يقوم علم النّفس بالتركيز على سلوك الإنسان بشكل خاص، من الممكن أن نعرف علم النفس بأنّه علم من العلوم يركّز على السّلوك وعمليات العقل عند البشر، يسعى علم النّفس بشكل عام لفهم السّلوك ويحاول تفسيره ويحدد دوافعه والعوامل التي أدت لظهوره، كما أنه يسعى للتنبؤ به ومعرفة مدلولاته عن طريق فهمه لطبيعة هذا السّلوك، فيصبح من الممكن توقّع زمن حدوثه وشدّته، إضافة إلى دوره المهمّ في ضبط المثيرات المتغيّرة، بهذا يُمكن ضبط السّلوك والتحكّم به وبمقدار شدّته.
بالرّغم من أنّ النفس كانت تصّور ككائن طبيعي، فالدراسات التي ترتبط بالنفس تم توزيعها في المنظمات بين المنطق وعلم الفيزياء، أمّا أرسطو فقد نشر كتابه مطول في النفس؛ هو كتاب في البيولوجيا العامة وأكثر المكتوبات المخصّصة للفيزياء، فبُعد أرسطو وحسب تقاليد المدرسة كانت دروس الفلسفة لا تزال حتى بداية القرن السابع عشر تتحدث عن النفس ضمن فصل من فصول الفيزياء.
كيف يمكن لعلم النفس أن يساعد على العيش بطرق أفضل؟
تحفيز النفس:
مهما كان هدفنا كبيراً أو صغيراً، فعلم النفس يقوم بتقديم العديد من النصائح لتحفيز النفس، أهمها المحافظة على شغفنا بتحقيق الهدف المراد والمثابرة على إدخال عناصر جديدة في هذا الهدف حتى يبقى اهتمامنا مركّز عليه، يجب أن نقضي على الروتين حتى لا نصاب بالملل، مع عدم التوقف عن محاولات تحقيق الهدف المراد، يجب أن نحاول كذلك تعلم أشياء جديدة بصورة دائمة حتى نحافظ على تطوير أنفسنا، كما يجب أن تكون أهدافنا مترابطة ومباشرة وعند تحقيق أي إنجاز وإن كان بسيط، فلنكافئ أنفسنا.
تعزيز مهارات القيادة:
لا يهم مركزنا العملي أو إن كان كبير أو بسيط، جميع المراكز تحتاج منا أن نكون في لحظة ما قياديين، لهذا قامت العديد من دراسات علم النفس بتقديم بعض النصائح من أجل تعزيز المهارات القيادية، مثل إعطاء توجيهات واضحة ومحددة لفريق العمل، لكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار السماح لهم بالتعبير عن آرائهم واقتراحاتهم، أيضاً مناقشة الخطوات المتاحة لحل المشكلة وتحفيز الأفكار المبدعة منها ومكافئة صاحبها.
تحسين مهارات التواصل:
قامت العديد من أبحاث خاصة بعلم النفس بتشجيع تطوير مهارات التواصل، فالتواصل لا يرتبط بالتحدث والكتابة فقط، بل يتضمن كذلك إشارات الجسم غير اللفظية، التي تشكل جزء كبير من تواصلنا مع الآخرين، لذلك نحن نحتاج إلى معرفة طرق التعبير عن أنفسنا بطريقة غير شفهية، إضافة لقراءة الإشارات غير اللفظية أو المحكية من حولنا، ذلك من خلال استخدام اتصال العين وملاحظة لغة الجسد واستخدام نبرة الصوت.
تعلُّم فهم الآخرين بشكل أفضل:
قدرتنا على فهم مشاعر الآخرين تلعب دور مهم في علاقاتنا معهم وفي حياتنا المهنية، هذا ما يشير إليه الذكاء العاطفي، الذي يعني قدرتنا على فهم العواطف الخاصة بنا إضافة إلى مشاعر الآخرين، لكن ماذا يمكن أن نفعل ليصبح لدينا ذكاء عاطفي؟ يوجد العديد من الإستراتيجيات التي بينها علم النفس، تقوم على ضرورة تقييم أفعال من حولنا، إضافة لتفريغ أو تسجيل تجاربنا وعواطفنا في دفتر يومياتنا، مع محاولة رؤية الأمور من وجهة نظر الآخرين.
أخذ قرارات دقيقة:
قامت بحوث علم النفس بإظهار ثروة من المعلومات حول طرق صنع القرار، فعن طريق تطبيق هذه الاستراتيجيات يمكن أن نتعلم كيف نجعل خياراتنا أكثر حكمة عند اتخاذ أي قرار، من هذه الاستراتيجيات؛ استخدم منهج القبعات الستة، الذي معناه النظر لكل مشكلة أو حالة من ست وجهات نظر وهي العقلانية والعاطفية والبديهية والإبداعية والإيجابية والسلبية، فعند اتخاذنا لقرار ما يجب أن نأخذ بعين الاعتبار النظر في فوائده المحتملة وإن كان يلبي متطلباتنا الخاصة أم لا.
قوة الذاكرة:
هل تساءل أحد عن سبب تذكره التفاصيل الدقيقة من طفولته، في حين مثلاً لا يمكن تذكر اسم أحد العملاء الذين قابلهم بالأمس، يوجد العديد من الدراسات التي قامت بالتركيز على الطريقة التي يمكننا فيها تشكيل الذكريات الجديدة وحفظها ومن هذه الطرق؛ وضع كامل تركيزنا على المعلومة التي نريد أن نتذكرها، ثم نقوم بتكرار ما نعلمه كي لا ننسى وأخيراً القضاء على المشتتات من حولنا.
حكمة في القرارات المالية:
أجرى عالم النفس الحائز على جائزة نوبل دانييل كاهمان وزميله أموس تفرسكي سلسلة من الدراسات التي نظرت في كيفية اتخاذ القرارات المالية ومخاطر ذلك، فقد أسفرت الدراسات التي تعرف باسم اقتصاديات السلوك عن عدد من النتائج التي يمكن أن نأخذها بعين الاعتبار في قراراتنا المالية ومنها؛ أن نباشر العمل سريعاً بالاستثمار مع الابتعاد عن المماطلة، أيضاً الحرص على ادخار جزء من الأرباح المستقبلية كمدخرات للتقاعد، أن نكون واعيين حول وجود بعض الصفات الشخصية التي قد تؤدي إلى خيارات مالية غير جيدة.