كيف أصبح التحليل النفسي هواية

اقرأ في هذا المقال


لقد أصبح جميع الأشخاص حاذقين في لغة العلاج النفسي، وسرعان ما يقومون بتشخيص أصدقائهم والآخرين، وحتى المقربين منهم فيقومون في محاولة تصنيف أمراضهم النفسية.

كيف أصبح التحليل النفسي هواية

عندما يرتبط الأمر بالصحة النفسية، فإن الجميع يرغبوا في لعب دور الشخص الذي يعرف بكل شيء، وسيردد هذا الشخص عبارة بأن مصاباً ما كان يعاني من ذات المرض النفسي؛ إذ تُشخص الأمراض والعلل النفسية وتناقش في الجلسات العائلية، تمامًا كما لو كان كل المشاركين حاصلين على رخصة مزاولة العلاج النفسي.

مثال على ذلك التوحد أصبحت كلمة يطلقها معظم الناس على الأشخاص، وخاصة فئة المراهقين الذين هم فقط خجولون جدًا، أو يفضلون العزلة الاجتماعية والانسحاب من التجمعات.

مصطلح منتشر آخر هو النرجسية؛ فأغلب الأشخاص مقتنعين بأن كل شخص يعرفوه لديه نوع أو آخر من النرجسية، مثل فتاة لا تتحدث إلا عن نفسها، وعن حياتها المهنية، وأطفالها المميزين؛ وفي نفس الوقت تعتبر صديقتها المقربة السابقة بأنها تعاني من نرجسية، لأنها تحدثها دائمًا عن ذاتها وعن حياتها المهنية وأطفالها المميزين.

لا يتوقف الأمر على إلصاق الأمراض النفسية بالأشخاص الآخرين بشكل عشوائي، ولكن يسعد الأشخاص بتشخيص أنفسهم ببعض هذه الأمراض، لذا فإن ما كان يُطلق عليه اسم الشعور بالحزن أو الكآبة، وكان يُعد جزء طبيعي من الحياة، ويعرف الآن بالاكتئاب، وأصبح يحتاج إلى العلاج بالأدوية، وللأسف لا يعرف الفرق بين هذا وذاك سوى الأشخاص المصابون بالاكتئاب الحقيقي الذي يعيقهم عن متابعة حياتهم بشكل طبيعي.

من يستطيع الاستفادة من التحليل النفسي

أفضل طريقة لاكتشاف ما إذا كان التحليل النفسي سيستفيد أم لا هي استشارة محلل نفسي، التحليل النفسي هو علاج فردي للغاية يعتمد بشكل متفائل على إمكانات الشخص الفطرية للشفاء الذاتي والنمو، للخضوع للتحليل النفسي، يجب أن يكون الشخص قد حقق بعض الرضا المهم في الحياة، وأن يكون لديه نمط حياة مستقر بما يكفي لتلبية متطلبات العلاج، ربما يكون هذا الشخص قد حقق بالفعل إشباعًا مهمًا، مع الأصدقاء أو في الزواج أو في العمل أو من خلال الاهتمامات والهوايات الخاصة.

على الرغم من هذه الإنجازات، يمكن أن يعاني الشخص الذي يسعى إلى التحليل النفسي من أعراض كبيرة، والتي قد تشمل الاكتئاب أو القلق أو الأعراض الجسدية دون أي سبب جسدي أساسي يمكن إثباته، قد يعاني شخص ما من طقوس أو إجراءات قهرية خاصة أو أفكار متكررة لا يعرفها أحد، قد يعيش شخص آخر حياة ضيقة من العزلة والوحدة، غير قادر على الشعور بالقرب من أي شخص، قد يعاني ضحية الاعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة من عدم القدرة على الوثوق بالآخرين.

يأتي بعض الناس إلى التحليل بسبب الفشل المتكرر في العمل أو في الحب، ليس عن طريق الصدفة ولكن بسبب أنماط السلوك المدمرة للذات، يسعى آخرون إلى التحليل لأن طريقتهم في الوجود تقيد الخيارات وفرصة الملذات، يسعى بعض الأشخاص للحصول على علاج التحليل النفسي لأن الأساليب الأخرى لم تحل المشكلات النفسية أو حلها مؤقتًا فقط.

مهما كانت المشكلة، يلزم إجراء تقييم شامل لتحديد ما إذا كان التحليل النفسي موصوفًا بشكل صحيح، في بعض الأحيان يتم التقييم عبر سلسلة قصيرة من المقابلات التي تسمح للشخص والمحلل ببعض الخبرة لبعضهما البعض في الإطار العلاجي.

من هو المحلل النفسي

المحلل النفسي هو طبيب يمارس شكلاً عالي التخصص من العلاج النفسي يسمى التحليل النفسي الذي ابتكره سيغموند فرويد وتم تطويره نظريًا وسريريًا من قبل الأجيال اللاحقة من المحللين النفسيين، بالإضافة إلى التدريب في مجال آخر مثل الطب النفسي أو علم النفس أو العمل الاجتماعي أو تخصص أكاديمي يتضمن بعض جوانب التحليل النفسي.

أكمل المحلل النفسي ما لا يقل عن أربع سنوات من التدريب النظري والسريري في التحليل النفسي، حصل محللو التحليل النفسي الخريجون المدربون تحت رعاية معهد تورونتو للتحليل النفسي على التعليم والتدريب السريري الأكثر صرامة المتاحين لممارسة التحليل النفسي.

يجب على المرشحين المقبولين للتدريب تلبية أعلى المعايير الأخلاقية والنفسية والمهنية في هذا المجال، نظرًا لأنه يمكن استخدام مصطلح المحلل النفسي من قبل الأشخاص الذين لم يتلقوا تدريبًا في التحليل النفسي، قبل البدء في التحليل، يجب على الشخص أن يعرف ماهية أوراق اعتماد الممارس وأن يتأكد من أن تدريب المحلل في التحليل النفسي يلبي أعلى المعايير.

في النهاية يمكن القول بأن التشخيصات النفسية التي وُضعت في البداية لتسهيل العلاج، أصبحت تخضع لنفس صيحات الموضة، تمامًا كما لو كانت أسماء لعلامات تجارية لامعة.


شارك المقالة: