التي يتم من خلالها رفض التقاليد والسلطة المتعلقة بالسلطة الأخلاقية، حيث أنها كانت تعتمد على الأخلاق من حيث السلطة والنتائج المطلوبة.
ومع ذلك تم توقع ادعاءاتهم على افتراض أن الخير كان خاصية أساسية وموضوعية للأفعال والأحداث والسلوك الإيجابي للبشر، وعندما أصبح ينظر إلى الخير كملكية ثانوية، أصبحت سلطة التقاليد والسلطة الأخلاقية موضع شك، من ثم تحول الفلاسفة وعلماء النفس إلى العلم باعتباره منبعًا أسمى للسلطة الأخلاقية.
أخضع ديكارت وخلفاؤه كل معتقد مشترك عن العقل والعالم للوعي والإدراك، التدقيق العقلاني، وفعل هؤلاء الفلاسفة وعلماء النفس الشيء نفسه مع كل معتقد تم تلقيه حول الأخلاق والمجتمع، حيث أنها كانت مكررة وأساسية مرة أخرى، حيث كان مفتاح هذه الاستفسارات الجديدة هو الطبيعة البشرية، مثل استفسار هل الناس بطبيعتهم طيبون أم أشرار، بالنظر إلى طبيعتنا، وما هو المجتمع العادل؟ جعلت مثل هذه الأسئلة العلوم الإنسانية، وخاصة علم النفس، ذات أهمية اجتماعية.
ثم أصبح من الضروري تسوية طبيعة الطبيعة البشرية علميًا، وربما استبدال الوسائل الأخلاقية التقليدية للرقابة والسلطة الاجتماعية بالوسائل العلمية، كما أصدر التحقيق النفسي في طبيعة العقل في أزمة متشككة، والتحقيق النفسي في الطبيعة الاجتماعية للإنسان صدر في أزمة أخلاقية.
بحلول عام 1789، عام الثورة الفرنسية، كان علم النفس راسخًا باعتباره نظامًا فلسفيًا مهم وذو فائدة، إن لم يكن علميًا بعد، حيث أصبح من الواضح أيضًا أن علم النفس أو علم الطبيعة البشرية والسلوك الإنساني سيكون حاسمًا في جميع المناقشات المستقبلية حول القيم الإنسانية والحياة البشرية.