يقول قانون الاستبدال على أنَّه “يمكن للعقل البشري الاحتفاظ بإحدى الأفكار مرة واحدة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، وأنَّه يستطيع الإنسان استبدال فكرة إيجابية بفكرة سلبية أو العكس، متى اخترنا هذا”، وباستطاعتنا تطبيق هذا القانون، عن طريق التفكير الذي يعتمد حول أمر إيجابي، وذلك كلّما أردنا القضاء على فكرة أو شعور يَجلبان لنا الإحساس بالغضب أو الحزن.
تكرار الأفكار يجلب لنا العادات
ينصّ قانون العادات على أنّ “أي فكرة أو فعل نكررهما مراراً وتكراراً، سوف يصبحان في نهاية الأمر عادة جديدة لنا”، فعندما يتّسم ردّ فعلنا واستجابتنا بالإيجابية بشكل متكرر، فإنَّنا نملك زمام عقلنا الواعي تماماً، وسرعان ما يصبح من السهل والتلقائي أن نفكّر ونتصرف على هذا الشأن.
وذلك من خلال استخدامنا لضبط الذات والتكرار، حينها نكتسب عادات جديدة في التفكير والتصرف بشكل إيجابي، وعن طريق تطبيق قانون العادات، نستطيع أن نكون أشخاصاً إيجابيين، وتتغيَّر حياتنا بالكامل، ﻷنَّ كلّ ما نريد القيام به يبدأ من عقولنا، وأنَّ لا شيء ثابت في عقولنا لا يتغيّر، فمن يريد التغيير، عليه بتكرار ما هو إيجابي عشرات المرات حتى يصبح عقيدة وعادة راسخة في عقله، وبعد ذلك يرى النتائج.
خطوات للتحكم في العقل وبناء تفكير إيجابي
الأفكار هي المحرك الأساسي الذي يؤثر على مشاعرنا وسلوكياتنا ويشكل تجربتنا في الحياة. الأفكار السلبية يمكن أن تساهم في زيادة التوتر والقلق والاكتئاب، بينما الأفكار الإيجابية تعزز من مشاعر السعادة والرفاهية النفسية. لذا، فإن اختيار أفكارنا بعناية هو خطوة مهمة نحو تحسين نوعية حياتنا. فيما يلي سنناقش كيفية اختيار أفكارنا بشكل واعٍ لبناء تفكير إيجابي وتعزيز صحتنا النفسية.
1. فهم قوة الأفكار وتأثيرها
قبل أن نتعلم كيفية اختيار أفكارنا، من المهم أن نفهم أن الأفكار ليست مجرد أفكار عابرة. الأفكار تؤثر بشكل مباشر على مشاعرنا وسلوكياتنا. على سبيل المثال، إذا كنت تفكر بشكل متكرر في فشل محتمل، فقد تشعر بالقلق والتوتر، مما قد يؤثر على أدائك الفعلي في مواجهة التحديات. في المقابل، التفكير الإيجابي يمكن أن يعزز من ثقتك بنفسك ويحفزك لتحقيق أهدافك. عندما ندرك تأثير الأفكار على حياتنا، نصبح أكثر استعدادًا لاختيار الأفكار التي تعزز من صحتنا وسعادتنا.
2. مراقبة الأفكار والتعرف على الأنماط السلبية
أول خطوة نحو اختيار الأفكار بشكل أفضل هي مراقبتها بوعي. يمكن أن تساعدنا ممارسة التأمل أو كتابة اليوميات في التعرف على أنماط التفكير السلبية التي تكرر نفسها. بمجرد أن نكون على دراية بهذه الأنماط، يمكننا العمل على تغييرها. على سبيل المثال، إذا لاحظت أنك تميل إلى التفكير النقدي الذاتي أو التركيز على الجوانب السلبية للأحداث، يمكنك أن تكون أكثر وعيًا بتحويل تلك الأفكار إلى أفكار إيجابية.
3. التحدي والتحقق من صحة الأفكار السلبية
الأفكار السلبية ليست دائمًا صحيحة أو واقعية. في كثير من الأحيان، تكون هذه الأفكار نتيجة للتفكير السلبي أو الخوف أو الشك. من المهم تحدي هذه الأفكار والتأكد من صحتها. على سبيل المثال، إذا كنت تفكر في أنك “لست جيدًا بما يكفي”، اسأل نفسك: “هل هناك دليل حقيقي يدعم هذا الاعتقاد؟” أو “هل هذه الفكرة مبنية على تجربة واحدة فقط؟” هذه الأسئلة تساعد في تقييم الأفكار السلبية وتحديها، مما يسمح بتغييرها إلى أفكار أكثر إيجابية وواقعية.
4. استبدال الأفكار السلبية بأفكار إيجابية
عندما تحدد فكرة سلبية، حاول استبدالها بفكرة إيجابية أو محايدة. على سبيل المثال، بدلاً من التفكير “لن أنجح أبدًا”، يمكنك التفكير “سأبذل جهدي وسأتعلم من تجربتي، بغض النظر عن النتيجة”. هذه العملية تتطلب ممارسة واعية وتكرار، لكنها تصبح أسهل مع الوقت. كلما قمت بتحويل الأفكار السلبية إلى إيجابية، كلما أصبح من الأسهل تبني التفكير الإيجابي بشكل طبيعي.
5. استخدام العبارات التحفيزية والإيجابية
العبارات التحفيزية هي عبارات إيجابية يمكن استخدامها لتعزيز التفكير الإيجابي. يمكن أن تشمل هذه العبارات “أنا قادر”، “أنا أستحق النجاح”، أو “كل يوم هو فرصة جديدة”. يمكن كتابة هذه العبارات في أماكن يمكن رؤيتها يوميًا، مثل المرآة أو مكتب العمل، لتذكير نفسك بالتفكير الإيجابي وتشجيع العقل على التركيز على الأفكار الداعمة.
6. التخلص من التأثيرات السلبية
غالبًا ما تتأثر أفكارنا بالبيئة المحيطة بنا، بما في ذلك الأشخاص الذين نتفاعل معهم والمحتوى الذي نستهلكه. من المهم التخلص من التأثيرات السلبية التي قد تؤثر على أفكارنا. على سبيل المثال، إذا كنت محاطًا بأشخاص يميلون إلى التفكير السلبي أو النقدي، حاول البحث عن أشخاص إيجابيين يدعمونك ويشجعونك. كما يجب أن تكون حذرًا بشأن المحتوى الذي تستهلكه عبر الإنترنت أو من خلال وسائل الإعلام، والتأكد من أنه يعزز من التفكير الإيجابي.
7. ممارسة التأمل واليقظة الذهنية
التأمل واليقظة الذهنية هي ممارسات تساعد على تهدئة العقل وزيادة الوعي بالأفكار. من خلال التركيز على الحاضر ومراقبة الأفكار دون الحكم عليها، يمكنك تعلم كيفية اختيار الأفكار بشكل أكثر وعيًا. التأمل اليومي لمدة 10-15 دقيقة يمكن أن يكون فعالًا في تعزيز التفكير الإيجابي وتقليل التفكير السلبي.
8. التحلي بالصبر والمثابرة
تغيير أنماط التفكير يستغرق وقتًا وجهدًا. من المهم أن تكون صبورًا مع نفسك وتستمر في ممارسة اختيار الأفكار الإيجابية. في بعض الأحيان، قد تجد نفسك تعود إلى أنماط التفكير السلبية، ولكن هذا جزء طبيعي من عملية النمو والتغيير. استمر في ممارسة تقنيات التفكير الإيجابي والتحلي بالصبر مع نفسك، وستجد أن التحسن يأتي مع الوقت.
اختيار أفكارنا بشكل واعٍ هو خطوة مهمة نحو بناء حياة إيجابية وصحية. من خلال مراقبة الأفكار، وتحدي الأفكار السلبية، واستبدالها بأفكار إيجابية، يمكننا تحسين صحتنا النفسية والعقلية وتحقيق أهدافنا بشكل أكثر فعالية. التفكير الإيجابي ليس مجرد مهارة، بل هو أسلوب حياة يتطلب ممارسة وتفانيًا. لذا، فلنبدأ اليوم في بناء عقولنا بأفكار تدعمنا وتدفعنا نحو النجاح والسعادة.