عندما نقوم بتجميع والأخذ بالرأي ذو الأسبقية مع الرأي الأقرب، نفهم وقتها كيف للأفكار غير المنطقية أن تسيطر على عقولنا لمجرّد أننا عرفناها واتبعناها ونحن في سنّ صغيرة، أو سمعناها من أقرباء نثق بهم ونعيش في كنفهم منذ الصغر، دون التأكد من مصداقية وصلاحية الأخبار والأفكار التي نتبنّها بشكل غير دقيق.
الأفكار الخاطئة تضعنا في معتقل فكري لا يمكننا الخروج منه:
عندما يصل أحدنا إلى سن الرشد مع الكمّ الهائل من المعلومات الخاطئة، تكون الأفكار السائدة في مجتمعه قد أحكمت سيطرتها على شخصيته وطريقة تفكيره، لدرجة يتم وضع الأفكار اللامنطقية منها في سياق ذهني مختلف، لا ينفع معها أي نقاش منطقي أو استدلال عقلاني، ونادراً ما ينعتق أحدهم من هذا المعتقل الفكري ويشكّل قناعاته الشخصية الخاصة.
لهذا السبب الكثير من المجتمعات تقوم على تشويه عقول أطفالها بمعنى الكلمة بحكم الأسبقية والأقرب فالأقرب، وتنزع منهم بمرور العمر نعمة التفكير الناقد والتحليل الموضوعي المجرّد، وتقتل الروح الإبداعية التي تطالب بالتغيير، وحين ينعتق أحدهم من عبودية الكثرة، يصعب عليه مخالفة رأي الأغلبية والتصريح بها علناً بأي تفسير منطقي يعارض ما توافق عليه المجتمع، فهو في النهاية إنسان ذكي ويدرك جيداً نتيجة الخروج على المجتمع ومخالفة اعتقاد توارثته الأجيال.