إنَّ الإصابة بمرض السرطان يجعل المرضى يمرّون بحالة نفسية سيئة، فقد يصاب البعض منهم بالاكتئاب، إنَّ مريض السرطان مثل غيره من المرضى المصابين بالأمراض الأخرى المُستعصية، حيث يمر بمجموعة من المراحل وأصعبها مرحلة عدم التصديق، القلق والتوتر، مرحلة تقبل المرض والتعايش معه سواء كان تعايش إيجابي أو سلبي، خصوصاً أنَّ رد الفعل الأول للسرطان هو الموت.
تأثير الحالة النفسية على مرض السرطان
تعتبر الحالة النفسية لمرضى السرطان من أهم مقومات الشفاء ونجاح العلاج، حيث إنَّ الإرادة للشفاء بداخل المريض هي العامل الرئيسي الذي يعمل على تحفيز الجهاز المناعي بداخله؛ لكي يتحدى ويقضي على هذا المرض اللعين، فإحساس مريض السرطان بالهزيمة واليأس من شفائه يؤثر بشكل سلبي على الجهاز العصبي المركزي خاصة منطقة ما تحت المهاد، ومن الصعب تشخيص الاكتئاب عند مرضى السرطان؛ ذلك بسبب صعوبة فصل أعراض الاكتئاب عن المشاكل الجانبية للأدوية والعلاج، فهي تشبه أعراض السرطان نفسه.
وتلعب الحالة النفسية دورًا مهمًا في مسار علاج السرطان والشفاء منه. العلاقة بين الصحة النفسية والشفاء من السرطان معقدة وتستند إلى تفاعلات متعددة بين الجسم والعقل. تتأثر قدرة الفرد على مقاومة المرض واستجابته للعلاج بالعوامل النفسية بطرق متعددة:
1. تأثير الإجهاد والقلق: الإجهاد والقلق يمكن أن يؤثرا بشكل كبير على الصحة العامة. حينما يكون الشخص مصابًا بالسرطان، قد يسبب القلق المزمن زيادة في مستويات الهرمونات المترابطة مع الإجهاد، مثل الكورتيزول، التي قد تؤثر سلبًا على جهاز المناعة. جهاز المناعة هو خط الدفاع الأول ضد السرطان، وتعطيل وظيفته يمكن أن يعيق عملية الشفاء.
2. تأثير الاكتئاب: الاكتئاب هو أحد الحالات النفسية الشائعة بين مرضى السرطان. قد يقلل الاكتئاب من رغبة المريض في الالتزام بخطط العلاج والتغذية الصحية. علاوة على ذلك، قد يؤثر الاكتئاب على قدرة الجسم على التعافي من الآثار الجانبية للعلاج.
3. تأثير التفاؤل والدعم الاجتماعي: التفاؤل والدعم الاجتماعي يلعبان دورًا حاسمًا في تحسين الحالة النفسية للمريض. الأبحاث أظهرت أن المرضى الذين لديهم نظرة إيجابية تجاه الشفاء ودعم من الأسرة والأصدقاء يظهرون مستويات أعلى من الرفاهية النفسية ويستفيدون بشكل أفضل من العلاج.
4. تأثير التكيف النفسي: طرق التكيف الجيدة يمكن أن تساعد المرضى في التعامل مع الضغوط النفسية المرتبطة بالسرطان. تقنيات مثل العلاج النفسي، التأمل، واليوغا يمكن أن تساهم في تحسين الصحة النفسية. كما أن بناء استراتيجيات للتعامل مع القلق والخوف يمكن أن يساعد المرضى في تعزيز قدرتهم على الشفاء.
5. تأثير التأثير المتبادل: الصحة النفسية يمكن أن تؤثر على الجوانب البدنية للصحة مثل النوم والشهية. النوم الجيد والتغذية السليمة يلعبان دورًا مهمًا في دعم الجسم أثناء عملية العلاج. من خلال تحسين الصحة النفسية، يمكن للمرضى تحسين قدرتهم على النوم والتغذية، مما يعزز الشفاء الجسدي.
تشخيص الاكتئاب عند مرضى السرطان
- وجود مزاج محبط و مكتئب خلال اليوم وفي أغلب الأيام.
- فقدان الرغبة بالقيام بكافة النشاطات، كذلك الشعور بعدم وجود قيمة للذات.
- تغيرات واضحة في عادات الأكل والنوم، الشعور بالإعياء بشكل دائم.
- التوتر العصبي أو البلادة، كذلك ضعف التركيز الذهني.
- الشعور غير المناسب بالذنب، كثير التفكير في الموت أو في الانتحار.
الحالة النفسية عند مرضى سرطان القولون
إنّ مرضى سرطان القولون الذين يعانون من اكتئاب يكونون أقل حظاً في الشفاء من السرطان، خاصة بعد إتمام العمليات التي تلزم للتخلُّص من الورم، فإن نتائجهم تبين أهمية العوامل النفسية في العلاج والشفاء، بالتالي من الضروري الوقوف على الحالة النفسية لهؤلاء المرضى قبل البدء في العلاج وأثناءه وحتى بعد الانتهاء منه.
إنّ مرضى سرطان القولون يصابون بالاكتئاب بوقت تشخيص الإصابة بالمرض، فهذا الأمر يساعد على أن تكون الصحة للمرضى المكتئبين أكثر سوءاً من غيرهم، خاصة بعد سنتين من أخذ العلاج اللازم للتخلُّص من السرطان، نشير هنا إلى أنَّ مرضى السرطان يستطيعون الاستمرار بحياتهم بعد العلاج والشفاء من المرض لكن بعد تلقيهم الدعم النفسي الذي يلزم، فقد تكون الحالة النفسية هي الحاجز أمام شفاء المرضى، حيث يكون تأثيرها أكبر بكثير من اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة أو المتأخرة.