يوجد العديد من المبادئ التي تهدف إلى تنمية وتطوير عمليّة توجيه سلوك طفل الروضة، ويجب أن يكون المعلم على دراية بهذه المبادئ؛ لأنها تساعده في عملية توجيه سلوك أطفال الروضة بصورة أكثر فاعليّة.
الإعداد لعملية توجيه سلوك طفل الروضة
تُعتبر عمليّة ملاحظة أطفال الروضة الخطوة الأولى في عمليّة التوجيه الفعّال، فعندما يقوم المعلم بمتابعة سلوك أطفال الروضة وملاحظتهم في مواقف عِدّة وتسجيل هذه الملاحظات، فإن ذلك يُساعد المعلم في عمليّة فهم الأطفال.
ويجب على المعلم أثناء تعامله مع أطفال الروضة أن لا يكون لديه أيّ تحيُّز مبني على العِرق أو المظهر أو الجنس؛ وذلك لأنَّ قيم المعلم واتجاهاته تُؤثر في عمليّة فهمه لأطفال الروضة، لذلك يجب على المعلم أن يكون أكثر موضوعية في تعامله مع الأطفال.
إنَّ قيام المعلم بالتخطيط مع زملاء العمل يُساعده في عمليّة فهم أطفال الروضة، وذلك عن طريق تبادل الملاحظات التي تمَّ جمعها سابقاً ومناقشة الحلول الممكنة.
ومن الأمور المهمة التي تعمل على تحقيق التوجيه الفعّال عدم تحدُّث المعلم مع زملائه أو الأهالي، أثناء أوقات العمل إلا للضرورة القصوى أو بعد إنهاء برنامجه اليومي؛ وذلك لأنَّ حاجات أطفال الروضة تُعتبر من أهم الأولويات التي يجب على المعلم أن يُعطيها اهتماماً كبيراً.
كما يتطلّب من المعلم عند جلوسه مع أطفال الروضة أن يكون بمستوى أطوالهم؛ فهذا يشُدُّ انتباه الأطفال أكثر، ويُسهِّل عمليّة تقرُّب الأطفال من المعلم، كما يجب على المعلم عدم مقاطعة الأطفال خلال انشغالهم بتنفيذ الأنشطة الصفيّة إلا في حال أراد المعلم إضافة ملاحظة أو معلومة معيّنة.
كما ينبغي على المعلم أن يعمل على تنمية استقلاليّة الأطفال وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وذلك من خلال تشجيعهم على المبادرة في التفاعل وأن لا يقوم المعلم بأي عمل يُمكِن للأطفال إنجازه بأنفسهم.
مبادئ عملية توجيه سلوك طفل الروضة
توجيه سلوك طفل الروضة يعتبر جزءًا هامًا من عملية تنمية شخصيته وتطوره. في هذه المرحلة العمرية، يبدأ الأطفال في استكشاف العالم من حولهم واكتساب المهارات الاجتماعية والعاطفية التي تؤسس لبناء سلوكياتهم المستقبلية. لذلك، فإن التوجيه السليم يساعد في تشكيل سلوكهم بشكل إيجابي وداعم. يرتكز توجيه السلوك على مبادئ تربوية نفسية تهدف إلى تعزيز القيم الإيجابية وتجنب السلوكيات غير المقبولة بطريقة تعتمد على الفهم والتواصل مع الطفل.
1. التربية الإيجابية وتشجيع السلوك الجيد
من أهم المبادئ في توجيه سلوك الطفل هو تعزيز السلوك الإيجابي عن طريق المدح والتشجيع المستمر. الأطفال في مرحلة الروضة يستجيبون بشكل كبير للتعزيز الإيجابي، حيث يمكن للأهل والمعلمين مدحهم عندما يظهرون سلوكاً جيداً، سواء كان ذلك في تعاملهم مع الآخرين أو احترامهم للقواعد.
على سبيل المثال، عندما يتصرف الطفل بشكل جيد أو يتعاون مع زملائه، يجب مدحه بكلمات مثل “أنت رائع لأنك شاركت ألعابك مع صديقك!” هذا النوع من التشجيع يعزز السلوكيات الإيجابية ويزيد من احتمالية تكرارها.
2. وضع قواعد واضحة ومحددة
يحتاج الأطفال إلى معرفة ما هو متوقع منهم، ولهذا السبب يجب وضع قواعد واضحة وبسيطة تناسب أعمارهم. الأطفال في هذه المرحلة العمرية يتعلمون من خلال الروتين والقواعد المحددة، لذلك يجب أن تكون القواعد مفهومة وسهلة التنفيذ.
مثلاً، يمكن وضع قواعد مثل “نغسل أيدينا قبل الأكل” أو “نتحدث بلطف مع أصدقائنا”. يُفضل أن يتم شرح هذه القواعد للأطفال بطريقة مرحة ومرنة، مع تكرارها عند الحاجة حتى تصبح جزءاً من سلوكهم اليومي.
3. التواصل المفتوح والمباشر
من الضروري أن يتعلم الأطفال في سن الروضة كيفية التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بشكل واضح. التحدث مع الأطفال بطريقة بسيطة ومفهومة يساعدهم في التعرف على مشاعرهم وفهم تصرفاتهم. على سبيل المثال، إذا كان الطفل يشعر بالغضب أو الإحباط، يمكن للأهل أو المعلم أن يسأله: “لماذا تشعر بالغضب؟ كيف يمكننا أن نجعل الأمور أفضل؟” هذا الحوار يساعد الطفل على تعلم حل المشكلات وفهم أن هناك طرقاً للتعبير عن المشاعر بشكل إيجابي.
4. استخدام تقنيات التعلم من خلال اللعب
اللعب هو وسيلة قوية لتعليم الأطفال وتوجيه سلوكهم. في مرحلة الروضة، يتعلم الأطفال من خلال اللعب، ولذلك يمكن استخدام الألعاب لتنمية مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية. اللعب الجماعي يعلم الأطفال التعاون، المشاركة، واحترام الآخرين، مما يعزز سلوكيات إيجابية.
يمكن مثلاً تقديم ألعاب تعليمية تعزز مفهوم التعاون، مثل الألعاب التي تتطلب من الأطفال العمل كفريق لتحقيق هدف مشترك. كما يمكن استخدام القصص والألعاب التفاعلية لتوضيح السلوكيات المرغوبة وغير المرغوبة.
5. الصبر والاتساق
الأطفال في سن الروضة قد يختبرون حدودهم بشكل متكرر، وهو جزء طبيعي من تطورهم. لذلك، من الضروري أن يتحلى الأهل والمعلمون بالصبر والاتساق في تطبيق القواعد والتوجيهات. الاتساق في التوجيه يساعد الطفل على فهم أن هناك عواقب محددة للسلوكيات غير المرغوبة، ولكنه في الوقت ذاته يحتاج إلى الصبر لأن الأطفال قد يستغرقون وقتًا للتعلم.
مثلاً، إذا قام الطفل بكسر قاعدة ما، يجب توجيهه بلطف وإعطاؤه فرصة لتصحيح سلوكه بدلاً من العقاب الفوري. الهدف هو أن يتعلم الطفل من أخطائه بدلاً من أن يشعر بالخوف أو القلق.
6. تجنب العقاب البدني والتركيز على الحوار
العقاب البدني ليس وسيلة فعالة لتوجيه سلوك الأطفال، وقد يؤدي إلى زيادة العناد أو التمرد. بدلاً من ذلك، يفضل استخدام الحوار والتفاهم لتصحيح السلوكيات الخاطئة. يمكن أن يتم ذلك عن طريق التحدث مع الطفل حول تصرفه وما يمكن فعله في المستقبل لتجنب هذا السلوك.
على سبيل المثال، إذا قام الطفل بضرب أحد أصدقائه، يمكن للأهل أو المعلم التحدث معه حول كيف يؤثر ذلك على مشاعر الآخرين، وكيف يمكنه التعامل مع غضبه بطريقة أخرى مثل التعبير بالكلمات أو طلب المساعدة من الكبار.
7. تنمية مهارات الاستقلالية وتحمل المسؤولية
جزء من توجيه سلوك الطفل هو تعليمه تحمل المسؤولية عن أفعاله وتعزيز استقلاليته. الأطفال في هذه المرحلة يمكن أن يُطلب منهم القيام بمهام بسيطة تناسب أعمارهم، مثل ترتيب ألعابهم أو المساعدة في إعداد الطاولة. هذه الأنشطة تعزز لديهم الشعور بالمسؤولية وتساعدهم في تطوير مهارات التنظيم والانضباط.
من المهم أن يشجع الأهل والمعلمون الأطفال على القيام بمثل هذه المهام ويثنون عليهم عند إتمامها، مما يعزز الثقة بالنفس ويشجعهم على القيام بمزيد من الأنشطة المستقلة.
8. القدوة الحسنة
الأطفال يتعلمون عن طريق التقليد، ولذلك يجب على الأهل والمعلمين أن يكونوا قدوة حسنة في سلوكهم. إذا رأى الطفل سلوكاً إيجابياً من قبل الكبار المحيطين به، سيكون أكثر استعداداً لتقليد هذا السلوك. على سبيل المثال، إذا شاهد الطفل معلمه يحترم الآخرين ويتعامل بلطف، سيتعلم أن يتصرف بنفس الطريقة.
توجيه سلوك طفل الروضة يعتمد على مبادئ تربوية تعتمد على الحب والتفاهم والتوجيه الإيجابي. من خلال تعزيز السلوكيات الجيدة، ووضع قواعد واضحة، والصبر والاتساق، يمكن للأهل والمعلمين مساعدة الأطفال في هذه المرحلة الحساسة على بناء أساس قوي لشخصياتهم وسلوكهم المستقبلي. توجيه سلوك الطفل في هذه المرحلة ليس فقط متعلقًا بتصحيح الأخطاء، بل بتعليمه مهارات الحياة التي سترافقه في مختلف مراحل نموه.