من بين الأشياء التي تنمّ عن مدى صعوبة أن يغفر المرء، ومعاناة البشر كلهم في محاولة هذا، هو الكمّ المتاح من الكتابات حول هذا الموضوع، فهناك عدد هائل من الكتب والمقالات والأبحاث والأمثلة والنصائح التي تتحدّث عن الغفران، كون العديد منّا يجد صعوبة في تقبّل موضوع الغفران وخاصة إذا ما شكّل هذا الأمر أذى نفسي يمتدّ لفترة طويلة أو قد يرافقنا طيلة العمر.
كيف يعبر الآخرون عن الغفران؟
إنّ معظم من تحدّثوا وأسهبوا في موضوع الغفران تحدّثوا به من وجهة نظر دينية، فهم يرون أنّ الغفران عملاً روحانياً، ويتحدثون من خلال حكمهم أنّ الغفران أمر متعلّق برضى الله وكلّ واحد منهم يفسّر الأمر بناء على قيمه الدينية والأمور الفلسفية التي يؤمن بها، وهذ أمر يعتمده البعض من جانب ديني بحت، لاعتقادهم أن الغفران أمر مرتبط بالخالق وأن الجائزة لا يتم منحها من البشر فقط.
كما وعبّر آخرون عن موضوع الغفران بصبغة استشارية، وتم تناول الموضوع من ناحية نفسية، حيث تم التركيز على ما يعود علينا من أثر سلبي عندما نرفض الغفران، وعلى ما يعود علينا من صحّة عقلية لو تعلمنا أن نصفح عن أخطاء غيرنا، فنجد أن جميع المفكرين والحكماء والمتدينين ينادون بالغفران وأنه وسيلة لصفاء الروح والسمو بها بطريقة روحانية نفسية تعلو عن التفكر البدائي، وان أمر التسامح والغفران أمر نقي خالص يتصف به من يمتازون بالقرب من القوى الخارجية التي تسيّر حياتنا.
ما سبب عدم شعور الناس بالسكينة التي تصاحب الغفران؟
من بين الأسباب الرئيسية التي تجعل كثيراً من الناس لا يشعرون بالسكينة التي تصاحب الغفران، هو أنهم لا يفهمون معناه بشكل كامل، فتعوّقهم تصرفاتهم الخاطئة لماهية التسامح والغفران عن حتّى مجرد المحاولة، فالغفران من الأمور التي تتطلب منّا أن نعرف حقيقته وأنه عمل إنساني بحت يدلّ على طيبتنا وإنسانيتنا، وعدم التفاتنا إلى الشر، “الغفران عمل متواصل، وليس حدثاً مؤقتاً” روز سويت.
لا أحد يستطيع أن يلومنا على الغفران، فهو أمر مطلوب كونه يسمو فوق الطاقة والاحتمال، ومن يتصف بفضيلة الغفران عليه أن يوضّح للآخرين أنه قادر على التسامح وأنه أكبر من أن يحقد لمجرد إساءة، فالغفران فضيلة يمتاز بها الخيّرون.