كيف نغير طريقة تفكيرنا

اقرأ في هذا المقال


تقول قوانين علم النفس، بأنَّه إذا شكلّنا في أذهاننا صورة لما نودّ فعله، ثمَّ احتفظنا بهذه الصورة، وتعلّقنا بها لفترة طويلة بما يكفي، فإننا نتحوّل إلى ما تخيلناه تماماً.

الأصل أن عقولنا صفحة بيضاء

تقول نظرية الصفحة البيضاء، أنَّنا نأتي إلى هذا العالم بلا أفكار أو آراء على الإطلاق، وكلّ ما نفكّر أو نشعر به، يكون مُكتسباً منذ مرحلة الصّغر فصاعداً، وبما أنَّ عقولنا عندما كنّا صغاراً كانت صفحة بيضاء، فإنَّ كلّ ما نَمرّ به من تجارب وأشخاص يترك علامة لدينا.

عندما نصبح بالغين، نكون نتاج لكلّ ما تعلمناه، وشعرنا به، ومَرّ بنا من تجارب، خلال فترة نموّنا، وما نقوم به فيما بعد، ليس إلّا مُحصّلة هذا التكيّف والتأهيل المبكّر ” أياً كان ما يتأثر به الفرد يعبّر عنه ” أرسطو.

من أعظم اكتشافات البشرية خلال القرن العشرين هو اكتشاف صورة الذات، ومفاد الفكرة، أنّنا نكتسب مجموعة من المفاهيم بشأن ذاتنا، انطلاقا من لحظة ولادتنا، وتتحوّل صورتنا عن ذاتنا إلى برنامج اللاواعي في أذهاننا، ليقوم بعد ذلك بتحديد كل شيء يجول في عقولنا، وكل ما نقوله أو نشعر به، لهذا السبب، فإنَّ كلّ تغيير يجري في حياتنا الخارجية يبدأ بتغيير الطريقة التي نفكّر بها.

نحن نولد دون وجود أي صورة للذات على الإطلاق، وكلّ ما لدينا من أفكار ومشاعر ومواقف، قد اكتسبناها منذ الصغر، عبر مراحل العمر المختلفة، كل ما نحن عليه اليوم هو محصّلة فكرة وانطباع، اتخذناه مسبقاً وتقبّلناه كحقيقة، فنحن عندما نؤمن بأنَّ شيئاً ما حقيقة، فإنَّه يتحوّل إلى حقيقة فعلية بالنسبة لنا.

طرق تغيير نمط التفكير

تعتبر طريقة التفكير أحد العوامل الأساسية التي تؤثر على حياتنا اليومية، بما في ذلك علاقاتنا، وأدائنا في العمل، وصحتنا النفسية والعقلية. أحياناً، قد نجد أنفسنا محاصرين في نمط تفكير سلبي أو غير بناء يمنعنا من التقدم وتحقيق أهدافنا. لذا، فإن تغيير طريقة التفكير يمكن أن يكون مفتاحاً لتحقيق التغيير الإيجابي في حياتنا. فيما يلي سنستعرض بعض الخطوات والأساليب التي تساعدنا على تغيير طريقة تفكيرنا نحو الأفضل.

1. الوعي الذاتي بالمعتقدات الحالية

الخطوة الأولى لتغيير طريقة التفكير هي التعرف على الأفكار والمعتقدات الحالية. قد تكون هذه المعتقدات مرتبطة بالنجاح، أو العلاقات، أو القدرات الشخصية، وقد تكون إيجابية أو سلبية. قم بتدوين أفكارك اليومية ولاحظ الأنماط المتكررة. هل تجد نفسك تميل للتفكير السلبي أو الافتراضات المتشائمة؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن تحديد هذه الأنماط هو الخطوة الأولى لتغييرها.

2. تحدي الأفكار السلبية

عند تحديد الأفكار السلبية أو غير البناءة، حاول أن تتحدى صحتها. اسأل نفسك: “هل هذه الفكرة مبنية على حقيقة أم أنها مجرد افتراض؟” و”ما الأدلة التي تدعم هذه الفكرة؟ وما الأدلة التي تدحضها؟” غالباً ما تكون الأفكار السلبية مبنية على تصورات غير دقيقة أو تحيزات نفسية. بمجرد أن تبدأ في تحدي هذه الأفكار، يمكنك استبدالها بأفكار أكثر إيجابية وواقعية.

3. تبني التفكير الإيجابي

التفكير الإيجابي لا يعني تجاهل التحديات أو إنكار الواقع، بل يعني التركيز على الحلول بدلاً من المشاكل، وعلى الجوانب الإيجابية بدلاً من السلبية. حاول أن ترى الجانب الإيجابي في كل موقف وتعلم من التحديات. التفكير الإيجابي يمكن أن يزيد من المرونة النفسية ويعزز القدرة على التعامل مع الضغوط والتوتر.

4. التعلم والتطوير المستمر

العقلية المرنة والمستعدة للتعلم تسهم بشكل كبير في تغيير طريقة التفكير. ابحث عن فرص لتعلم مهارات جديدة أو تطوير الذات، سواء كان ذلك من خلال قراءة الكتب، أو حضور الدورات التدريبية، أو الاستماع إلى المحاضرات والنقاشات. التعلم المستمر يفتح العقل لأفكار جديدة ويعزز من القدرة على التفكير بطرق مختلفة.

5. ممارسة الامتنان

ممارسة الامتنان تعتبر من أقوى الأساليب لتعزيز التفكير الإيجابي. خصص وقتاً كل يوم لتدوين ثلاثة أشياء تشعر بالامتنان لها. قد تكون هذه الأشياء بسيطة مثل الاستمتاع بفنجان من القهوة، أو قضاء وقت مع الأصدقاء، أو إنجاز مهمة بنجاح. هذا النشاط يعزز من الوعي بالأمور الإيجابية في حياتك ويشجع على التفكير بطريقة أكثر إيجابية.

6. التفاعل مع الأشخاص الإيجابيين

البيئة المحيطة بنا تؤثر بشكل كبير على طريقة تفكيرنا. حاول أن تحيط نفسك بأشخاص إيجابيين وداعمين يمكنهم أن يشجعوك على التفكير بطريقة إيجابية ويحفزونك على التغيير. التفاعل مع الأشخاص الذين يملكون عقلية إيجابية يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير على طريقتك في التفكير.

7. ممارسة التأمل واليقظة الذهنية

التأمل واليقظة الذهنية يمكن أن يساعدا في تهدئة العقل وتصفية الأفكار. من خلال قضاء وقت يومي للتأمل أو ممارسة اليقظة الذهنية، يمكن للأفراد تطوير وعي أكبر بأفكارهم ومشاعرهم، مما يسهل عليهم تغيير الأنماط السلبية من التفكير.

8. استخدام العبارات التحفيزية والإيجابية

العبارات التحفيزية، أو ما يُعرف بالتأكيدات الإيجابية، يمكن أن تكون أداة فعالة لتغيير التفكير. جرب كتابة بعض العبارات الإيجابية عن نفسك وأهدافك وكررها يومياً. هذه العبارات تعمل على تعزيز الثقة بالنفس وتحفيز العقل للتفكير بطريقة إيجابية.

تغيير طريقة التفكير ليس بالأمر السهل ويتطلب وقتاً وجهداً مستمرين. ولكنه استثمار مهم في الصحة النفسية والعقلية. من خلال الوعي بأفكارنا الحالية وتحدي الأفكار السلبية وتبني أساليب تفكير إيجابية وبناءة، يمكننا تغيير نظرتنا للعالم وتحقيق التحسين في مختلف جوانب حياتنا. ابدأ اليوم بخطوة صغيرة نحو تغيير طريقة تفكيرك، وستلاحظ الفرق مع مرور الوقت.


شارك المقالة: