كما أنَّنا نرغب في أن نكون الشخص الذي نفكّر أن نكونه، فنحن أيضاً نتاج ما نقوله ونُحدّث به أنفسنا، فأقوى الكلمات التي يمكننا أن نكرّرها على مسامعنا، خاصة إذا شعرنا بالتوتر والانزعاج بسبب أمر وشيك الحدوث، هي “أنني معجب بذاتي”، وأن نكرّر هذه العبارة مرات عديدة.
ماذا نقول ﻷنفسنا في حوارنا الذاتي
كلّما نحدّث أنفسنا أنَّنا معجبون بذاتنا، تتضاءل مخاوفنا وتتعاظم شجاعتنا، فعبارة ” أنني معجب بذاتي” تحمل في طيّاتها قوة مؤثرة وإيجابية، بحيث يتلقّاها عقلنا اللاواعي مباشرة باعتبارها أمر واجب التنفيذ.
العبارات التي تزيد من ثقتنا بأنفسنا، تؤثر في الحال على أفكارنا ومشاعرنا ومواقفنا النفسية، وتتحسن مباشرة حركاتنا، وتختلف نظرتنا ووقفتنا، ونبرة صوتنا، وتصبح أفكارنا أكثر إيجابية، ويتحسّن شعورنا حيال ذاتنا، وحينها نتعامل مع من حولنا بشكل أكثر أريحية وثقة.
نحن نعمل على عملية تغيير تفكيرنا وتغيير حياتنا، عن طريق العمل على صورتنا الذاتية، أي أنَّنا نبدأ بتكوين صورة نموذجية تتسم بالوضوح والإيجابية، وتكون مثيرة وملهمة لنا.
علينا أن نكوّن تصوّراً عن ذاتنا يتّسم بالإيجابية، عن طريق تخيّل أنفسنا ونحن نقدّم أفضل ما لدينا من أداء في كلّ ما نقوم به، أي أن نكتسب مستويات عالية وراسخة من تقديرنا الذاتي، عن طريق الحب وقبول الذات بلا شروط مُسبَقة، وكأشخاص لهم كلّ القيمة والتقدير.
طريقة التحكم بحوارنا الداخلي
الحوار الداخلي هو تلك المحادثات الصامتة التي نجريها مع أنفسنا على مدار اليوم. يمكن أن يكون هذا الحوار إيجابيًا ومشجعًا، أو سلبيًا وناقدًا، وله تأثير كبير على حالتنا النفسية والعاطفية، وكذلك على قراراتنا وسلوكياتنا اليومية. إن القدرة على التحكم في هذا الحوار الداخلي هو مهارة قوية يمكن أن تساعدنا في تحسين جودة حياتنا وزيادة الوعي الذاتي.
1. فهم أهمية الحوار الداخلي
الحوار الداخلي ليس مجرد صوت داخلي يتحدث إلينا؛ إنه يحدد الطريقة التي ننظر بها إلى أنفسنا وإلى العالم من حولنا. الحوارات الإيجابية يمكن أن تعزز الثقة بالنفس والمرونة في مواجهة التحديات، بينما الحوارات السلبية يمكن أن تؤدي إلى القلق والاكتئاب والشعور بعدم الكفاءة.
2. التعرف على أنماط الحوار الداخلي
أول خطوة في التحكم في الحوار الداخلي هي التعرف على الأنماط المختلفة التي يتخذها. قد تلاحظ أن لديك ميلًا للانتقاد الذاتي أو المبالغة في السلبيات. تسجيل هذه الأنماط يمكن أن يساعدك في التعرف على الأفكار السلبية والتعامل معها بفعالية.
3. إعادة صياغة الأفكار السلبية
إحدى الطرق الفعالة للتحكم في الحوار الداخلي هي إعادة صياغة الأفكار السلبية بطريقة إيجابية أو على الأقل محايدة. بدلاً من التفكير “أنا دائمًا أفشل في كل شيء”، يمكن إعادة صياغتها إلى “لقد مررت بتجارب صعبة من قبل وتعلمت منها، وسأستمر في التعلم والنمو”.
4. ممارسة اليقظة الذهنية
اليقظة الذهنية تعني الانتباه إلى اللحظة الحالية دون الحكم على الأفكار أو المشاعر التي تمر بها. عندما تصبح أكثر وعيًا بحوارك الداخلي، يمكنك تعلم ملاحظة الأفكار السلبية دون الاندماج فيها، وهذا يساعد في تقليل تأثيرها عليك.
5. تحدي الأفكار السلبية
لا تقبل كل فكرة سلبية تظهر في عقلك كحقيقة. تحدى هذه الأفكار بطرح أسئلة مثل: “هل هذه الفكرة مبنية على حقائق؟” أو “ما الأدلة التي تدعم أو تنفي هذه الفكرة؟” هذا يمكن أن يساعد في تحويل الأفكار السلبية إلى أفكار أكثر منطقية وموضوعية.
6. استخدام التأكيدات الإيجابية
التأكيدات الإيجابية هي جمل قصيرة وموجهة تساعد على تعزيز الأفكار والمشاعر الإيجابية. تكرار التأكيدات مثل “أنا قوي وقادر” أو “أستحق السعادة والنجاح” يمكن أن يساعد في تغيير الحوار الداخلي تدريجيًا.
7. تعزيز التفكير الواقعي
بينما من المهم أن تكون إيجابيًا، من المهم أيضًا أن تكون واقعيًا. الهدف ليس تجاهل المشكلات أو التحديات، بل التعامل معها بطريقة بناءة وموضوعية. التفكير الواقعي يساعد على وضع الأمور في نصابها الصحيح وعدم المبالغة في التقييمات السلبية.
8. البحث عن الدعم
في بعض الأحيان، يمكن أن يكون الحوار الداخلي السلبي ناتجًا عن مشاكل أعمق مثل الاكتئاب أو القلق. في هذه الحالات، من المهم البحث عن الدعم من الأصدقاء أو العائلة أو الاستعانة بمختصين نفسيين. يمكن للعلاج النفسي، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، أن يكون فعالاً للغاية في مساعدة الأفراد على التحكم في حوارهم الداخلي.
9. ممارسة الرعاية الذاتية
الرعاية الذاتية الجيدة، مثل الحصول على نوم كافٍ، وتناول غذاء صحي، وممارسة الرياضة بانتظام، يمكن أن تحسن من حالتنا العقلية وتساعد في تعزيز حوار داخلي أكثر إيجابية. عندما نشعر بالارتياح الجسدي، نكون أكثر قدرة على التفكير بوضوح وإيجابية.
10. تحديد الأهداف والعمل عليها
تحديد أهداف صغيرة وقابلة للتحقيق والعمل عليها يمكن أن يعزز من شعورك بالإنجاز ويقلل من الحوار الداخلي السلبي. عندما نرى التقدم ونشعر بالنجاح، يصبح من الأسهل الحفاظ على حوار داخلي مشجع ومتفائل.
التحكم في الحوار الداخلي يتطلب وعيًا وممارسة مستمرة. بتبني تقنيات مثل إعادة صياغة الأفكار السلبية، وممارسة اليقظة الذهنية، وتعزيز التفكير الواقعي، يمكنك تحسين جودة حياتك النفسية والعاطفية. تذكر أن الحوار الداخلي هو عملية مستمرة، وكل خطوة صغيرة نحو تحسينه تساهم في بناء عقلية أكثر صحة وسعادة.