“إنه قانون الكون، علينا أن نعطي قبل أن نأخذ، فلا بدّ من زرع البذور قبل حصاد ثمارها، وكلما ازداد حجم ما نزرعه زاد حجم المحصول، ونحن مباركون طالما بادرنا بالعطاء للآخرين، وفي النهاية سنستعيد ما يفوق ما زرعناه، فحصاد المعطاء لا ينضب أبداً” واين ديفز.
لقد فهمنا الأمر بالعكس فالعطاء أولا:
في طبيعتنا البشرية ما أن نولد حتّى نكتسب نقيضة أساسية ألا وهي الأنانية إنطلاقاً من لغة الأنا، فنعتقد أنّ العالم يدور في فلكنا وأنّ كل من هم حولنا لا بدّ وأن يعملوا على راحتناوسعادتنا دونما أي مقابل وكأنه واجبهم تجاهنا، فنحن نجد من يقوم على تلبية كافة احتياجاتنا، ومن ثمّ نبدأ في الحصول على هذه الأشياء من هؤلاء الناس، وبعدها نصبح أكثر شراهة للمزيد لدرجة أنّ لا شيء يرضينا، ومع تقدّمنا في العمر لا نرى فقط جميع ما لدى غيرنا، بل نشاهد ونسمع الإعلانات في كلّ يوم وهي تحثّنا على امتلاك المزيد وأننا نستحقه، وهذا واقع وهمي مبنيّ على لغة الأنا وعدم الالتفات إلى الغير والأنانية والشخصنة.
ما نتيجة التفكير بأنانية؟
بعد كل ما مرّ بنا من أنانية وطمع وذاتية، نتبين إحدى أقسى الوقائع في حياتنا، ومن بين أولى الدروس التي نتعلمها درسان: أولهما “لا” بمعنى لا يمكننا أن نمسّ أو نمتلك ذلك الشيء، والثاني”شارك” بمعنى لا يمكننا أن نمتلك كلّ هذا لوحدنا، ومع اكتسابنا للخبرة مع مرور الوقت ندرك أننا لسنا محور الكون لوحدنا، حتّى ولو كنّا نودّ ذلك، وكما يبدو لنا أنّ من نحبّهم ونقدّرهم، هم من يقمون بإعطاءنا وهم من يحيطوننا برعايتهم وحبهم وعطائهم، واننا كلما أعطينا كلما نجنا اكثر وكنّا مصدر ثقة وإلهام إلى غيرنا، وأنّنا جزء من هذا العالم نثبت مكانتنا بقدر ما نعطي من خير.
كما وقبل أنّ نتصف بالأنانية، علينا أن ندرك أيضاً أنّ هؤلاء الذين لا نكترث ﻷمرهم ولا نشركهم في سعادتناونجاحنا، هم من يجب أن نبقى بصحبتهم وليس الأناس باردي العواطف المحبي لذاتهم المتعالين عل الآخرين، الذين ينظرون إلى غيرهم نظرة فوقية وكأنهم وجدوا لخدمتهم كعبيد فقط، فالعطاء فضيلة لا تتقدّم عليها أية فضيلة أخرى.