كيف نختار قدوتنا

اقرأ في هذا المقال


القدوة من الناجحين

في إحدى الدراسات التي أجريت حول الرجال والنساء الناجحين، ومعظمهم ممن انطلقوا من بدايات متواضعة، حيث توصّل الباحثون إلى أنَّ جميع هؤلاء الأشخاص تقريباً كانوا أثناء وصولهم لمرحلة النضج، من القرّاء المهتمين لكتب التراجم والسّير الذاتية وحياة العظماء والمشاهير.

فبينما كانوا يقرأون قصص حياة مشاهير الرجال والنساء، تخيّلوا أنفسهم يتحلّون بالسمات نفسها، التي تحلّى بها العظماء الذين كانوا يقومون على دراسة تفاصيل حياتهم، ومن ثمَّ عندما وصلوا إلى مرحلة النضج صارت تلك السمات والفضائل التي اكتسبوها من خلال القراءة، جزءاً من تفكيرهم، وكانت منارة لقراراتهم واختباراتهم في حياتهم التالية.

مدى تأثير القدوة على شخصياتنا

لقد تمَّ استخدام الاقتداء بنموذج أو شخصية ما، كوسيلة فعّالة لتنمية الشخصية والذات على مدار التاريخ، كما وتمَّ تشجيع الصغار والشباب على دراسة حياة الأبطال والبطلات خلال مراحل الدراسة المختلفة، ومن خلال عرض الأفلام والمسلسلات التي تتحدث عن حياة بطل كنموذج يُحتذى به، من أجل خلق أجيال تقتدي بتلك الشخصيات الخلّاقة قدر الإمكان، وتعزيز سمات بعينها في المجتمع ككل.

يتم تدريس النماذج البطولية للجنود من الماضي كجزء من المنهاج الدراسي؛ تشجيعاً لهم على الاقتداء بتلك الشخصيات في التفكير والسلوك واتخاذ القرارات عندما يتطلّب الأمر ذلك.

إنَّ الذين نتطلع نحوهم بعين الإعجاب ونحترمهم، لهم تأثير بالغ على أسلوب تفكيرنا وما نشعر به في أنفسنا، وكذلك نوعية القرارات التي نتخذها.

أهمية اختيار القدوة

1- تشكيل السلوكيات والقيم: القدوة تؤثر بشكل مباشر على سلوكياتنا وقيمنا. من خلال متابعة تصرفات وقدرات شخص نعتبره قدوة، نتعلم كيفية التعامل مع التحديات والمواقف المختلفة بطريقة أخلاقية ومسؤولة.

2- توجيه الأهداف والطموحات: القدوة تساعدنا في تحديد وتوجيه أهدافنا وطموحاتنا. عندما نرى شخصاً قد حقق نجاحاً في مجال معين، فإننا نحصل على الإلهام والدافع للسعي نحو تحقيق أهداف مشابهة.

3- بناء الثقة بالنفس: اختيار قدوة تمتلك صفات أو إنجازات نطمح إليها يمكن أن يعزز من ثقتنا بأنفسنا. القدوة الناجحة تذكرنا بأننا قادرون على تحقيق أحلامنا إذا ما كرسنا الجهد والوقت لتحقيقها.

4- تعلم المهارات الحياتية: من خلال مراقبة كيفية تصرف قدوتنا في مواقف الحياة المختلفة، يمكننا تعلم مهارات حياتية هامة مثل حل المشكلات، اتخاذ القرارات، وإدارة الوقت.

معايير اختيار القدوة

1. القيم الأخلاقية: من المهم أن نختار قدوة تتمتع بقيم أخلاقية رفيعة تتماشى مع مبادئنا الشخصية. القدوة يجب أن تكون مثالاً يحتذى به في النزاهة، الصدق، والعدل.

2. الإنجازات الواقعية: القدوة المثالية هي الشخص الذي حقق إنجازات حقيقية في مجال معين. سواء كان ذلك في العمل، التعليم، أو في الأنشطة الاجتماعية، يجب أن تكون إنجازاته ملموسة وقابلة للقياس.

3. القدرة على التغلب على الصعوبات: اختيار قدوة قد واجهت تحديات وصعوبات في حياتها وتمكنت من التغلب عليها يمنحنا الإلهام والدافع للاستمرار في مواجهة تحدياتنا الخاصة.

4. التواضع والإنسانية: القدوة التي تتمتع بالتواضع وتظهر إنسانية عالية يمكن أن تكون مصدراً للإلهام لنا في كيفية التعامل مع الآخرين باحترام وتقدير.

5. الاتساق في السلوك: يجب أن تكون القدوة متسقة في سلوكها وأفعالها. الاتساق بين ما يقوله الشخص وما يفعله يعكس صدق نواياه وأصالة شخصيته.

6. القدرة على التأثير الإيجابي: القدوة يجب أن تكون قادرة على التأثير بشكل إيجابي على من حولها. الشخص الذي يلهم الآخرين ويساعدهم على تحقيق أفضل ما لديهم هو قدوة جديرة بالاحترام.

7. القرب من الواقع: اختيار قدوة قريبة من واقعنا وبيئتنا يجعل من السهل علينا تطبيق ما نتعلمه منها في حياتنا اليومية. الشخص الذي يواجه تحديات مشابهة لما نواجهه يمكن أن يقدم لنا نصائح عملية ومفيدة.

كيفية الاستفادة من اختيار القدوة

1. متابعة أعمال القدوة: قم بمتابعة أعمال وتصرفات القدوة عن كثب. ادرس كيف يتعامل مع المواقف المختلفة وكيف يواجه التحديات. حاول أن تتعلم منه كيفية اتخاذ القرارات الصائبة وإدارة المواقف.

2. التفاعل مع القدوة (إذا كان ذلك ممكناً): إذا كانت القدوة شخصاً يمكن الوصول إليه، سواء كان ذلك من خلال العمل أو وسائل التواصل الاجتماعي، حاول التفاعل معه. طرح الأسئلة والاستفادة من خبراته يمكن أن يكون له تأثير كبير على تطورك الشخصي.

3. تحليل ودراسة مسيرته: خذ الوقت لتحليل مسيرة القدوة وفهم كيفية تحقيقه لإنجازاته. دراسة الخطوات التي اتخذها، والأخطاء التي تجنبها، والتحديات التي واجهها يمكن أن تكون مفيدة في مسيرتك الخاصة.

4. تطبيق ما تتعلمه: من المهم أن تطبق ما تتعلمه من قدوتك في حياتك اليومية. حاول أن تقلد سلوكياته الإيجابية في التعامل مع الآخرين، إدارة الوقت، وتحقيق الأهداف.

5. التحلي بالمرونة: قد لا تتمكن من تقليد كل جوانب حياة قدوتك، لذلك من المهم أن تتحلى بالمرونة وأن تحاول الاستفادة من الجوانب التي تتناسب مع شخصيتك وأهدافك.

6. تطوير نموذجك الخاص: على الرغم من أهمية اختيار القدوة، من الضروري أيضاً أن تطور نموذجك الخاص من خلال دمج ما تتعلمه من قدوتك مع تجربتك الشخصية. كن أصيلاً في تطبيق القيم والمبادئ التي تؤمن بها.

اختيار القدوة هو عملية تتطلب تفكيراً عميقاً وتقديراً للقيم التي نرغب في تبنيها في حياتنا. القدوة المثالية هي التي تلهمنا وتوجهنا نحو الأفضل، سواء على المستوى الشخصي أو المهني. من خلال اختيار قدوة تتمتع بالقيم الأخلاقية، الإنجازات الواقعية، والتأثير الإيجابي، يمكننا أن نرتقي بأنفسنا ونحقق أهدافنا بثقة وإصرار. الاحترام، التواضع، والثقة بالنفس هي صفات أساسية يجب أن نسعى لتطويرها من خلال الاستفادة من القدوة التي نختارها.


شارك المقالة: