إنّ العواطف الخاصة بنا، وتعصبنا الأعمى، وطغيان العاطفة وإيماننا المطلق، وقلّة الخبرة أمثلة لعناصر ومؤثرات خارجية تمنعنا من التفكير بشكل سليم ومحايد، وهناك الكثير من العناصر التي تلعب دوراً أساسياً في تشكيل أفكارنا ومعتقداتنا الشخصية، وهناك عناصر أخرى كثيرة تلعب نفس هذا الدور دون أن نعي وجودها أصلاً.
التحيّز والتفكير المؤدلج:
بسبب تأثير الثقافة والمجتمع علينا، نجد دائماً أننا نفكّر لا بهدف الوصول للحقيقة، بل لإثبات وجهة نظرنا ومناصرة الأفكار التي يتبناها المجتمع، وهذا النوع من التحيّز نجده رائجاً بين الأشخاص الذين يتم وصفهم بالمتشددين فكرياً ودينياً من حيث القناعات الموجودة أصلاً، ولكن النتائج يتم بلورتها بشكل آخر لإثباتها على الصورة التي تتناسب مع أفكارهم المتطرفة.
إنّ ما نحتاجه فعلاً هو أن نبدأ عملية التفكير الإبداعي المسؤول بمعزل عن الرأي المسبق، ومحاولة إثبات القناعات الخاصة، وهذا بالضبط ما يقوم بفعله العلماء في المختبرات، حيث يقومون بالبحث عن الحقيقية المجرّدة دون نيّة رفض إثبات رأي أو معتقد مسبق، فعملية إثبات وجهات النظر بشكل موضوعي والأخذ بالرأي الأرجح، تعتبر قمة التحضّر والفهم الصحيح للواقع الذي نعيشه.
الغرور والتمركز حول الذات:
جميعنا نتمحور حول أفكارنا وندافع عن آرائنا الخاصة بنا، وهذا ليس أمراً مشيناً بل أحد عيوب التفكير التي تمنعنا من رؤية الجوانب الأخرى ووجهات النظر المختلفة، فلطالما افترضنا أننا على صواب، فما الذي يمنع الآخرين من أن يكونوا على صواب مثلنا؟ وحين نكون على صواب فعلاً، هل يعني هذا أنّ الآخرين كانوا على خطأ؟ أليس من الأفضل والأسهل لنا أن نبدأ دائماً بفرضية أننا على خطأ، فنظرية المؤامرة والتمركز حول ذاتنا تجعلنا نشكّ بكلّ ما حولنا.
القبول بأقرب وأبسط الحلول:
عندما يقوم أحدنا بالتفكير بإحدى المشاكل، يتبلور في ذهنه بشكل مباشر حلّ سريع يقوم بتبنيه فوراً كونه الأقرب لمفاهيمه وخبراته السابقة، والخطأ هنا هو أننا لا نتوقّف للتفكير بوجود احتمالات أكثر ومسببات أعمق للمشكلة بل نقوم بالدفاع عن رأينا الأقرب والأبسط بشكل مباشر، وما نحتاجه فعلاً هو أن نقوم بمحاكاة خبراء البحث العلمي الذين يقومون على وضع عدد كبير من الاحتمالات والفرضيات، ثم يبدأون بمناقشتها والتأكد منها واحدة تلو الأخرى.