من لا يدخل معترك الحياة يأمن جانبها، معتقداً أنها قدّمت كلّ ما في جعبتها وأنه أصبح بمأمن عنها، ولكن الحقيقة تبدأ تكشف عن أنيابها بمرور الوقت، فالعقبات والمصاعب أمر لا مفرّ منه، وكلمّا تقدّمت بنا السن وازددنا معرفة قلّ غرورونا وأصبحنا نبحث عن الحقيقة والمعرفة بشكل أكبر، فالغرور المعرفي هو نتاج للثقة الغير مبرّرة والتفكير المحدود وعدم الإبحار بعيداً في متاهات المعرفة.
ما الفئة التي تظهر فيها مشكلة الغرور المعرفي والتقدير المبالغ فيه للذات؟
إنّ مشكلة الغرور المعرفي والاعتداد بالذات أصبحت ظاهرة بارزة لدى الشباب أو الجيل الجديد، كونهم لا يستمعون لآراء الجيل الأكبر منهم سنّاً، معتقدين أنهم يعرفون أموراً لا يعرفونها رغم أسبقية خبرتهم في الحياة، كما وتفسّر حالات الغرور والاعتداد بالنفس التي يبديها البعض، حالة من الشفقة والسخرية كون التصرفات الصادرة منهم هي ثقة غير مبّررة لا يملك صاحبها أي معرفة كانت.
إنّ عدم درايتنا بمساحة جهلنا هي معوّق واحد فقط من معوّقات التفكير السليم، فنحن أيضاً نعاني من مشاكل فكرية كثيرة تضعنا على المحك، وذلك لاعتقادنا الجازم بأننا على حقّ على الرغم بأننا مخطئين بكل ما فيها الكلمة من معنى، وهذا من عيوب التفكير التي تعتبر تطرّفاً فكرياً تقود صاحبها إلى الجهل والتحيّز الخاطئ.