تشير العديد من الدراسات إلى أن تعليم والدورف يلهم الطلاب متعة التعلم بسبب ما تقدمه مدارس والدورف من نهج تجريبي مناسب من الناحية التنموية للتعليم، حيث يقومون بدمج الفنون والأكاديميين للأطفال من الطفولة المبكرة حتى الصف الثاني عشر.
كيف يلهم تعليم والدورف متعة التعلم
كما تقدم طريقة والدورف للتعليم منهجًا أكاديميًا صارمًا يتم تقديمه في سياق مناسب تنمويًا ومتكاملًا مع الفنون، ولقد ثبت أن هذا النهج الشامل والمتوازن يؤدي إلى زيادة شعور الأطفال بحب التعلم ومعرفة المزيد من المعلومات وإلى نتائج أكاديمية أفضل، وفي الواقع وجد أن الطلاب المتعلمين في والدورف يساويون أو يتفوقون على أقرانهم في المعايير المدروسة مثل الرياضيات والعلوم وإنجاز القراءة.
بنفس القدر من الضرورة، هناك القدرات المعرفية المرصودة والتي كانت أقل سهولة في التوثيق مثل الذكاء العاطفي والتفاعل الاجتماعي والمرونة والمثابرة التي يظهرها طلاب والدورف.
وقد أشار رودولف شتاينر إلى أن هناك أسباب تجعل منهجه التعليمي يلهم متعة التعلم، وهي كتالي:
فلسفة والدورف
تعليم والدورف هو نهج للتعلم طوره رودولف شتاينر، وهو عالم ساهم منظوره الفريد في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك الطب والزراعة والفنون والهندسة المعمارية والدين والتعليم، وشارك الدكتور شتاينر في تعليم K-12 في عام 1919 بناءً على طلب (Emil Molt).
الذي أراد من شتاينر تطوير مدرسة للأطفال المحرومين، ومن خلال العمل مع مجموعة صغيرة من المعلمين، طور شتاينر منهجًا فريدًا للتعليم ركز على المراحل التنموية للطفولة، وشدد على دور المعلم، ودمج الفنون في كل جانب من جوانب المنهج، وحققت مدرسة والدورف في ذلك الوقت نجاحًا كبيرًا، وانتشر تعليم والدورف بسرعة إلى بلدان أخرى في جميع أنحاء العالم.
وربما يكون أحد الجوانب الفريدة لفلسفة والدورف هو أنها تعترف بالطبيعة الروحية الأساسية داخل كل إنسان، وعلى الرغم من أن مدارس والدورف لا ترتبط ارتباطًا مباشرًا بأي منظمة دينية معينة، إلا أن هذا العنصر الروحي هو جزء لا يتجزأ من تربية والدورف، وتم دمج هذا العنصر من خلال استخدام القصص الخيالية والأساطير والأساطير التي تتحدث عن الشرارة الإلهية في البشرية جمعاء.
ومن خلال الموسيقى والفن والرقص التي تفتح القلب على جمال الخلق، ومن خلال الاحترام المحب الذي يجلبه المعلم لعملية التعلم نفسها، يسعى تعليم والدورف إلى غرس الإحساس بالدهشة والاحترام في نفوس الطلاب لجميع المخلوقات.
اهتمام والدورف بمراحل نمو الطفولة
رأى شتاينر أن البشر يتكونون من ثلاثة مجالات من النشاط – الرأس والقلب والإرادة – والتي يتم التعبير عنها من خلال الأفكار والمشاعر والأفعال الجسدية، ولتعليم الأطفال ليكونوا بشرًا كاملين ومتوازنين، يجب علينا تلبية احتياجات الجوانب الثلاثة، ومن وجهة نظر والدورف، فإن اكتساب المعرفة هو أحد أهداف عملية التعلم، ولكن بنفس القدر من الأهمية – وربما الأهم – هو تثقيف قلب الطفل وإرادته، بحيث يتم ربط المعرفة بالرحمة والعمل والإدارة والرغبة بالتعلم.
وتنعكس هذه الطبيعة الثلاثية للطفل في مراحل نمو الطفولة، ويكون التعليم أكثر فاعلية عندما يقترب من الطفل من خلال سمات كل مرحلة من مراحل النمو، وتستند هذه المراحل إلى ظواهر يمكن ملاحظتها في حياة الطفل، ووفقًا لشتاينر تبدأ المرحلة الأولى عند الولادة وتستمر حتى سن 6 أو 7 سنوات تقريبًا، عندما تبدأ أسنان الطفل الدائمة في الظهور (تسمى تغيير الأسنان في دوائر والدورف).
وخلال هذه المرحلة، تكون الإرادة، التي تعبر عن نفسها من خلال النمو الجسدي والحركة، وهي القوة الغالبة في حياة الطفل، وتتقدم المرحلة الثانية خلال فترة البلوغ، مع التركيز على طبيعة الطفل العاطفية، وفي المرحلة الثالثة، تسود كلية التفكير، ويبدأ المراهق في استكشاف عالم الفكر ويصبح إنسانًا مستقلاً.
ويعكس منهج والدورف هذه المبادئ، وتكريمًا للطبيعة الروحية للطفل، ومخاطبة مجالات النشاط الثلاثة، والتعاون مع الدورات التنموية، يتبع المنهج تقدمًا يعكس وعي الطفل المتزايد خلال مراحل النمو، ويغمر الطفل في نسيج موسيقي وفني غني يوفر فرصة كبيرة لتطوير جميع جوانب كيان الطفل مما يجعله شغوفاً للتعلم.
تكيفات منهج والدورف
تم تكييف منهج والدورف ببطء على مر السنين من أجل تلبية احتياجات الآباء والأطفال بشكل أفضل في سياق التعليم، وبعض هذه التغييرات كانت مدفوعة من قبل الآباء الذين يقومون بالتعليم المنزلي، بينما تم دفع البعض الآخر من خلال متطلبات ومعايير الدولة.
تعديل النطاق والتسلسل في والدورف
أولاً، تم القيام بتعديل نطاق وتسلسل المناهج الدراسية لمواءمتها بشكل وثيق مع المدارس العامة، وسهّل ذلك على الطلاب الانتقال بين المدرسة العامة والتعليم المنزلي، كما أنه سهّل على الآباء تلبية متطلبات الدولة للتعليم، وفي الوقت نفسه تم الحفاظ على التركيز على الأنشطة التجريبية والفنية المتأصلة في تعليم والدورف.
كل مسار في والدورف فريد من نوعه
تعليم والدورف ليس نموذجًا صارمًا يتم تقليده دون مراعاة البيئة المحلية، ففي الأنثروبولوجيا يكون الطفل الفرد في مركز المهمة التعليمية، ومن ثم فإن تعليم والدورف هو دائمًا نهج فريد، حيث يقوم كل معلم ببناء دروسه وفقًا لاحتياجات طلابه.
وعادة ما تتطور مبادرات والدورف في جميع أنحاء العالم من المبادرات المحلية، ويبدأ بتعلم الأفراد عن تعليم والدورف، ثم إخبار الآخرين عن هذا النهج في التعليم، مما يؤدي إلى مبادرة الاهتمامات المشتركة، ثم تجتمع هذه المجموعة بانتظام لاكتساب المزيد من المعرفة قبل تأسيس روضة أطفال والدورف التي قد تتطور منها المدرسة لاحقًا.
وإن مهمة السكان المحليين هي تنفيذ نهج والدورف في ظل ظروف بلدهم وثقافتهم وبيئتهم المحلية، وفي هذه العملية تقوم العديد من المبادرات بتطوير أسئلة عالمية خاصة ببلدهم، مثل ما هي الروابط بين نهج والدورف والبيئة المحلية؟ ما هي الموضوعات العالمية أو المحلية التي تناسب أي فئة عمرية؟
ما الذي يحدث حالياً في تنمية الأطفال؟ كيف يمكن لتعليم والدورف تلبية احتياجات الأطفال وبيئتهم الثقافية والاجتماعية؟ فالأساطير والقصص، على سبيل المثال التي تُروى بشكل خاص في الصفوف الدنيا غالبًا ما تكون مأخوذة من الثقافة المحلية.
صياغة والدورف مفهوم تعليمي للدين
يوضح العلماء أن شتاينر صاغ مفهومًا تعليميًا للدين يمس المشاعر والإرادة، مثل الثقة والشعور بالرهبة والتوقير وما إلى ذلك، ولا يهتم بمحتوى طائفة دينية معينة، ويتم تنفيذ ذلك من خلال ما يسمى بالطريقة التصويرية، باستخدام اللغة والإيماءات والصور والاستعارات والرموز والأمثال التي عادة ما تكون مصحوبة بدوافع دينية، لذلك يتم إجاد في مدارس والدورف الأوروبية ترانيم دينية، وجداول موسمية، والاحتفال بالأعياد المسيحية والأساطير، إلخ.
وفي الختام أدت فلسفة والدورف وأفكاره واهتمامه بمراحل نمو الطفولة وتكييف منهجه ضمن هذه المراحل وتفرد مسارته وفقًا لاحتياجات طلابه، وتعديل نطاق وتسلسل مناهجه التربوية وصياغته لمفهوم تعليمي للدين يمس المشاعر والإرادة إلى إلهام طلابه متعة التعلم حيث وجد أن طلاب والدورف لديهم رغبة كبيرة بالتعلم بشكل مستمر ودائم خلافاً عن غيرهم من طلاب المدارس الأخرى.