ماذا نفعل حتى نتجاوز الماضي

اقرأ في هذا المقال


من خلال تجارب الأطباء النفسيين الذين يملكون خبرات طويلة في العمل مع الأشخاص المحرومين من السعادة، تمَّ التأكيد من خلال مقابلاتهم، أنَّ أكثر الكلمات شيوعاً بين المرضى هي، “لو فقط حدث هذا، ماذا لو، لو كان الأمر كذلك حينذاك”، حيث تبين أنَّ أكثر الأشخاص بؤساً يقعون ضحيّة أحد أحداث الماضي التي تُمثّل عقبة لهم، دون أن يتمكّنوا من وضعها جانباً.

تأثير الماضي على أحوال الفرد وذاته

يبقى الأشخاص الذين يتأثرون بالماضي، ناقمين وغاضبين ومحبطين، لأمر قاله أحدهم أو لم يَقله، أو فعله أحدهم أو لم يفعله، أو قد يكونون غاضبين من أحد الوالدين أو كليهما، أو من أحد الأشقاء، أو من علاقة سابقة، أو من زواج سابق، أو من رئيس العمل، أو بسبب استثمار فاشل أو تعثر مالي.

الحقيقة إنَّ حياتنا في تلك الحالات، ستكون عبارة عن سلسلة من المشكلات والمصاعب والعقبات، والإخفاقات المؤقتة، فتلك الأخطاء والإحباطات غير المتوقعة وغير المرغوب فيها، تُعَدّ أمراً طبيعياً وعاديّاً، وتصاحب رحلتنا نحو النضج.

ماذا نفعل حتى نتجاوز الماضي

لا بد لنا أن نتخذ قرارات حاسمة بشأن تجاوز تلك العقبات، حتى نواصل حياتنا ونغيّر تفكيرنا مهما جرى، وإلى أن نحقّق هذا فسوف نبقى عبيداً لماضينا، ذلك الماضي الذي لا يمكن أن نغيّره بأي طريقة.

علينا أن نتخذ قراراً بعدم التحدّث بالكلمات التي تبدأ بكلمة “لو”، لأنَّها من الماضي وأن ننظر إلى المستقبل الواعد بإيجابية.

كل شخص في الحياة يمر بتجارب قد تكون مؤلمة أو محبطة في الماضي، سواء كانت مواقف شخصية أو علاقات فاشلة أو أخطاء ارتكبناها. قد يسبب التشبث بالماضي شعورًا مستمرًا بالحزن أو الندم، ويؤثر على سعادتنا وقدرتنا على المضي قدمًا. لذا، من المهم تعلم كيفية تجاوز الماضي والتوجه نحو مستقبل أفضل. فيما يلي بعض الخطوات والإرشادات التي يمكن أن تساعد في ذلك:

1. قبول الماضي بدلاً من إنكاره

أول خطوة نحو تجاوز الماضي هي قبوله كما هو. إنكار الأحداث أو المشاعر المرتبطة بها قد يؤدي إلى تفاقم الوضع. قبول الحقيقة والاعتراف بما حدث يساعد في إزالة الثقل العاطفي المرتبط بالماضي. تذكر أن القبول لا يعني الرضا عما حدث، بل يعني الاعتراف بواقعية ما جرى كخطوة أولى نحو الشفاء.

2. التعبير عن المشاعر بشكل صحي

من الضروري أن تجد طريقة للتعبير عن مشاعرك بدلاً من كبتها. يمكنك التحدث إلى شخص تثق به، مثل صديق مقرب أو مستشار نفسي، أو يمكنك التعبير عن مشاعرك من خلال الكتابة في يومياتك. هذا يساعدك على تفريغ العواطف المكبوتة وفهم مشاعرك بشكل أفضل، مما يسهل عملية الشفاء.

3. ممارسة التسامح والغفران

التسامح ليس بالضرورة تجاه الآخرين فقط، بل يمكن أن يكون تجاه نفسك أيضًا. إذا كنت قد ارتكبت أخطاء في الماضي، فمن المهم أن تغفر لنفسك. الغفران يعني التحرر من الشعور بالذنب والندم، وهو خطوة مهمة نحو الشفاء. تذكر أن الجميع يخطئ، وأن التعلم من هذه الأخطاء هو ما يجعلنا ننمو ونصبح أفضل.

4. العيش في اللحظة الحالية

التركيز على الحاضر هو أحد أفضل الطرق لتجاوز الماضي. حاول أن تعيش في اللحظة الحالية وتستمتع بما لديك الآن. يمكن لممارسة التأمل واليقظة أن تساعدك على البقاء في الحاضر وتقليل التفكير المفرط في الماضي. تعلم أن تقدر اللحظات الصغيرة وتستمتع بالحياة كما هي الآن.

5. تعلم الدروس من الماضي

بدلاً من اعتبار الماضي عبئًا، حاول أن تنظر إليه كمصدر للدروس. كل تجربة، مهما كانت صعبة، تحمل في طياتها فرصة للتعلم والنمو. حاول أن تحدد ما تعلمته من تلك التجارب وكيف يمكن أن تساعدك في تحسين حياتك المستقبلية. تعلم أن تكون شاكرًا للدروس التي علمتك إياها الحياة.

6. بناء أهداف جديدة والتخطيط للمستقبل

للتغلب على الماضي، من المفيد أن يكون لديك أهداف واضحة تسعى لتحقيقها في المستقبل. وضع أهداف جديدة يمنحك التركيز والتحفيز ويعزز من ثقتك بنفسك. حاول أن تركز على ما يمكنك تحقيقه الآن وما يمكن أن تحققه في المستقبل، وابدأ في العمل على تحقيق هذه الأهداف بجد واجتهاد.

7. البحث عن الدعم والمساعدة

لا تخف من طلب المساعدة إذا شعرت أنك لا تستطيع تجاوز الماضي بمفردك. قد يكون من المفيد التحدث إلى معالج نفسي أو مستشار للحصول على توجيه ودعم متخصصين. كما أن الانضمام إلى مجموعات الدعم أو الشبكات الاجتماعية التي تشارك نفس التحديات قد يوفر لك الشعور بالانتماء ويخفف من شعورك بالعزلة.

8. الاعتناء بالنفس

العناية بصحتك الجسدية والنفسية يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في تجاوز الماضي. حافظ على نظام غذائي صحي، واحرص على ممارسة الرياضة بانتظام، واحصل على قسط كافٍ من النوم. كما يمكنك ممارسة الهوايات التي تستمتع بها لتحسين مزاجك وزيادة شعورك بالرفاهية.

تجاوز الماضي ليس بالأمر السهل، ويتطلب الوقت والصبر والعمل الجاد. ومع ذلك، من خلال قبول الماضي والتعلم من تجاربه والتركيز على الحاضر والمستقبل، يمكننا أن نتحرر من القيود العاطفية ونبني حياة جديدة مليئة بالسلام والسعادة. تذكر أن كل يوم هو فرصة جديدة لبداية جديدة، وأنك تستحق العيش بسعادة وراحة.


شارك المقالة: