اقرأ في هذا المقال
يعد القلق جزء صحي من الحياة إذا كان ضمن المستوى الطبيعي، وهذا حتى يحافظ الفرد على أن يكون حذر في سلوكه وأفعاله، وإنما في كثير من الأوقات يتخطى القلق المستوى الطبيعي، ويؤثر على ناحية من نواحي الحياة ويحطمها، أكان هذا الانسحاب يتعلق في ارتباط اجتماعي أو وظيفي أو أسري أو عاطفي.
ما هو قلق الانفصال عند الكبار؟
تعد اضطرابات القلق من مشاكل الصحة النفسية الأكثر انتشار، فالقلق هو الإحساس بحالة متواصلة من التوتر والخوف نتيجة تخمين وقوع حدث خطير، والذي من المحتمل أن يكون خطر واقعي أو وهمي.
وهذه المشكلة هي اضطراب نفسي، يشتكي فيه المصاب من التوتر والذعر من الانفصال عن شخص ما أو مجموعة من الأشخاص أو حتى عن حيوان، بمعنى المبالغة في إبراز الهلع والخوف عند التعرض لأي نوع من أنواع الانفصال، سواء عن شخص ما أو بيت أو شيء، ويتفاوت مستوى هذا القلق بين الإحساس بعدم الراحة السابق للانفصال وبين القلق والخوف الكامل، وذلك بتفاوت مستويات تفاقم الحالة المرضية.
لا تعد هذه المشكلة عند الرضع اضطراب قلق الانفصال، ولكنه هو قلق منطقي ناجم عن عدم استعابه لاستمرارية الأشياء، بمعنى عدم إدراكه أن الشيء يبقى موجود، حتى عندما لا يكون أمامه، بمعنى أنه يظن بأن أمه عندما تخرج فإنها لن تعود مره أخرى، مع هذا أسلوب تعامل الأم مع قلق الانفصال عن الرضيع له تأثير في تطوير هذه المشكلة في مراحل العمر اللاحقة.
مثل معظم أنواع الاضطرابات، يمكن أن يبرز هذا النوع من القلق عند الكبار خلال مرحلة الطفولة، ويمتد معهم في مراحل العمر المتنوعة أو يمكن أن يظهر لدى الكبار بصورة مفاجئة بعد تعلقهم بشخص بشكل مرضي.
أشكال قلق الانفصال عند الكبار:
هذا الاضطراب له أشكال مختلفة وكثيرة، وتتفاوت حسب الفرد أو الأمر الذي يكون محل القلق، والذي يسبب إمكانية الانسحاب عنه محفز لمظاهر هذا الاضطراب، ومن هذه الأشكال:
قلق الانفصال عند الأمهات:
إذ تشتكي جزء من الأمهات من هذا الاضطراب تجاه أطفالهن بصوره مبالغة، من ناحية القلق من تركهم أو مواجهتهم لأي أذى، فتبدو حذره للوجود بشكل مستمر بجوارهم في البيت خوف من ضياعهم أو سرقتهم أو مواجهتهم للضرر وهم صغار وقد يتفاقم الأمر عند الأم للتواصل بأولادها بشكل دائم حتى تطمئن عليهم بعد أن يصبحوا في عمر كبير، وقد تشتكي عندما يستقلون عنها وبالتحديد إذا انتابها شعور أنهم أصبحوا أكثر بُعداً عندما تزوجوا.
قلق الانفصال عند الطفل:
يعتبر هذا النوع من القلق عند الأطفال من أكثر الأشكال شيوعاً، ويمكن أن تبدأ بروز هذه المشكلة في عمر 2 اعتباراً أن تعلق الطفل في أمه قبل هذا العمر شيء طبيعي ويمكن أن يستمر فترة طويلة حتى بعد الزواج.
قلق الانفصال عن شريك الحياة:
يُعد الطلاق بمستوى انهيار للحياة الأسرية، وتصل نتائجه على المستوى الاجتماعي والمادي والعاطفي والأسري، لهذا يكون عند بعض الأشخاص، وبالتحديد النساء ذو الحساسية النفسية المفرطة واستقلالية ضعيفة.
قلق الانفصال عن شخص قريب:
قد يشتكي البعض من هذا الاضطراب والانفصال عن زميل أو أخت أو أخ أو جدة أو جد أو عن أي شخص يمكن أن يكون قريب منه بصورة خاصة.
قلق الانفصال عن أمر ما:
على سبيل المثال قد يعاني الفرد من قلق الانفصال عن بيته، إذ ينتابه شعور بالخوف والذعر غير المفسر عند الابتعاد عن البيت أو قد يكون هذا النوع من القلق موجه نحو الحيوانات الأليفة.
قلق الانفصال العاطفي:
يعد هذا النوع كذلك منتشر للغاية، فقد يكون هناك شاب يعاني من هذا الاضطراب والخوف المرضي من الانفصال عن شريكته العاطفية، ويكون بسبب الخوف من الفراغ العاطفي الذي سوف يتركه عدم وجودها، وكذلك الأمر عند الفتيات.
أسباب اضطراب قلق الانفصال:
عامل الجينات:
يُعد هذا العامل من أسباب بعض أشكال هذا الاضطراب، مثل وجود ماضي في الأسرة لمثل هذه الحالة عند أحد أفراد العائلة.
عامل البيئة:
تُعد الأسباب الاجتماعية والبيئية من الأسباب البارزة لظهور هذا الاضطراب، وهذا نتيجة تأثر الفرد منذ طفولته بالبيئة المحيطة، على سبيل المثال عند تربية الطفل في أسرة تفرط في استجابتها وخوفها عند سفر أحد الأفراد، أو تعرضه لأي أذى ولو كان تافه فقد يتسبب ذلك إلى حدوث حالة مستمرة من القلق والتوتر عند الطفل يمكن أن يتفاقم ويصل إلى هذا الاضطراب والذي قد يمتد مع مراحل عمره، أيضاً خسارة شخص مقرب، يعد كذلك من الأسباب التي تجعل صاحب هذا الحدث خائف وقلق من تكرر هذه الخبرة المؤلمة، ويتفاقم هذا القلق لهذا الاضطراب.
عوامل شخصية:
مثل أي ظروف أو أحداث يمكن أن يتسبب في حدوث تحول كبير في حياة الفرد، فقد يظهر هذا الاضطراب بسبب مواقف مؤلمة حدثت للشخص في حياته، مثل طلاق والديه أو وفاة شخص عزيز.
التعلق المفرط:
مثل حالة القلق المرضي من الانسحاب العاطفي الذي يعد أكثر شيوع من الأشكال الأخرى، فأن مشاعر التعلق وحب شخص ما يتسبب بنقص في إمكانية الشخص في تقبل فكرة الابتعاد عنه، كذلك لارتباط هذا بمشاعر الغيرة والخوف من الخيانة العاطفية وحب التملك والتهديد في الانسحاب، وكل هذه الأمور تسبب في بروز هذا الاضطراب.