ما هو المنظور البيولوجي؟

اقرأ في هذا المقال


هناك العديد من الطرق في علم النفس؛ مثلاً النهج أو المنظور، يتضمن المنظور افتراضات معينة مثل المعتقدات حول السلوك البشري، كما أنّ الطريقة التي يعمل بها النهج تستحق الدراسة ويجب التركيز على طرق البحث المناسبة لإجراء هذه الدراسة.

ما هو المنظور البيولوجي؟

أساس المنظور البيولوجي هو النظرية القائلة بأن التغيرات الفسيولوجية تؤثر بشكل مباشر على سلوك الفرد، يعتقد العديد من مؤيدي هذا المنظور أن التغيرات السلوكية تحدث على المستوى الجيني وهي نتيجة مباشرة للتغيرات التطورية التي تحدثها التكيفات في بعض الكائنات الحية التي تمنحها ميزة البقاء على قيد الحياة، ركز العديد من علماء النفس البيولوجي على السلوك غير الطبيعي وحاولوا تفسيره من منظور فسيولوجي، على سبيل المثال يعتقدون أن الفصام يتأثر بمستويات الدوبامين.
اقترح تشارلز داروين لأول مرة فكرة أن الجينات والتطور يساهمان في العديد من الصفات البشرية بما في ذلك الشخصية، يتم تعريف علم الأحياء على أنه دراسة الحياة بينما يفحص علم النفس العقل البشري وعملياته، خاصة تلك التي تؤثر على السلوك، يربط المنظور البيولوجي علم النفس البيولوجي وعلم النفس من خلال التركيز على تحليل السلوك البشري بناءً على الأدلة البيولوجية والفيزيائية.
يسعى المنظور البيولوجي إلى تحديد الجوانب النفسية للسلوك البشري بالنظر إلى الأدلة من الدراسات الجينية والعصبية وكذلك دراسات الجهاز المناعي، المعروف أيضاً باسم علم النفس البيولوجي وقد لعب دور رئيسي في علم النفس منذ البداية، لقد تطورت تكنولوجيا دراسة الجهاز العصبي والدماغ بشكل كبير مع إمكانية الوصول إلى أدوات مثل التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني والتصوير بالرنين المغناطيسي مما يجعل المنظور البيولوجي في علم النفس ذو أهمية متزايدة؛ المنظور البيولوجي وثيق الصلة بعلم النفس من خلال ثلاثة مجالات للبحث وهي:

  • طريقة المقارنة: من خلال دراسة أنواع مختلفة من الحيوانات، يمكن مقارنة سلوكها تحت محفزات مماثلة بالبيانات البشرية التي تعزز فهم السلوكيات البشرية.
  • علم وظائف الأعضاء: يبحث في كيفية عمل الجهاز العصبي والهرمونات ويحدد كيف يعمل الدماغ ويحدد كيف يمكن للتغييرات في هيكل ووظيفة هذه الأنظمة أن تؤثر على السلوك.
  • الميراث: يحقق في السمات التي يرثها الأبناء من آبائهم ويبحث في آلية وراثة السمات في الحيوانات.

الافتراضات الأساسية للمنظور البيولوجي:

  • يتم تحديد السلوك من خلال علم النفس البيولوجي.
  • هناك أساس وراثي لجميع السلوكيات.
  • معظم السلوك له وظيفة تكيفية أو تطورية.
  • تعود أصول السلوكيات إلى مواقع محددة من الدماغ.
  • من أجل فهم السلوك البشري من الضروري تضمين الدراسات على الحيوانات.

نقاط القوة والضعف في المنظور البيولوجي:

من خلال فهم الأساس الفسيولوجي للسلوك، من الممكن علاج الاضطرابات السلوكية بالعلاج الكيميائي (التدخل الدوائي) أو الجراحة النفسية (إصدارات أكثر تعقيد من استئصال الفص باستخدام فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي)؛ يسمح استخدام النظرية التطورية بتطوير تفسيرات عقلانية للسلوكيات غير القابلة للتفسير.
لا يترك مجال للتأثيرات البيئية وتجارب الحياة على السلوك ويفسر بشكل ضعيف الإيثار، إنّ المنور البيولوجي اختزالي؛ لأنه ينظر فقط إلى سبب واحد وهو السبب الفسيولوجي للسلوك أو الاضطرابات العقلية، بالتالي يبسط المرض، صورة من عشرينيات القرن الماضي تحاول ربط أنواع الدماغ بالسلوك الإجرامي؛ سميت النظرية بالحتمية البيولوجية، إلا أنّ الفكرة تسببت في مشاكل اجتماعية.

النظريات المساهمة في تطوير المنظور البيولوجي:

هناك نظريات رئيسية ساهمت في تطوير المنظور البيولوجي لعلم النفس، تطلّب تطوير هذه النظريات منظور واحد يشرح العلاقة بين علم النفس وعلم وظائف الأعضاء، يتم تحليل كل سلوك ومزاج بشري تقريباً من خلال المنظور البيولوجي لأصله الفسيولوجي؛ تمت دراسة السلوك الإجرامي والاكتئاب والسعادة واضطرابات الشخصية على نطاق واسع من خلال هذا المنظور.
يُعتقد أن السعادة ترجع إلى جودة الخبرة التي يقدمها نظامنا العصبي، تحدد شخصية الشخص إدراكه للتجربة معينة؛ ينتج الاكتئاب عن موقف مؤلم يؤدي إلى تغيير الجهاز العصبي للشخص مما يؤدي إلى إفراز أو تثبيط إفراز نواقل عصبية معينة، لا يزال المنظور البيولوجي لعلم النفس مجال دراسي تم استكشافه بقوة خاصة مع التقدم التكنولوجي بما في ذلك أدوات المسح المتطورة التي تسمح بفحص أعمق لعلم وظائف الأعضاء البشرية.

  • الازدواجية: نظرية وضعها رينيه ديكارت؛ قرر أنه على الرغم من أن الجسم والعقل منفصلان، إلا أنهما يتفاعلان من خلال الغدة الصنوبرية في الدماغ، تم تجاهل هذه النظرية من قبل العديد من علماء النفس.

  • المادية: تفترض هذه النظرية جانباً مادياً لكل السلوك، فهي تستند إلى دراسات وراثية حيوانية وبشرية تشير إلى أن الجينات تطورت على مدى فترات طويلة من الزمن.
  • الوراثة: تفترض هذه النظرية أن السمات السلوكية تنتج عن نقل الخصائص من خلال نقل الجينات من جيل إلى جيل.
  • الانتقاء الطبيعي: تم تطوير هذه النظرية من قبل تشارلز داروين الذي اقترح فكرة أن الاختلافات العشوائية في الكائنات الحية تؤدي إلى نجاح إنجابي أفضل يضمن انتقال هذه السمات إلى الأجيال اللاحقة.
  • السلوك الإجرامي: اعتبر علماء النفس البيولوجي على نطاق واسع أن السلوك الإجرامي يرجع إلى حد كبير إلى الوراثة وأن الكثيرين كانوا يؤيدون تحسين النسل، فهي حسب اعتقادهم نظرية لتحسين الجنس البشري من خلال التعقيم الإجباري للمجرمين والمتخلفين عقلياً وغيرهم ممن يُعتقد أنهم أن يكونوا غير أكفاء اجتماعيين بسبب وراثة الصفات غير المرغوب فيها.

ما يجب معرفته عن المنظور البيولوجي:

يتعلق المنظور البيولوجي بالطريقة التي يتصرف بها الناس من حيث كيف أصبحوا؛ من هذا المنظور تؤثر الجينات في جسم الإنسان على طريقة تفاعلهم مع مواقف معينة أو الطريقة التي يتصرفون بها في مواقف مختلفة، هذا يعني أن الجينات التي تم نقلها إلى هذا الفرد نتيجة لوالديه ستؤثر على الطريقة التي يتصرفون بها طوال حياتهم؛ من ناحية أخرى يبحث هذا المنظور في الطريقة التي يعمل بها الجهاز العصبي والجهاز المناعي لفهم الأساس الذي يستمر الجسم في التطور والعمل من خلاله، من خلال فهم هذه الجوانب من الجسد.
يُعتقد أن الفرد سيكون قادر على فهم سبب تفاعلهم بالطريقة التي يتصرفون بها ولكنه يسلب بعض الحرية التي يعتقد الكثيرون أنهم يتمتعون بها؛ وفقاً للمنظور البيولوجي تكون الإجراءات أقل نتيجة اختيار فردي وأكثر نتيجة لخلفية وراثية، هذا يجعل من الصعب تغيير الإجراءات في ضوء أكثر إيجابية ولكن ليس مستحيل؛ ففي كثير من الحالات يمكن استخدام هذا المنظور لاكتساب فهم شامل للسلوكيات البشرية.
يدور المنظور البيولوجي حول الطريقة التي يكون بها الشخص، بدلاً من الاعتقاد بأن العوامل الخارجية تساعد في تشكيل الفرد؛ يعتقد هذا المنظور بدلاً من ذلك أن الجوانب الداخلية للفرد أكثر أهمية بكثير لأفعاله، يعتبر هذا المنظور كذلك التأثيرات الخارجية على الفرد أقل تأثير وليست ذات تأثير على طريقة ظهورها، من هذا المنظور فإن الاهتمام والاهتمام اللذين يُمنحهما الفرد عند تربيته وحتى في حياته البالغة لن يؤثر عليهما بقدر تأثيرهما على ما ينص عليه رمزه الجيني، غالباً ما يُعتبر هذا عيب في المنظور البيولوجي؛ حيث تتم دراسته وتمت معالجته مع استمرار استخدام هذه النظرية.

المصدر: الانسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيممبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسفعلم النفس العام، هاني يحيى نصريعلم النفس، محمد حسن غانم


شارك المقالة: