من أهم أسباب العواطف السلبية التي نعاني منها، والعامل الرئيسي الذي يدفعنا لإلقاء اللوم والغضب والنقمة، والخوف والريبة، والحسد والغيرة، هو العجز عن التسامح، أو عدم الغفران لشخص نشعر أنَّه أساء إلينا بطريقة أو بأخرى.
تأثير التسامح على مراحل النمو
خلال نموّنا في مرحلة الصّغر، نمّر بمرحلة يُعتبر العدل فيها أمراً مهماً للغاية بالنسبة لنا، ونركّز كثيراً على مفهوم “الإنصاف”، وينتابنا الضيق من أي موقف في حياتنا لا يبدو لنا أنَّه يتّسم بالعدل والإنصاف، ويقع فيه ظلم علينا أو على أي شخص يعنينا أو لا يعنينا، كون الأمر إنساني أخلاقي لا يعرف القرابة أو اللون أو العِرق، وخصوصاً إذا كان الأمر يتعلّق بنا شخصياً.
نتيجة عدم التسامح
كلّما شعرنا أنَّنا قد تمَّت معاملتنا دون إنصاف، أو أنَّ أحداً آخر قد تمَّ معاملته بالمثل، دون سبب وجيه لذلك، فنحن نعتبره هجوماً شخصيّاً يُهدّد تقديرنا الذاتي، وعليه فإنَّنا نتخذ رد فعل غاضب وناقم، وهذه مرحلة طبيعية للتطوّر خلال نموّنا لكي نعبرها وننتقل إلى مرحلة أخرى من الرشد والنضج.
على الرغم من ذلك، فبعض الأشخاص يثبتون عند هذه المرحلة ولا ينضجون أبداً في مراحل متقدّمة، فإذا لم نتعلّم أهمية وضع مآسينا كصغار جانباً، فسوف نمضي إلى مرحلة النضج، ونحن نحمل كمّاً هائلاً من التجارب التي لم يمحيها التسامح.
إذا لم نكن حريصين، فسوف نبني حياتنا عبر التمحور حول غضبنا على الأشخاص الذين نشعر بمسؤوليتهم عن شيء قاموا به ولا نتَّفق معهم فيه.
يقضي كثير من الأطباء النفسيين والمحللين النفسيين، عمرهم المهني بكامله في مساعدة الأشخاص على مواجهة تجارب الماضي والحاضر غير السعيدة، وكيفية التعامل معها وتجاوزها.
أكثر القرارات قوّة والتي يمكننا اتخاذها، ومن شأنها أن تحرّرنا من أفكارنا السلبية، هي أن نسامح أي شخص قد يكون أساء إلينا ذات مرّة على أي وجه، وذلك عن طريق تحرير الشخص الآخر من عقولنا، بالتسامح والغفران وقتها يكون بوسعنا أن نحرّر أنفسنا من قيود الغضب والحقد والكره والانتقام.
لهذا السبب تحرص جميع الأديان والمواثيق والاتفاقيات الدولية جميعاً، على ضرورة التسامح كخطوة أولى نحو الوصول إلى سلام النفس والنعمة الدنيوية والسلام للناس جميعاً، فجميع الحروب على مَرّ التاريخ، كانت نتيجة أخطاء ارتكبها أشخاص لم يستطيعوا التحلّي بفضيلة التسامح، فدفع الكثيرون نتيجة حقدهم وكرههم .