معايير تشخيص اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

اقرأ في هذا المقال


يتم تشخيص اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة ضمن شروط تابعه للدليل التشخيصي والإحصائي، وإذ يقدم هذا الدليل خطوطاً إرشادية لتشخيص اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة والاضطرابات النمائية أو السلوكية أو الانفعالية الأخرى، وذلك من خلال عرض قائمة من الأعراض التي قد تدل على الاضطراب، وكذلك مجموعة من المعايير لتحديد فيما إذا كان الفرد يعاني من اضطراب ما.

معايير تشخيص اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

ومن المعايير التشخيصية لمثل هذه الحالات يتم من خلال الكشف عن عدد الأعراض الظاهرة، وسن الفرد لدى حدوث الأعراض، ومدة استمرار الأعراض ودرجة الخلل الذي تسببه الأعراض، ودراسة الاحتمالات البديلة المحتملة لتفسير الأعراض، إضافة إلى ذلك يمكن تشخيص فرد على أنه مصاب باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، فقط عند استمرار هذه الأعراض لمدة (6) أشهر على الأقل مسببة خللاً ما في بيئتين أو أكثر.

ويرجح أن تتفاوت درجة الخلل عبر البيئات وحتى ضمن البيئة الواحدة، وذلك وفقاً لمتطلبات مدة الانتباه وحداثة الحالة ومستوى التنظيم أو الإشراف المقدم، من جانب آخر يتوجب أن يكون الخلل شديداً على نحو يكفي لإحداث خلل في الأداء الاجتماعي أو الأكاديمي أو الوظيفي، وإضافة إلى ذلك فإنه يمكن تشخيص الأطفال ذوي الحاجات النمائية الخاصة على أنهم مصابون باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة.

غير أنه يتوجب على الاختصاصي دراسة فيما إذا كانت الأعراض غير منسجمة مع المستوى التطوري للفرد وليس مع عمره الزمني، إذ يعتقد دائماً أن اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة يبدأ في مرحلة الطفولة، ومن هنا فعلى الرغم من إمكانية إجراء التشخيص لأفراد يزيد عمرهم عن سبع سنوات، فإنه ينبغي أن يتمكن الاختصاصي من إثبات أن بعضاً من الأعراض المسببة للخلل كانت موجودة قبل سن السابعة.

وإن أعراض عجز الانتباه وفرط الحركة والاندفاعية تعتبر محددة، وأنها قد تحدث في اضطرابات عصبية تطورية أو نفسية أخرى، ومن هنا ينبغي على اختصاصي التشخيص لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة إذا كانت الأعراض مجرد جزء من اضطراب تطوري عام، من مثل التوحد أو من فصام الشخصية أو اضطرابات ذهانية أخرى، وإضافة إلى ذلك يعاني الكثير من المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة من اضطرابات انفعالية أو نفسية.

مدى انتشار اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

يُقدّر أن اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة يصيب من (3%- 5%) من الأطفال ممن هم في سن المدرسة، وأما نسبة الإصابة لدى الذكور فهي تقريبا أربعة أضعاف نسبة إصابة الإناث، وذلك على الرغم من تفوق عدد الذكور على عدد الإناث بهامش أكبر في بيئات التحويل في أغلب الأحيان، وتعزى الزيادة في عدد تحويلات الذكور للمعالجة على الأرجح إلى الزيادة في حدوث اضطرابات السلوك الفوضوي والسلوك العدواني واضطرابات التصرف.

أما نسبة الانتشار لدى المراهقين والراشدين فلا زالت غير محددة تماماً الاعتقاد، بأن اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة يبدأ دائماً في مرحلة الطفولة، فإن دراسات التاريخ التطوري وطبيعة اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة تقدم دليلاً على أرجحية انتشاره لدى هاتين الفئتين، إذ يقدر أن ما نسبته (50%-70%) من الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة تستمر لديهم الأعراض التشخيصية، لهذا الاضطراب عندما يصبحوا مراهقين، وأن ما نسبته (8%-33%) تستمر لديهم الأعراض إلى سن الرشد.

وهناك نسبة أكبر منهم قد تستمر لديها بعض أعراض هذا الاضطراب عندما يصبحون راشدين، وهذا الأمر يجعلنا نفترض نسبة انتشار بمعدل (1.5%- 4%) لدى المراهقين (1%- 2%) لدى الراشدين، وقد وجدت الدراسات التي اعتمدت معايير الدليل التشخيصي والإحصائي أنه من 2% إلى أكثر من 5 % من الأطفال في مرحلة ما قبل سن المدرسة قد تحققت لديهم المعايير التشخيصية لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة.

السمات المصاحبة لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

يعاني الأطفال ذوو اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة من صعوبات في تعديل سلوكهم، وتنظيمه استجابة للمتطلبات المتغيرة لبيئتهم، ولذلك فهم يواجهون صعوبات في تطوير وتنفيذ خطط لأداء السلوكيات لتحقيق الأهداف، من مثل ارتداء الملابس قبل الذهاب للمدرسة وحل الواجبات إضافة إلى ذلك، فحتى عندما يكونون تعلموا خطة أو استراتيجية في موقف معين، فإنهم يواجهون صعوبة في تعلم استخدام الخطة أو الاستراتيجية في مواقف أخرى مشابهة.

حيث تظهر لديهم صعوبات في إدراك عواقب السلوك وفي الإفادة من الأخطاء السابقة، كما أنهم يظهرون ضعفاً في تحمل النشاطات الصعبة أو المحبطة، ويغلب عليهم مواجهة مشكلة في المواقف التي تتطلب رضى متأخراً من مثل انتظار الفرد لدوره لذلك يبدو أنهم دائماً تعوزهم الدافعية لكل النشاطات، سوى تلك التي توفر لهم تحفيزاً أو إثارة أو تعزيزاً.

وتشيع هذه السمات جداً لدى الأطفال ذوي اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، لدرجة أن بعض الباحثين افترضوا أن التأخر في تطور القدرة على منع الاستجابات وليس قلة الانتباه، قد يكون المشكلة الأساسية في اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، ومن المعروف أن الأطفال ذوي اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة أكثر عرضة للمشكلات السلوكية والوجدانية والاجتماعية والأكاديمية الأخرى.

ففي كل من بيئتي الرعاية الأساسية والطب النفسي يتبين أن حوالي (67 %) من الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة يواجهون مشكلات كبيرة متعلقة بالسلوكيات السلبية والعدائية نحو الأهل أو نحو الأفراد المهمين الآخرين، وإذ أنه في أحيان عديدة يكون هؤلاء الأطفال والذين يمكن تشخيص اضطراب المقاومة العدواني لديهم سريعي الانفعال، وكثيراً ما يميلون إلى عدم الالتزام بالأنظمة، وإلى الإحساس بالغضب أو الضيق بشكل سهل من قبل الآخرين، وإلى تحميل الآخرين مسؤولية أخطائهم.

ومن جانب آخر تظهر نسبة أقل لكنها كبيرة أيضاً، ومن الأطفال ذوي اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة (20% – 30%) سلوكيات تعدي على الحقوق الأساسية للآخرين مثل الاعتداء المتكرر على الآخرين، والقسوة مع الحيوانات أو سلوكيات تخرق الأعراف الاجتماعية الرئيسة بالنسبة لسنهم مثل السرقة وإتلاف الممتلكات، ويجدر بنا أن نأخذ سلوك هؤلاء الأطفال واضطرابات التصرف لديهم بعين الاعتبار، حيث إنهم معرضون كثيراً لخطر الانحراف في مرحلة المراهقة وإلى خطر السلوك الإجرامي.

وفي مرحلة الرشد عادة ما تسهل ملاحظة أعراض اضطرابات السلوك الفوضوي، والتي يشار إليها أحياناً بمصطلح اضطرابات السلوك الخارجي أو الظاهري لدى الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، وأما الاضطرابات الداخلية أو الانفعالية من مثل القلق أو الحصر النفسي أو اضطرابات الطبيعة المزاجية أو الكآبة، فغالباً ما يتم إغفالها.

من هنا يعتبر الكشف عن الحصر النفسي واضطراب الطبيعة المزاجية والكآبة عنصراً مهما في تقييم اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، وذلك لسببين يتمثل السبب الأول في أن العديد من الأطفال ذوي اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة مصابون أيضاً باضطراب الطبيعة المزاجية أو الكتابة أو الحصر النفسي، ويقدر الباحثون أن (20%-30%) من الأفراد المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة يعانون أيضاً من اضطراب التوتر أو الحصر النفسي.

أما التقديرات بالنسبة لاضطرابات الطبيعة المزاجية أو الكآبة فتتفاوت على نحو أكبر، إذ تتراوح بين (10%) إلى أكثر من (40%) من الأفراد المصابين بعجز الانتباه وفرط الحركة، فقد تدعو الحاجة في مثل هذه الحالات لعلاج كل من اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة واضطراب الحصر النفسي أو الطبيعة المزاجية أو الكآبة، وذلك من أجل تحسين المخرجات.

أما السبب الثاني فيكمن في أن اضطراب القلق أو الحصر النفسي والطبيعة المزاجية، قد يكون هو المسبب الرئيس لقلة الانتباه أو لعدم الدافعية أو لشرود الذهن لدى هؤلاء الأطفال وليس اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، وهذا الأمر له أهمية خاصة في حالة إبلاغ المراهقين والراشدين عن ظهور صعوبات جديدة عند إتمام المهمات أو اتباع التعليمات.

إذ يرجح ظهور اضطرابات المزاج أو الكآبة والقلق أو الحصر النفسي في مثل هذا السن، وليس بسبب اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، وقد يصعب على الاختصاصي التشخيص تحديد فيما إذا كان اضطراب الطبيعة المزاجية أو الكآبة أو القلق والحصر النفسي موجوداً إلى جانب اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، أو فيما إذا المسبب لأعراض قلة الانتباه أو الاندفاعية أو فرط الحركة، وقد تسبب الصعوبات التعلمية أعراضاً تشبه أعراض اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة.

وفي الختام قد تصاحب هذه الصعوبات التعلمية اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، فقد يبدو الأطفال ذوي الصعوبات التعليمية الذين لا يستوعبون مهمتهم الصفية غير منتبهين، أو أنهم قد يفتقرون إلى الدافعية بسبب فشلهم المتكرر، ومن هنا فقد تكون استجابتهم لهذا الموقف عن طريق إزعاج الأطفال الآخرين، أو الميول إلى الهزل في الكثير من الأوقات أو إعطاء إجابات ظريفة أثناء الحصة الدراسية كوسيلة لتجنب القيام بالمهمة.


شارك المقالة: