فلسفة التدريس التربوي

اقرأ في هذا المقال



يعبر التدريس التربوي عن موقف يتسم بالتفاعل والتشارك بين طرفين يحدد لكل من الطرفين أدوار معينة، يعمل على تطبيقها من أجل إنجاز غاية أو هدف محدد.

ما هي فلسفة التدريس التربوي؟


إن المفهوم التقليدي للتدريس يركز على عمل إحداث تغيير في سلوك الطالب، أما المفهوم الإنساني الحديث يعتني بتقديم العون والمساعدة لكل طالب، من أجل التعرف على صفاته وقدراته، والعمل على نموها وتقدمها، ثم العمل على إيجاد الظروف المناسبة للطالب من أجل المشاركة بها واستخدامها في تحقيق الأمور المفيدة، التدريس والتعليم من أعظم وأجل الوظائف، وهي رسالة عظيمة يتحمل عظمتها كل من بذل جهده من أجل أن يصل إليها.

من أجل فهم واستيعاب فلسفة التدريس يجب معرفة مراحل التدريس، والتدريس مَرّ في مراحل متعددة ومتنوعة، في بداية العملية، حيث أن عملية التدريس لم تلتزم بفكر أو برنامج واضح، لذلك لم يعرف على أنه مهنة بمواصفات وسمات المهنة في الوقت الحالي، حيث كان مرتكز على مجموعة من الأشخاص الذين تتوفر لديهم القدرة على تلقين المعلومة والمعرفة، من خلال مهارة القراءة والكتابة فقط، ولم يُرى توجهات من أجل إعداد وتجهيز أشخاص يقومون بوظيفة التعليم، بل اقتصر ذلك على الأشخاص الذين يمتلكون مهارة التلقين.
وعند بروز فلسفات متعددة ومتنوعة وتأكيدها على الشخص، بأنه عبارة عن عضو مهم وفعال في المجتمع، برزت ضرورة أن يكون للشخص الموهبة والقدرة على نقل فكر الفلسفة، والتمكن من فهم واستيعاب المعلومة والمعرفة المتعددة والمتنوعة ونقلها إلى الطلاب، وأن يتخصص الشخص المعلم في مجال محدد ومعين من المعرفة، ويعمل على توصيل المعرفة الكاملة، والعمل على تقديم الحضارات الإنسانية.

إن وقت ظهور الاكتشافات والاختراعات العلمية في مجالات متعددة ومتنوعة ومن خلال تفجير وسائل المعرفة، أصبحت عقبة نقل وتوصيل المعرفة من الشخص المتخصص والذي تتوافر معه جميع فروع المعرفة، وبذلك اتّجه المجتمع إلى التعلم وارتفاع أعداد الأشخاص في التعليم، والعمل على ضرورة زيادة عدد المدارس وإعدادها، ومن الضروري توجيه عناية ورعاية القائمين والمهتمين بعملية التدريس، والعمل على إعدادهم تربوياً وعلمياً في فروع المعرفة التي يدرسونها، وتطوير العلوم المتعددة والمتنوعة.

ومن خلال ظهور نظريات التعليم وتطور وسائل وأساليب نقل المعرفة، توجب أن يتماشى المدرس مع المعرفة والمعلومة تربوياً وعلمياً، وظهور التخصصات والمجالات المتعددة والمتنوعة لجميع فروع المعرفة، والتدريس أصبح يعتمد ويرتكز على النظريات العلمية والتربية، وانطلق العلم من الخلفيات الفكرية النظرية واتصلت بالمعلم والمتلقي، وأصبح التدريس يعتبر الوسيلة الناقلة لجميع الفروع المتعددة والمتنوعة.

ما هو التطور التاريخي للتدريس التربوي؟

لقد مرت عملية التدريس التربوي بفترات وحقبات زمنية متعددة ومتنوعة منذ القدم حتى عصرنا الحالي، وتتمثل من خلال ما يلي:
في الغرب: تُعَد عملية التدريس سلوك تم تطبيقه وتنفيذه منذ الزمن القديم، لكن لم يكن معترف بها كوظيفة رسمية بمفهومها وسماتها وصفاتها، إلا في القرن الثامن عشر بعد ما أخذت إدارة الكنيسة تبتعد عن شؤون وأمور المجتمع الدنيوية.

في الشرق: بقيت وظيفة التدريس مقتصرة على رجال الدين، وتختص بالأمور الدينية حتى بداية القرن الحالي، حيث بدأ التدريس يتخذ وجهة أخرى بشكل عام، والقائمون عليه بشكل خاص يتسمون بالاستقلال عن الإدارة الدينية بشكل مباشر، وانحصرت مهنة التدريس على المحاربين وتدريبهم على فنون القتال.

أما فيالحياة الصينية: فكانت عملية التدريس تتمثل وتتجسد في إعداد وتجهيز الكتّاب والموظفين والمواطنين الصالحين للمجتمع وللإدارة المدنية.

ومع بداية القرن السادس عشر: توجه التدريس نحو استرجاع القادة كما كان في التعليم الأثيني الذي اتصف بهذه المهنة وركز على تحصيلها.

أما في المجتمع الهندي والاسلامي: فقد ركز التدريس على العلماء والدعاة من أجل إصلاح الشخص ونجاحه في الدنيا والآخرة.

وعند الأوربيون: فقد شعروا بالحاجة إلى دراسة علوم وحضارة الأمم الأخرى، فقد اهتم واعتنى التدريس بتعليم وإعداد الأشخاص كعلماء، ليتمكنوا من الاستقصاء في إنجازات اليونانيين وأنجازات العرب المسلمين والاستفادة منها واستغلالها في بناء حياة علمية معاصرة.


أما بداية القرن العشرين: أخذت عملية التدريس بالاهتمام والتركيز على الطفل من حيث رغباته وميوله واتجاهاته، وبدأت المدارس والوسائل التعليمية الفريدة من نوعها بالظهور.
والتدريس الذي تطور وتقدم خلال العصور السابقة حتى وصل إلى الوضع الحالي هو علم تطبيقي انتقائي أُخذ من علوم متعددة ومتنوعة، مما أدى إلى تميزه بخصائص وسمات حديثة متعددة ومتنوعة.


شارك المقالة: